آخر الأخبار
الرئيسية » الأخبار المحلية » الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأسد إلى روسيا كانت من أفضل الزيارات … الوزير المقداد في حوار شامل : الأجواء الدولية باتت أقل عدائية وهناك إدراك عربي بأن الأوضاع الحالية لا تفيد أحداً

الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأسد إلى روسيا كانت من أفضل الزيارات … الوزير المقداد في حوار شامل : الأجواء الدولية باتت أقل عدائية وهناك إدراك عربي بأن الأوضاع الحالية لا تفيد أحداً

| سيلفا رزوق – تصوير طارق السعدوني

الأحد, 10-10-2021

أكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن التغير بالنسبة للعلاقة بين سورية ومحيطها العربي بدأ منذ زمن، وهذه التغيرات مرتبطة بالتطورات الدولية، التي أقنعت المزيد من الأشقاء العرب بأن التضامن العربي والوقوف إلى جانب بعضها بعضاً، قد يساعدان بعض هذه الدول على تجاوز الظروف الصعبة التي مرت وتمر بها، وأنه لا يمكن لهذه الدول أن تضمن مستقبلها بالاعتماد على الدول الغربية وضماناتها، مشدداً على أن الحوار العربي– العربي لم ينقطع، معبراً ومن خلال اللقاءات الأخيرة الكثيرة التي جرت من قبل وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تفاؤله بأن تبدأ حوارات أكثر عمقاً وأكثر فائدة وأن تجري لقاءات سورية عربية خلال الفترة القادمة، ولاسيما أن هناك إدراكاً أكثر من جميع الأطراف بأن الأوضاع الحالية لا تفيد أحداً، وبأن المخططات الغربية تهددنا جميعاً، ولا تريد الخير لنا، وهي تريد التغيير بما يسمح بالهيمنة والسيطرة للدول الغربية والولايات المتحدة على مقدراتنا.

المقداد وفي حوار مطول أجراه مع «الوطن»، بيّن أن ما تسعى له سورية الآن هو أن تكون العلاقات العربية- العربية علاقات طيبة لمصلحة البلدان العربية، وألا تقوم على تنازع عربي– عربي، وإنما على تنازع مع من يحاول إيذاء المصالح العربية، فعدونا الأساسي ليس الدول العربية، عدونا الأساسي هو «إسرائيل»، مؤكداً أن ما تتمناه سورية هو أن نضع الماضي خلفنا لننظر إلى الحاضر والمستقبل.

وعبر الوزير المقداد عن تأييد سورية للحوار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول العربية في الخليج، وأي دولة عربية تريد بناء علاقات طيبة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو إذا رغبت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في أن نكون أيضاً مساعدين وميسرين لأي حوار، فسورية جاهزة لذلك، لأنها تؤمن بشكل دقيق بأن التضامن العربي الإسلامي هو الطريق الصحيح لمواجهة التحديات التي تعترضنا جميعاً.

ولفت الوزير المقداد إلى أننا في سورية، نعاني ثلاث قضايا: الاحتلال التركي للشمال الغربي من سورية، ودعم تركيا للإرهاب، ثانياً الاحتلال الأميركي للشمال الشرقي من سورية ودعم الولايات المتحدة لحركة انفصالية واهمة، وثالثاً العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على سورية للنيل من سيادتها واستقلالها، وهذا عمل غير مقبول دولياً ويتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة ومع قوانين العصر الحديث، وهذه العقوبات اللاإنسانية المفروضة على سورية، والتي أوصلت بعض مواطنينا إلى حافة الفقر والجوع أحياناً، والصفوف الطويلة على أبواب المخابز أو عند محطات الوقود، هي نتيجة أساسية لهذه العقوبات اللئيمة وغير المسبوقة، مشدداً على أن ما لا يمكن أن «نتسامح به هو هذه العقوبات والدعم الذي تقدمه الدول الغربية للإرهاب في سورية لقتل الأبرياء والمدنيين».

وكشف الوزير المقداد أن الأجواء الدولية خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير كانت في هذه المرة أقل عدائية، و الكثير من الدول لم تتطرق إلى الموضوع السوري على الإطلاق، مضيفاً: «كنا نشعر في قراءتنا بين السطور لمعظم البيانات التي ألقيت، بأن العالم يتفهم أن الأزمة التي فرضت على سورية هي أزمة مفتعلة وهدفها تخريب الدولة السورية، ودعم الإرهاب ودعم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة، وهذا بدأ يتراجع بشكل ملحوظ».

الوزير المقداد بيّن أنه عندما حضر وفد لبناني من ثلاثة وزراء ومعنيين آخرين إلى سورية مؤخراً، كان الهدف الأساسي هو وقوف سورية إلى جانبهم، بما أن بلداً عربياً يعاني مشاكل الغاز والطاقة الكهربائية وعدم توافر المحروقات، فإن سورية ستقف دائماً إلى جانبه، مبيناً أن سورية لا تسعى لتحسين وضعها الاقتصادي على حساب الآخرين، بل تسعى لأن نكون جزءاً لا يتجزأ من وضع عام يشعر فيه الإنسان في هذه المنطقة في الوطن العربي بأن مصيره مرتبط بمصير الآخرين وبأننا عندما نسعى إلى النهضة يجب أن ننهض معاً.

وعبر وزير الخارجية والمغتربين عن تفاؤله خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة، بأن تكون هنالك خطوات من خلال الجهد الاقتصادي الذي تبذله الدولة السورية، ومن خلال انفتاح عربي حتى لو كان بسيطاً، لكي نتجاوز جميعنا الصعوبات المعيشية التي نعانيها.

