تُواصل الحكومة المصرية حثّ خُطاها في اتّجاه التطبيق الكامل لوصْفة «صندوق النقد الدولي»، من أجل الحصول على قرض استثنائي جديد تأمل أن تستطيع من خلاله مواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. وفي آخر إجراءاتها على هذا المسار، عمدت الحكومة، أمس، إلى تحريك أسعار المحروقات صعوداً، بنسبة مخالفة حتى للقانون المحلّي، وهو ما بدأت تداعياته بالظهور سريعاً، في ارتفاع تعرفة ركوب وسائل النقل العام
جرى رفع أسعار المواصلات عقب زيادة أسعار البنزين والسولار
وسيكون القرض الذي حصلت القاهرة على موافقة مبدئية بشأنه هو الرابع منذ عام 2016، وذلك بعدما حصلت على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات في العام المذكور، ثمّ قرضَين آخرين في عام 2020 بقيمة تقترب من 8 مليارات دولار من أجل مواجهة تداعيات جائحة «كورونا»، فيما انخفض احتياطي مصر من النقد الأجنبي بنحو 10 مليارات دولار، على رغم المساعدات الخليجية خلال الفترة الماضية. وتقدّر الحكومة المصرية التي تَستخدم الاحتياطي النقدي في الاستيراد، احتياج البلاد إلى نحو 10 مليارات دولار شهرياً بعد الارتفاع الكبير في الأسعار وتكاليف الشحن نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية، علماً أن عمليات تضييق واسعة النطاق تجري على الاستيراد منذ أسابيع، وأدّت إلى نقص في الأدوية المستوردة وتعطُّل مصانع، وعرقلة إدخال منتجات مستورَدة تأتي في مقدّمتها السيارات التي قفزت أسعارها بصورة غير مسبوقة نتيجة نقص العرض.
وتعاني الحكومة من فجوة تمويلية تصل إلى 18 مليار دولار تقريباً بنهاية العام المالي الجاري في 30 حزيران 2023، وهو رقم كبير تعوّل على تعويضه من عمليات بيعٍ وشراكات في عدد من القطاعات التي تمتلكها وتديرها، إلى جانب القرض الجديد من «صندوق النقد الدولي»، في حين سيكون على البنك المركزي سداد مليارات الدولارات في تشرين الأول وشباط المقبلَين. ولا ينوي البنك التخلُّف عن سداد أيّ ديون تحت أيّ ظرف، في قرار سياسي اتّخذه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهذا ما دفع إلى دراسة بدائل لتأمين تسديد الديون، من بينها موافقة الحكومة على مضض على طرح سندات دولارية بفائدة مرتفعة، وهو خيار لم تكن تحبّذه، ولكنّها اضطرّت للجوء إليه عبر طرح أذون خزانة لأجل عام بفائدة 15% على الجنيه، قبل إجازة عيد الأضحى مباشرة.
حتى الآن، ليست ثمّة رؤية حكومية واضحة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية للأزمة العالمية، على رغم ما جرى إعلانه في مؤتمر صحافي قبل أسابيع، من بيع وطرح أصول للاستثمار بقيمة 10 مليارات دولار سنوياً. ولا تمتلك الحكومة التي يفترض أنها باقية حتى نهاية العام الجاري، أيّ خطط مستقبلية يمكن أن تشرحها للرأي العام، فيما يخشى المواطنون من ارتفاع جديد في الأسعار في المراحل المقبلة.
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار