- ابراهيم الأمين
- الإثنين 21 كانون الأول 2020
صحيح أن النفوذ الكبير ليهود الغرب يفيد من يتحالف معهم أو يخدم مصالحهم، ومن ضمنها إسرائيل، لكن حكام الخليج يحتاجون إلى هذه المؤسسة لاحتواء أي إشكال يقوم مع الغرب، ولمنع قيام علاقات بين الولايات المتحدة ودول مركزية في المنطقة، من دون الأخذ في الحسبان مصالحهم. صار السعوديون والإماراتيون على وجه التحديد، يتصرفون على أساس أن وجودهم مرتبط بتوفير عناصر الأمان على يد الغرب، وفي مقدمته أميركا. وهم، هنا، يشعرون بأن المعركة الوجودية التي قرروا أنهم في داخلها، تتطلب حرباً من نوع مختلف مع المحور المقابل. وعند هذا الحد، لا تعود العلاقات مع إسرائيل محل نقاش، بل ما يبقى للنقاش هو الشكل والإخراج المطلوب لمنع حصول ما ليس في الحسبان.
في إسرائيل ليس هناك من يتوهم بأن العلاقات مع حكومات الإمارات والسعودية والبحرين والسودان والمغرب كما مع حكومات مصر والأردن وقطر، يمكن أن تنعكس تحوّلاً في المزاج الشعبي في هذه الدول. لا بل إن الاستراتيجيين في كيان العدو، يعرفون أن الحكومات المطبّعة غير قادرة على ضرب فكرة المقاومة حيث تنمو.
عند هذا الحدّ، يصبح المهم والأهم هو المتعلق بالواقع الاستراتيجي الذي يخص المصالح الرئيسية لدول التحالف الجديد. السعودية والإمارات والبحرين مثلاً، هي من الدول التي تخشى على استقرار نظامها السياسي والأمني والاقتصادي أيضاً. وهي تعتقد بأن الحماية الأميركية لم تعد كافية، وأدركت تدريجاً، منذ عام 2011، أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الوجود هنا، ولو بالأجرة. أما إسرائيل التي تدرك أيضاً منذ عام 2006 أنها لم تعد قادرة على خوض الحرب وحدها من دون دعم أميركي، فتظهر الخشية ليس من تمدّد محتمل لمحور المقاومة، وخصوصاً بعد الذي يجري في اليمن، بل من أن انهيار المنظومة الحالية في الخليج العربي سيضيق هامش الحركة الأميركية والأوروبية في هذه المنطقة. وهو ما يتطلّب الحضور الإسرائيلي المباشر. والعارفون بشؤون المنطقة يلمسون أن إسرائيل لم تعد تكتفي بما يردها من معلومات بالواسطة من هذه الساحات. ولم تعد تكتفي بشبكات المتعاونين معها مهما علت رتبهم. صار الوجود المباشر للأجهزة الإسرائيلية المعنية أمراً ضرورياً. وهو يتطلب مشروعية تسهّل الكثير من الأمور التي تبقى معقّدة مهما أتاحت لها الحكومات هوامش للحركة. الى جانب أمر آخر، يتعلق بفئة من المستثمرين الإسرائيليين الذين يريدون هذه السوق مباشرة، أو استخدامها للوصول الى أسواق يصعب الدخول إليها بشكل عادي والتي تمتد شرقاً حتى أفغانستان، وغرباً حتى إفريقيا.
ولذلك، يمكن العودة الى كلام الدبلوماسي المغربي، وفهم الدور السعودي المحوري والأساسي. بمعزل عما يظهر منه إلى العلن الآن أو في أي وقت آخر. السعودية، هنا، باتت حجر الزاوية لهذا التحالف الجديد. وعلى عاتقها مهمات كثيرة. وفي هذا السياق، يمكن فهم التدرّج في الخطوات السياسية وغير السياسية التي يقوم بها حكام آل سعود داخل الجزيرة العربية وخارجها من أجل تثبيت دعائم هذا التحالف.
تنشر «الأخبار» في ما يلي نصّ وثيقة مصدرها البريد السري داخل مراكز الحكم في السعودية، كتبها رئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان إلى رئيسه وليّ العهد محمد بن سلمان، تتعلّق بملف التطبيع مع الإسرائيليين. وهو تقرير يشرح الخطوط العامة للتوجّه السعودي في كيفية التعامل مع هذا الملف.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)