الوزير المقداد كشف أن الزيارة الأخيرة التي قام بها سيادة الرئيس بشار الأسد إلى الاتحاد الروسي كانت من أفضل الزيارات، وقال: «نحن لا نختلف إطلاقاً مع حلفائنا في الاتحاد الروسي على الأولويات التي يجب أن نطّلع بها كلانا في مواجهة الإرهاب، وفي مواجهة ما يخالف ميثاق الأمم المتحدة ويعرقل سيطرة الدول على ترابها الوطني». مؤكداً أنه آن الأوان لتركيا بأن تنسحب من الشمال الغربي لسورية، وأن تتيح المجال لحل يضمن علاقات طبيعية بين سورية وتركيا بعد زوال هذا الاحتلال، الذي يعيق أي تقدم في أي مجال من التعاون، لذلك قبل أن يتأخر الوقت ويفوت، على القيادة التركية أن تعي أن الوقت ليس في مصلحتها، وأن سورية ستبذل الغالي والرخيص من أجل تحرير أرضها سواء كان بطرق سليمة أم بطرق يعرفها المجتمع الدولي بشكل جيد.

ووصف الوزير المقداد المشهد في شرق الفرات بالبسيط جداً، مبيناً أن أي مصالح سورية تتناقض مع المصالح الأميركية، أو مصالح أميركية تتناقض مع المصالح السورية هي غير مقبولة بالنسبة للشعب السوري، والولايات المتحدة أكثر من غيرها تعرف ذلك، وتعرف أنها غير قادرة على التلاعب بالبنية الوطنية السورية، وهنالك بعض المرتبطين والأدوات كانت تستجدي الولايات المتحدة وبعض الأعضاء من الكونغرس من المتطرفين الذين يكرهون هؤلاء ويكرهون كل المنطقة، لأن لا همَّ لهم في هذه المنطقة إلا «إسرائيل»، مؤكداً أن على هؤلاء مرة أخرى أن يعودوا إلى رشدهم، لأنهم لن يستفيدوا من هذه التحركات، وأضاف: «لدينا الكثير من السبل التي ستقنع الأميركيين بالرحيل عن بلادنا، لذلك أنا أقترح عليهم أن يرحلوا من دون خسائر، أو أن يسببوا المشاكل لسورية، فسورية بمساحتها ذات الـ185 ألف كيلو متر مربع، هي أراض مقدسة ويجب أن تعاد للدولة السورية».

ولفت الوزير المقداد إلى أن شعب سورية سيضحي وقد ضحى وجيش سورية على استعداد وكل المواطنين السوريين على استعداد للتضحية من أجل بلادهم، مبيناً أن الأميركيين إذا كانوا يعتمدون على بنية إثنية فهذا رهان خاسر، لأن «أشقاءنا الأكراد هم من أصل البنية الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية لوطننا، ولا يمكن أن يسمحوا هم بالذات لأقلية أن تتحكم بهم تحت أي شعار كان» معبراً عن قناعته بأننا مقبلون على تحقيق إنجاز آخر في الشمال الشرقي من سورية.

أما فيما يتعلق بما يسمى هجرة الصناعيين السوريين فاعتبر الوزير المقداد أن الأمر مبالغ به، وقال: «أنا أسمع عن بعض الأعداد، وأقول إنه مبالغ به كثيراً، وإنه إذا ذهب أي اقتصادي سوري إلى جمهورية مصر العربية أو إلى أي بلد آخر فهو في بلده، وهكذا نتطلع نحن في سورية إلى هؤلاء وأي استثمارات سورية في جمهورية مصر هي استثمارات ستعود في نهاية المطاف خيراً على رجال أعمالنا وعلى الوضع في سورية».

وأوضح الوزير المقداد بأنه ليس المقصود أن يتم منع أحد من المواطنين من الاستثمار في بلدان عربية أخرى، «لكننا ندعو كل هؤلاء المواطنين للاستثمار في بلدهم ولاسيما بعد إصدار قانون الاستثمار الجديد، حيث أصبحت الظروف أفضل والأمراض التي كنا نعانيها سابقاً ستوضع خلفنا، لذلك أصبحت الأجواء الاستثمارية في سورية مغرية وبعد حل بعض المشاكل الأساسية المتعلقة بالبنى التحتية والطاقة وغيرها أعتقد أن طريق العودة لهؤلاء يجب أن يكون معبداً في كلا الاتجاهين، لأن الاستثمار في سورية سيصبح شيئاً مغرياً، ولن ينضم فقط السوريون إلى هذا الاستثمار، بل إننا نسعى إلى جذب استثمارات هائلة من الدول العربية في الخليج وفي مصر وفي المغرب العربي ومن مناطق أخرى في العالم، والتي بدأت تتواصل معنا بالفعل، وأنا هنا لا أريد أن أفصح عن هذه الأطراف، لكنهم بدؤوا يتواصلون معنا للعودة للاستثمار في سورية بعد تهيئة بعض المستلزمات الضرورية لإعادة البناء».

وفيما يلي نص المقابلة كاملةً

• نبدأ من التحركات والتصريحات العربية المتواترة تجاه سورية ما الذي تغير وما حدود التواصل العربي مع سورية برأيك؟

أود أن أؤكد أن البعد العربي في الإستراتيجية الدبلوماسية السورية كان دائماً موجوداً وسيبقى.

في عام 2011 أصيبت المنطقة العربية بهزة لم يسبق لها عبر التاريخ وأنا لا أبالغ بذلك، ضاعت الخرائط وضاعت الرؤى وانقلبت المعايير، وطبعاً في تلك المرحلة كان هناك رهان كبير على تغيير الوضع العربي وهذا ما كانت تحلم به بعض الدوائر الغربية، وأنا أذكر في اجتماعات كثيرة لدى الأمم المتحدة كان الدبلوماسيون الغربيون يقولون لنا بشكل مكشوف، «لقد غيرنا العالم فأين الاتحاد السوفييتي، وأين الكثير من الدول التي كانت قائمة، ولماذا لاتتغيرون»، وكان هذا السؤال يطرح في الكثير من اجتماعات مع الدول العربية، وكنا نقول لهم بأن التغيير مسؤولية شعوب الدول، وأي عملية لا يمكن فرضها على هذه الدول، وكانوا في أثناء ذلك كما أنا متأكد يعمقون تحالفاتهم مع قوى كانوا يعتقدون بأنها قادرة على إحداث هذا التغيير وخاصة تحت شعار الدين.

تحالفت القوى الغربية التي تدعي أنها علمانية مع الإخوان المسلمين ومع مجموعات إسلامية إسلاموية متطرفة، وكانوا يريدون قلب الأوضاع، وبدأت الأحداث كما تعرفون في ليبيا وفي مصر وفي تونس ودول عربية أخرى، ويبدو أنهم أيضاً كانوا يتواصلون مع قوى معينة على الساحة السورية سواء عبر اتصالات مباشرة مع تنظيمات إسلاموية متطرفة أم عبر ما يسمى بعض المنظمات التي كانوا يستغلون مشاعر أعضائها ويحاولون ربطها بالمخططات الغربية غير عابئين بمصالح شعوب هذه المنطقة، لكن السؤال لماذا هذا التغيير المطلوب من دول أوروبا الغربية هل لمصلحة الشعوب العربية ونحن نتحدث عن شعب عربي واحد في سورية، هل لمصلحة الدول العربية؟

كنا نعرف أن الهدف الأساسي المطلوب هو تغيير مواقف الدول العربية والقيادات العربية وخاصة سورية، لأنها تقف حجر عثرة أمام تنفيذ مخططاتهم في المنطقة، وخاصة في إطار الصراع العربي – الإسرائيلي، فهذا ما حدث وكان أن اختاروا الحصان الخاسر وهم الإخوان المسلمون، وهو الحصان الذي ترفضه الجماهير العربية، لأنه حصان واهم وغير قادر على تحقيق الهدف الذي كانت تسعى الدول الغربية إلى تحقيقه.

اليوم وبعد عشر سنوات قاومت فيها سورية ودفعت على حساب شعبها الآلاف من الشهداء من أبناء الجيش العربي السوري ومن الأبرياء في التنظيمات السياسية القومية والتقدمية، التي أعلنت عدم قبولها بالتوجهات الدينية المتطرفة، لأن مجتمعاتنا هي مجتمعات متسامحة وكل الأديان السماوية نزلت في هذه الأرض المقدسة، فلذلك كان التركيز كثيراً على سورية وكان التمويل المالي لا نهاية له للوصول إلى هذا الهدف، فدفعوا ما لا يمكن تخيله على الإطلاق.

• اليوم هناك تغيير في مواقف الدول العربية الأردن يتصدر المشهد على الأرض، والتصريحات المصرية الرسمية تتغير إلى أي مدى انقلب الصورة إذاً؟

أنا كدبلوماسي أقول بأن الماضي يجب ألا يخنقنا وألا يلهينا عن النظر إلى الحاضر والمستقبل، هل نريد أن يستمر الخراب في منطقتنا وأنا لا أتحدث عن سورية لأن سورية صمدت، هل نريد أن يستمر هذا التدمير الممنهج لإمكانياتنا، رضينا أم لم نرضَ الدمار الذي قاموا بفرضه على سورية في مختلف أنحاء سورية دمار لا يمكن تصور مستوى أهواله، وللأسف تم أغلب هذا الدمار بأموال عربية وبدعم في بعض الأحيان من دوائر عربية، أنا ما أتمناه أن نضع الماضي خلفنا لننظر إلى الحاضر والمستقبل، لا يمكن أن نتقدم إلا إذا كان هنالك وعي كامل بأن ما يضر سورية يضر كل الدول الأخرى، هل تشاطرنا هذا الرأي الدول العربية كلها؟

أعتقد أن البعض لا يشاطرنا ذلك، بدليل أن مواقفهم ما زالت كما هي ولم تتغير، لأنهم مرتبطون بقوى أخرى خارج المنطقة العربية، ومازالت تفرض عليهم أو هم ما زالوا يحلمون بهذا التغيير المزعوم.

• هل ينسحب التغيير في المواقف العربية على المملكة العربية السعودية؟

أنا لا أريد أن أتحدث عن أي بلد عربي لأننا نسعى الآن لأن تكون العلاقات العربية – العربية، علاقات طيبة لمصلحة البلدان العربية، وألا تقوم على تنازع عربي– عربي، وإنما على تنازع مع من يحاول إيذاء المصالح العربية سواء في السعودية أم الأردن أو مصر أو الجزائر أو موريتانيا أو السودان فعدونا الأساسي ليس الدول العربية، عدونا الأساسي هو «إسرائيل».

• هل نستشف من كلامك بأن هناك خطوات إيجابية لاحقة نحن بانتظارها من الدول العربية

نحن نؤكد أن التغير بدأ منذ زمن وهذه التغيرات مرتبطة بالتطورات الدولية، التي أقنعت المزيد من الأشقاء العرب بأن التضامن العربي والوقوف إلى جانب بعضنا قد يساعد بعض هذه الدول على تجاوز الظروف الصعبة التي مرت وتمر بها، وأنه لا يمكن لهذه الدول أن تضمن مستقبلها بالاعتماد على الدول الغربية وضمانات الدول الغربية، ماذا حدث لشعب افغانستان؟ وهذا هو المثال الذي طرحه الكثير من الدول في أثناء مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة، والذي كان موضوعاً رئيساً أمام الجميع.

في نهاية المطاف الولايات المتحدة اضطرت للخروج من أفغانستان بعد عشرين عاماً من الاحتلال، ونقرأ في كل يوم مقالات عن أسباب هذا الانسحاب، هم يقولون إن الولايات المتحدة الأميركية فشلت في فرض رؤيتها لإحداث تغيير في الدولة، وفهم المواطن الأفغاني لما يسمى بناء الدولة، أي إنها لم تكن قادرة رغم مرور عشرين عاماً على تغيير بنية الدولة في أفغانستان، وهذا في الحدود الدنيا، لكن ماذا عن رفض الشعب الأفغاني للاحتلال الأميركي وهذه مسألة ثانية، ويجب أن نركز عليها، بالحقيقة رغم كل المبررات التي تعطى للانسحاب الأميركي المذل من أفغانستان، ورغم كل التفسيرات أنا اقول بأن الولايات المتحدة وحلف الناتو هما اللذان هزما من أفغانستان، ومنظر الطائرات الأميركية التي تنقل الناس وقامت بالسير على جثث الكثير من الأبرياء الأفغان، وتعلق البعض بأجنحة الطائرات، كان منظراً يذكرنا بما حدث في فيتنام أثناء نضال الشعب الفيتنامي لنيل استقلاله من الولايات المتحدة، فالتاريخ يعيد نفسه والقيادات والدول أغبى من أن تفسر التاريخ لمصلحة شعوبها للتغلب على العقبات التي تواجهها.

• هذا المشهد الذي تتفضل به يبدو أن دول المنطقة قرأته جيداً، واليوم هناك حوار إيراني سعودي قائم، ما يهمنا هو انعكاس هذا الحوار على الملف السوري.

نحن مع أي حوار عربي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونحن نسمع ونتابع رغبات صادقة من القيادات المختلفة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لإجراء حوار حقيقي وصادق ومفيد مع الدول العربية، ونعتقد أن العدو الأساسي لنا في سورية ولهذه الدول العربية وللجمهورية الإسلامية الإيرانية هو «إسرائيل»، يجب ألا نبتعد عن الهدف الأساسي، وعندما نرى أي خلل في مثل هذه العلاقات، فإن سورية قادرة على التعامل مع كل الأطراف لوضع الأمور في نصابها، لذلك إذا حسنت النيات ونحن نعتقد بأن النيات حسنة، ومن دون أي تدخلات خارجية لمنع هذا الحوار، فنحن نؤيد هذا الحوار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول العربية في الخليج، وأي دولة عربية تريد بناء علاقات طيبة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو إذا رغبت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في أن نكون أيضاً مساعدين وميسرين لأي حوار، فسورية جاهزة لذلك، لأننا نؤمن بشكل دقيق بأن التضامن العربي الإسلامي هو طريق صحيح لمواجهة التحديات التي تعترضنا جميعاً.

• بالعودة للوضع العربي.. هل يمكن أن نشاهد الدكتور فيصل المقداد في القاهرة وفي عمان أو عواصم عربية أخرى، وهل هناك زيارات عربية إلى دمشق قريباً؟

الحوار العربي العربي لم ينقطع لكن كانت هناك عقبات كبيرة تحول دون الوصول إلى نتائجه المطلوبة، هذه هي المشكلة، هل تغيرت الأوضاع كثيراً؟ أنا آمل ذلك، لكن نحن في سورية كنا ولانزال دولة عربية أساسية في صف العربي سواء كنا في الجامعة العربية أم خارجها، وهذا الحوار بدأ ومن خلال اللقاءات الأخيرة الكثيرة التي أجريناها قبل وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنا متفائل بأن نبدأ حوارات أكثر عمقاً وأكثر فائدة لجميع شعوبنا، هنالك إدراك أكثر من جميع الأطراف بأن الأوضاع الحالية لا تفيد أحداً، وبأن المخططات الغربية تهددنا جميعاً، و لا تريد الخير لنا، وهي تريد التغيير بما يسمح بالهيمنة والسيطرة للدول الغربية والولايات المتحدة على مقدراتنا، نعم أنا متفائل بأن نرى مزيداً من هذه الحوارات وهذه اللقاءات خلال الفترة القادمة.

• وهل ننتظر إجماعاً عربياً لعودة سورية للجامعة العربية؟

في بداية الأحداث التي أدت للوضع العربي القلق كان هناك توجهات لم تكن موفقة بالحدود الدنيا لاستبعاد قلب العروبة النابض، وأنا قلت للكثير من الوزراء كيف لكم أن تستبعدوا من إطار العمل العربي المشترك سواء في إطار الجامعة العربية أم غيرها قلب العروبة النابض وهي سورية، هل يمكن للجامعة العربية ان تعمل بلا قلب بغياب سورية، أنا متأكد بأنها عملت بلا قلب، لذلك لم نستفد ولم تستفد الدول العربية من أي جهد مشترك في عمل هذه المؤسسات، نحن نقول بأن الماضي يجب أن نضعه خلفنا ويجب أن نتطلع إلى المستقبل.

أنا أعتقد أن السؤال يجب أن يطرح بطريقة أخرى، هل تستفيد الدول العربية من غياب سورية، أنا أترك الجواب لها.

خلال لقاءاتي الأخيرة التي شملت تسعة وزراء خارجية عرب وهي المساحة الزمنية التي أتيحت لنا، حيث كنا سنجتمع بوزراء خارجية عرب آخرين، لكن الكل كان يشعر بأن غياب سورية عن الجامعة العربية أضر بالعمل العربي المشترك، وأن سورية يجب أن تكون ضمن الجسم العربي اليوم قبل الغد والغد قبل بعد غد وبعد غد قبل اليوم الذي يليه، لذلك يجب أن نشعر دائما بالتفاؤل، وخاصة أن أشقاء عرباً لم يعودوا قادرين على تحمل غياب سورية عن إطار العمل العربي المشترك، وأنا لا أريد أن أقول من هؤلاء الأشقاء من قادة الدول أو وزراء الخارجية العرب، لكن حتى الشارع العربي يفتقد لوجود سورية في مثل هذه المؤسسات صوت سورية صوت عربي حقيقي قولاً وفعلاً هو مدافع عن الحقوق العربية أينما كانت وبشكل خاص الصراع الأساسي الذي يواجه الأمة العربية وهو الصراع العربي الصهيوني.

• كيف كانت الأجواء الدولية في نيويورك تجاه الملف السوري، علماً أن سورية غابت هذه المرة عن كلمة الرئيس الأميركي جو بايدن؟

سورية حقيقة فرضت نفسها خلال هذه الدورة وفي الدورات السابقة على جدول أعمال الأمم المتحدة، صحيح أن التركيز لم يكن على سورية، وخاصة أن التركيز في المرحلة الماضية كان ذا بعد سلبي، طبعاً في هذه الدورة دولتان فقط تناولتا الوضع في سورية بالطريقة القديمة، لكن أعتقد أن هذا كان خارج السرب، لا أريد أن أعلق بشكل تفصيلي على البيان الذي ألقاه الرئيس الأميركي جو بايدن، لكن نحن نعتقد أن كلامه يجب أن يوضع مكان التنفيذ، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، عدم قيام القوات الأميركية بغزو بلدان أخرى، انسحاب القوات الأميركية من بلدان أخرى، ونعتقد أن المثال على ذلك هو أن تنسحب الولايات المتحدة فوراً ومن دون شروط من الشمال الشرقي في سورية، نحن في سورية نعاني من ثلاث قضايا الاحتلال التركي للشمال الغربي من سورية، ودعم تركيا للإرهاب، ثانياً الاحتلال الأميركي للشمال الشرقي من سورية ودعم الولايات المتحدة لحركة انفصالية واهمة، وثالثاً العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على سورية للنيل من سيادتها واستقلالها، وهذا عمل غير مقبول دولياً ويتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة ومع قوانين العصر الحديث، وهذه العقوبات اللاإنسانية المفروضة على سورية، والتي أوصلت بعض مواطنينا إلى حافة الفقر والجوع أحياناً، والصفوف الطويلة على أبواب المخابز أو عند محطات الوقود، هي نتيجة أساسية لهذه العقوبات اللئيمة وغير المسبوقة، وهذه العقوبات نفسها مفروضة على شعوب أخرى في إيران وكوبا ونيغارغوا وفنزويلا، والشعوب في تلك الدول تواجه ما واجهناه، نحن سمعنا عن شطب ستة أصفار من العملة الفنزويلية ونحن لم نصل إلى هنا والحمد لله، ونأمل ألا نصل لذلك، ولكن عندما تحرم الولايات المتحدة والدول الغربية بعقوباتها هذه، الشعب السوري من الدواء وخاصة الأدوية المهمة فهي يجب أن تحاسب على هذه الجرائم ضد الإنسانية لأن المواطن السوري الذي كان يكتفي بالدواء السوري سابقاً بنسبة 80 إلى 90 بالمئة لم يعد قادراً الآن بسبب الإجراءات الغربية الأميركية، على شراء هذه الأدوية بأمواله، والمساعدات التي تصلنا قليلة وهي أيضاً مشروطة في كثير من الأحيان من الدول الغربية، ولكن ما لا يمكن أن نتسامح به هو هذه العقوبات والدعم الذي تقدمه الدول الغربية للإرهاب في سورية لقتل الأبرياء والمدنيين.

الأجواء الدولية كانت في هذه المرة بصراحة أقل عدائية، والكثير من الدول لم تتطرق إلى الموضوع السوري على الإطلاق في كلمات الكثير من الدول الأوروبية ولا في كلمة الرئيس الأميركي ولا في كلمات قادة وزعماء الدول الغربية، علماً أنه شارك أكثر من 130 رئيس دولة في مداولات الجمعية في هذه المرة بشكل مباشر أو بشكل افتراضي وحقيقة كنا نشعر في قراءتنا بين السطور لمعظم البيانات التي ألقيت بأن العالم يتفهم أن الأزمة التي فرضت على سورية هي أزمة مفتعلة وهدفها تخريب الدولة السورية، ودعم الإرهاب ودعم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة وهذا بدأ يتراجع بشكل ملحوظ.

• هذا التراجع في المواقف المعادية الذي تتحدث عنه ألا يوحي بتآكل منتظر للعقوبات والإجراءات القسرية ضد سورية، ما يهم المواطن السوري في النهاية انعكاس هذه التغيرات على الوضع المعيشي على الأرض، وإن ما يقرؤه بالسياسة يريد أن يراه على الأرض؟

ما أريد التأكيد عليه، أننا معنيون بهذه القضايا، وفي كل جلسة لمجلس الوزراء يكون البند الأساسي على جدول أعماله هي الأوضاع الاقتصادية وكيفية وإمكانية تجاوز هذه الأوضاع، ونصطدم دائماً بالعقوبات وبالمشاكل التي تصطنع هنا وهناك، من أجل حرمان السوريين من ثرواتهم.

الجزيرة السورية هي السلة الأساسية للغذاء وللثروات في سورية، والولايات المتحدة تعمل على سرقتها وإعادتها من سورية، عبر شمال العراق إلى تركيا ومن ثم للأسواق العالمية، وهنا يمكن تصور حجم التحدي الذي نواجهه والأسباب الحقيقية التي تكمن وراء الأزمة الاقتصادية.

في عام 2010 كانت سورية تنطلق نحو التنمية كالصاروخ والكثير من العائلات السورية بدأت تتوافر لها كل مسببات الحياة المريحة، لكن عندما بدأت هذه الحرب وبدأ الدمار في سورية، واستهداف المنشآت الاقتصادية والبنى التحتية التي بنتها الدولة السورية، لاحظنا هذا التراجع المريع في مستوى الحياة، وهذا يدفعنا إلى أن نبذل جهداً بالمقابل من أجل إعادة الأوضاع إلى أحسن مما كانت، عليه كما ذكر سيادة الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير بعد أداء القسم.

وبالنسبة للجهود التي بذلناها خلال الأسابيع القليلة الماضية، عندما حضر وفد لبناني من ثلاثة وزراء ومعنيين آخرين والتقيناهم في وزارة الخارجية، كان الهدف الاساسي هو وقوف سورية إلى جانبهم، بما أن بلداً عربياً يعاني مشاكل الغاز والطاقة الكهربائية وعدم توافر المحروقات، فإن سورية ستقف دائماً إلى جانبه، وبما أن الغاز العربي المصري متوافر وأن الكهرباء الأردنية متوافرة فلماذا لا نسعى لإعادة فكرة التكامل العربي، وإلى تقديم مساعدة لشعب عربي في هذه الظروف الصعبة، وخاصة أن بعض الدول عانت كثيراً، وبدت وكأنها على حافة الخطر، وعندما يستفيد لبنان تستفيد سورية ويستفيد العراق وتستفيد الدول العربية في الخليج وتستفيد مصر والدول العربية جميعها، لذلك لا نسعى لتحسين وضعنا الاقتصادي على حساب الآخرين، بل نسعى لأن نكون جزءاً لا يتجزأ من وضع عام يشعر فيه الإنسان في هذه المنطقة في الوطن العربي بأن مصيره مرتبط بمصير الآخرين وبأننا عندما نسعى إلى النهضة يجب أن ننهض معاً، ويجب أن نتعاون من أجل سد الفراغ فيما يتعلق بالصعوبات والعقبات والعراقيل التي تسعى الدول الغربية إلى وضعها أمام تنميتنا.

• سؤالي عن تآكل قريب في العقوبات على سورية مرده وكما تقول معظم التحليلات بأنه مرتبط بالسماح الأميركي بالتحركات المرتبطة بخط الغاز العربي والربط الكهربائي العربي وتحرك الأردن السريع باتجاه فتح حدوده مع سورية بهدف استعادة النشاط الاقتصادي فهل هذا الاتجاه بالتحليل صحيح؟
لا أريد أن أقول ذلك، لكنني أقول بأنني متفائل خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة، بأن تكون هنالك خطوات من خلال الجهد الاقتصادي الذي تبذله الدولة السورية، ومن خلال انفتاح عربي حتى لو كان بسيطاً، لكي نتجاوز جميعنا هذه الصعوبات، أنا لا أتحدث عن وضع قاسٍ فقط في سورية، انظري للبلدان العربية، هناك بعض البلدان التي تحصل على مليارات الدولارات نتيجة العائدات النفطية يومياً، لكن ألا توجد فيها مشكلة كهرباء؟ ألا توجد فيها مشكلة فقر؟، ألا توجد فيها مشكلة اقتصاد؟
إذاً الجميع يعاني، والحل هو أن نعمل معاً وأن يكون أي بلد عربي، عمقاً حقيقاً للبلد الآخر لكي تتحسن الأوضاع، اقتصادياً وسياسياً وثقافياً واجتماعياً.

• جرى اجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في سوتشي، خرج بنتائج غير معلنة، وحتى الآن لم تظهر أي نتائج على الأرض، هل لديكم أي معطيات أو معلومات بقرب انسحاب تركي وفقاً للاتفاقيات التي وقعها مع الجانب الروسي من إدلب ومن الطريق الدولي المعروف بطريق «M4»؟ هل لديكم أي معلومات باتجاه خطوة تركية قادمة بهذا الاتجاه ولاسيما أن روسيا ركزت كل تصريحاتها في الآونة الأخيرة على التأكيد بأن بؤرة إرهابية أخيرة لاتزال موجودة في إدلب ويجب القضاء عليها؟

إذا هذا عنوان يجب أن يؤخذ بشكل جدي، وهناك عنوان تقوم به القوات السورية الروسية المشتركة في مواجهة الإرهاب في منطقة إدلب، وعلى طول الحدود السورية التركية، أنا لا أذيع سراً عندما أقول بأن الزيارة الأخيرة التي قام بها سيادة الرئيس بشار الأسد إلى الاتحاد الروسي كانت من أفضل الزيارات، ونحن لا نختلف إطلاقاً مع حلفائنا في الاتحاد الروسي على الأولويات التي يجب أن نطّلع بها كلانا في مواجهة الإرهاب، وفي مواجهة ما يخالف ميثاق الأمم المتحدة ويعرقل سيطرة الدول على ترابها الوطني.

الدعم الروسي لسورية في هذا المجال غير محدود، ونحن نعتمد على أصدقائنا لعدة أسباب، أولاً لأنهم ملتزمون بميثاق الأمم المتحدة، وبالعمل الدولي، وبتعددية الأقطاب في السياسة الدولية، وثانياً لأنهم يؤمنون بالعمل الجدي ضد الإرهاب، وهذا الإرهاب الذي يضرب في سورية وفي مناطق أخرى من العالم قد يضرب الأتراك وقد يضرب دولاً أخرى، ويجب مقاومته، وانطلاقاً من هذه المبادئ، نعتقد أنه آن الأوان لتركيا بأنه يجب أن تنسحب من الشمال الغربي لسورية، وأن تتيح المجال لحل يضمن علاقات طبيعية بين سورية وتركيا بعد زوال هذا الاحتلال، الذي يعيق أي تقدم في أي مجال من التعاون، لذلك قبل أن يتأخر الوقت ويفوت، على القيادة التركية أن تعي بأن الوقت ليس في مصلحتها، وأن سورية ستبذل الغالي والرخيص من أجل تحرير أرضها سواء كان بطرق سليمة أم بطرق يعرفها المجتمع الدولي بشكل جيد.

ونحن نعي بأن على الاحتلال التركي أن ينتهي، ولا حوار مع المحتل ولا حوار مع من يغتصب الحقوق ولا حوار مع من يدعم الإرهاب، فالمجموعات الموجودة شمال غرب سورية هي مجموعات مصنفة كتنظيمات إرهابية على لوائح مجلس الأمن والأمم المتحدة، هل يشرّف ذلك الشعب التركي؟ أنا أعتقد أن الشعب التركي يعي جيداً أن مصالحه التاريخية مع سورية هي أغلى وأرفع من تحالفات يقوم أردوغان بعقدها مع تنظيمات إرهابية مسلحة لغايات أيديولوجية عفا الزمن عليها، ويجب أن تنهى، لذلك نحن ننصح دائماً أن ينهى هذا الاحتلال، وأن يكون المستقبل هو مستقبل علاقات طيبة كما كان بين الشعبين السوري والتركي.

• المشهد في منطقة شرق الفرات إذا ما نظرنا له وكما يظهر لنا على الأقل، يبدو معقداً، الولايات المتحدة أكدت للوفود «الكردية» التي زارتها بأنها لن تنسحب من سورية، ولن تكرر ما فعلته بأدواتها في أفغانستان، كما أن الحوار بين الحكومة السورية وهذه القوى الموجودة في مناطق شرق الفرات منقطع حالياً، هل فعلاً يذهب المشهد في هذه المنطقة لأن يكون أكثر تعقيداً؟

أنا لا أرى أن المشهد في شرق الفرات معقد لهذه الدرجة، أنا أرى أن المشهد بسيط جداً، إذا كانت الولايات المتحدة تسعى وراء تحقيق بعض المصالح فهذه المصالح لا يمكن تحقيقها بهذه الوسائل، سورية دولة مستقلة، دولة ذات سيادة، وتقوم بتقييم حاضرها ومستقبلها بناء على مصالح شعبها، وأي مصالح سورية تتناقض مع المصالح الأميركية، أو مصالح أميركية تتناقض مع المصالح السورية هي غير مقبولة بالنسبة للشعب السوري.

لماذا ناضلنا عشر سنوات ضد الإرهاب؟ ولماذا دفعنا كل هذه الضحايا والدماء الطاهرة من جيشنا البطل في مقاومة ذلك الإرهاب؟ إن ذلك للحفاظ على سيادتنا واستقلالنا وعلى حقنا في أن نعيش كرماء على هذه الأرض التي تركها الأجداد لنا، نحن سرنا في هذا الطريق لأننا نؤمن بأن أي تدخل خارجي في شؤوننا يتناقض مع مصالحنا هو غير مقبول، والولايات المتحدة أكثر من غيرها تعرف ذلك، وتعرف بأنها غير قادرة على التلاعب بالبنية الوطنية السورية، هنالك بعض المرتبطين والأدوات كانت تستجدي الولايات المتحدة وبعض الأعضاء من الكونغرس من المتطرفين والذين يكرهون هؤلاء، ويكرهون كل المنطقة، لأن لا همّ لهم في هذه المنطقة إلا «إسرائيل»، إذاً على هؤلاء مرة أخرى أن يعودوا إلى رشدهم.

وأنا أقول إنهم لن يستفيدوا من هذه التحركات والكثير من القوى والمجموعات الإرهابية والمراهنين قاموا بمثل هذه الزيارات لكنهم في نهاية المطاف عادوا بخفي حنين، لأنه لا يمكن لهذه الدول إعطاء ضمانات حول المستقبل، ولدينا الكثير من السبل التي ستقنع الأميركيين بالرحيل عن بلادنا، لذلك أنا أقترح عليهم أن يرحلوا من دون خسائر، ومن دون أن يسببوا المشاكل لسورية، فسورية بمساحتها ذات الـ185 ألف كيلو متر مربع، هي أراض مقدسة ويجب أن تعاد للدولة السورية.

شعب سورية سيضحي وقد ضحى وجيش سورية على استعداد وكل المواطنين السوريين على استعداد للتضحية من أجل بلادهم، وإذا كانوا يعتمدون على بنية إثنية فهذا رهان خاسر، لأن أشقاءنا الأكراد هم من أصل البنية الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية لوطننا، ولا يمكن أن يسمحوا هم بالذات لأقلية أن تتحكم بهم تحت أي شعار كان، لذلك أنا أؤكد بأننا مقبلون على تحقيق إنجاز آخر في الشمال الشرقي من سورية.

• حطت طائرتكم في رحلة عودتها من نيويورك في القاهرة والصور التي رأيناها حملت ما يكفي من رسائل سياسية تضاف للرسائل التي حملها لقاؤكم مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، ما الذي جرى بينكم وبين الوزير شكري، وكذلك ماذا عن اللقاء الذي جمعكم برجال الأعمال السوريين في مصر، ولاسيما أن هذا اللقاء تزامن مع إشاعات تحدثت عن هجرة العشرات من الصناعيين السوريين إلى مصر؟

هذا السؤال مهم، وأعتقد أن الأهم هو الحديث الذي دار بيني وبين الأخ الوزير سامح شكري، استعرضنا العلاقات التاريخية بين البلدين، ووجدنا أنه لا يمكن أن نحقق أهدافنا المشتركة إلا معاً، وأنا والوزير شكري قلنا بأن الأمن المصري في التاريخ ومنذ أيام الهكسوس والفراعنة وصولاً إلى الوحدة بين البلدين في إطار الجمهورية العربية المتحدة مرتبط بسورية، وهذا يدل على أننا نملك مصيراً واحداً في كلا البلدين، وأنه لابد من أن نتعاون وأن نتعاضد بأن نحل المشاكل التي يواجهها كل بلد من بلداننا، وأعتقد أن التصريحات التي سمعناها من كل الأطراف مؤخراً تدل على فهم ووعي لهذه الحقيقة، الآن هنالك حوارات ونقاشات يجب أن تتم في المرحلة القادمة، بيننا وبين الأشقاء في مصر والأشياء في الأردن ومع أشقائنا في الدول العربية الأخرى على طريق استعادة الزخم العربي لمواجهة التحديات التي نتعرض لها جميعاً.

أما ما يتعلق فيما يسمى الهجرة فأنا أعتقد أنه مبالغ بها، وأنا أسمع عن بعض الأعداد، وأقول بأنه مبالغ بها كثيراً، وأنه إذا ذهب أي اقتصادي سوري إلى جمهورية مصر العربية أو إلى أي بلد آخر فهو في بلده، وهكذا نتطلع نحن في سورية إلى هؤلاء وأي استثمارات سورية في جمهورية مصر هي استثمارات ستعود في نهاية المطاف خيراً على رجال أعمالنا وعلى الوضع في سورية.

نحن بحاجة الآن للعمل جيداً، وهذا ما تعمل عليه الحكومة السورية من أجل استقطاب كل هذه الطاقات للاستثمار فيها، لأننا نعاني وضعاً خاصاً، وخاصة بعد هذه الهجمة من الإرهابيين الذين دمروا الاقتصاد السوري من دون أن ننسى الدور الذي قام به النظام التركي في تدمير الاقتصاد السوري وخاصة في المنطقة الشمالية من سورية، لذلك ليس المقصود أن نمنع أحداً من مواطنينا من الاستثمار في بلدان عربية أخرى، لكننا ندعو كل هؤلاء المواطنين للاستثمار في بلدهم ولاسيما بعد إصدار قانون الاستثمار الجديد، حيث أصبحت الظروف أفضل والأمراض التي كنا نعانيها سابقاً ستوضع خلفنا، لذلك أصبحت الأجواء الاستثمارية في سورية مغرية وبعد حل بعض المشاكل الأساسية المتعلقة بالبنى التحتية والطاقة وغيرها أعتقد أن طريق العودة لهؤلاء يجب أن يكون معبداً في كلا الاتجاهين، لأن الاستثمار في سورية سيصبح شيئاً مغرياً، ولن ينضم فقط السوريون إلى هذا الاستثمار، بل إننا نسعى إلى جذب استثمارات هائلة من الدول العربية في الخليج وفي مصر وفي المغرب العربي ومن مناطق أخرى في العالم، والتي بدأت تتواصل معنا بالفعل، وأنا هنا لا أريد أن أفصح عن هذه الأطراف، لكنهم بدؤوا يتواصلون معنا للعودة للاستثمار في سورية بعد تهيئة بعض المستلزمات الضرورية لإعادة البناء.

• وهل هذا الأمر بات قريباً ؟

نحن نأمل أن يكون قريباً جداً.

• بعد استقبالك المبعوث الأممي غير بيدرسون بدمشق ولقائك له على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تقررت الجولة السادسة من محادثات جنيف في ١٨ من الشهر الحالي، هل تعتقدون أنه بالإمكان تحقيق أي تقدم خلال هذه الجولة، وهل لا يزال مسار جنيف مرحباً فيه بدمشق؟

كما هو معروف للجميع فإن اللجنة الدستورية كانت نتيجة للحوارات التي جرت في مؤتمر سوتشي، وكانت الدولة السورية متجاوبة مع رغبات أصدقائنا وحلفائنا والمجتمع الدولي بشكل عام.

إلا أن الجانب الآخر الذي ميز حضوره بطرحه لدستور يتناقض مع مصالح الشعب السوري، إضافة إلى التدخلات الخارجية التي حصلت وتحصل، عرقلت أي تقدم لعمل هذه اللجنة حتى الآن.

كما أن تأجيل عقد اجتماع الجولة السادسة عدة أشهر أعطى دليلاً آخر على أن الوفد الوطني لم يكن سبباً على الإطلاق في عدم سير اللجنة بالشكل المطلوب، وقد لاحظ الجميع التسريبات الحرفية التي نشرتها بعض وسائل الإعلام العربية وغيرها والتي تظهر التدخل المباشر من أطراف غربية أو مدعومة من الغرب أدت إلى طرح بعض الأمور المثيرة للجدل، والتي لم يتم الاتفاق عليها، لتظهر حقيقة أن الطرف الآخر، وأنا لا أعني به فريق ما يسمى المعارضة، بل من يدعم هذا الفريق من الدول الغربية وغيرها، هم من كانوا يريدون تحقيق أجندتهم على حساب المصلحة الوطنية السورية.

جرت اتصالات بين الفريق الوطني السوري المشارك في اللجنة الدستورية والمبعوث الأممي الخاص غير بيدرسون، أدت في نهاية المطاف، وكما علمنا، إلى توافق حول طرق وآلية عمل تفتح المجال أمام التوصل إلى نتائج في اللقاءات القادمة.

وعلمنا من الفريق الوطني استعداده لمتابعة الأجواء الإيجابية التي سعى خلال المرحلة الماضية لفرضها على أجواء عمل اللجنة.

وخلال اللقــاءات الأخيــــرة التـــي تـمـــــت مع المبعـــوث الأممـــي الخـــاص غير بيــدرسون، طرحنا معه عدة جوانب تتعلق مباشرة بعمله، أولها الجدية في طرح موضوع الاحتلال التركي للشمال الغربي السوري في منطقة إدلب ودعم تركيــا المفضــوح للمجموعات الإرهابية هنـــاك، سواء كان جبهة النصرة والخوذ البيضاء الإرهابية الملحقة بها أم داعش، إضافة إلى قيام تركيا بممارسات لا إنسانية ولا أخلاقية تمثلت بقطع المياه عن أهلنا بمدينة الحسكة لأشهر طويلة، الأمر الذي يمثل جريمة حرب وجريمة بحق الإنسانية، وعدم قيام الأمم المتحدة بأي رد فعل على هذه الممارسات.

ومن جانب آخر عبّرنا عن إدانتنا للاحتلال الأميركي، لشمال شرق سورية ودعمه لعصابات «قسد» الإجرامية، ونهبه للثروات الوطنية السورية، وكذلك عدم تجرؤ الأمم المتحدة على انتقاد هذه الممارسات الأميركية.

ومن جانب ثالث أثرنا قضية الإجراءات القسرية المفروضة من الولايات المتحدة والغرب على سورية، والتي أدت إلى تجويع وإفقار الشعب السوري، وخلق مشاكل اقتصادية لا حدود لها، وإن هذه الجرائم الأميركية تتناقض مع قرارات الأمم المتحدة التي أكدت دائماً سيادة سورية واستقلالها.

كما أكدنا لبيدرسون أن الفريق الوطني السوري تعاون معه وتجاوب مع مقترحاته بالشكل الذي يخدم المصلحة الوطنية السورية، وأن المعرقل الأساس لعمل اللجنة الدستورية كان الوفد الذي مثل السياسات اللاأخلاقية التركية والغربية.

ونأمل أن تحرز الجولة القادمة من المباحثات التي ستعقدها لجنة مناقشة الدستور في الثامن عشر من الجاري التقدم المطلوب، والذي يخدم مستقبل الشعب السوري، بما يعكس حاجات هذا الشعب وتطلعاته وطنياً وقومياً وإنسانياً.

• سؤالي الأخير مرتبط بالمغتربين السوريين الذين يعانون مثل باقي السوريين فقدان القدرة على الحصول على جوازات السفر من السفارات السورية، هل سيكون هنالك حل قريب لهؤلاء على غرار ما صرح به وزير الداخلية بأن هذه المشكلة ستنتهي قريباً؟

هنالك تواصل يومي مع السيد وزير الداخلية، وأعتقد جازماً بأن ما وعد به سيتحقق، واتفقنا على تزويد سفاراتنا بدءاً من هذا الأسبوع بعدد من الجوازات، وهذا سيساعد على حل هذه المشكلة خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة.

(سيرياهوم نيوز-الوطن)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إيرواني: الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية وصلت لمستوى غير مسبوق من الإجرام

    أكد مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أراضي سورية وصلت إلى مستوى غير مسبوق من ...