آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » السعوديّة وإيران… اليوم وليس غداً

السعوديّة وإيران… اليوم وليس غداً

 

نبيه البرجي

ندّعي علمنا بالهواجس التي تحكم العقل السياسي في ايران، مع يقيننا ببراعة القيادة هناك بادارة الصراعات وبادارة التسويات. هذا لا يمنعنا، كصحافيين نقرأ ونستقرئ الأحداث، من أن نبدي رأينا، انطلاقاً من قول “محور الممانعة ” ما بعد غزة ليس كما قبل غزة…

هنا السؤال الكبير اذا لاحظنا عدم وجود تلك الحالة الفلسطينية، أو الحالة العربية، أو الحالة الاقليمية التي تتعاطى أوركسترالياً مع الخطط التي يضعها الأميركيون، لتوظيف الدم والخراب في اطلاق مسار يمكن أن يهدد المصالح الجيوسياسية لايران. ولقد تغيرت الظروف كثيراً للرهان على الجنرال زمن في أن يحزم الأميركيون حقائبهم، ويغادروا المنطقة الى مناطق أخرى أكثر حساسية في ديناميكية الصراع حول قيادة العالم.

الثابت أن أحداث غزة أدت الى تخلخل بنيوي في المؤسسة العسكرية، كما في المؤسسة السياسية في “اسرائيل”. هذا لا يعني أن الأمور، وفي ظل الفوضى الاقليمية والفوضى الدولية الراهنة، ستكون لمصلحة المحور. علينا أن نتوقع، والسنة الانتخابية غالباً ما يشوبها نوع ما من الهيستيريا السياسية، سباقاً أميركياً للقيام بما يلزم لتعويم الدولة العبرية، لا من خلال تكثيف ترسانتها العسكرية، أو من خلال احداث انقلاب ايديولوجي في تلك الرؤوس الميتة، وانما باعادة فتح أبواب التطبيع. التركيز على المملكة العربية السعودية كبوابة كبرى نحو مشهدية جديدة على امتداد الشرق الأوسط، وربما أبعد…
هذا بعدما بدا جليّاً أن ما من لاعب دولي في المنطقة سوى اللاعب الأميركي، ولا مطرقة هنا سوى المطرقة الأميركية، وان قيل ان الروس والصينيين يعتبرون (وهذا منتهى السذاجة) أن التفاعلات التي ستأخذ مداها بعد تلك الليلة الدموية الطويلة في غزة، لا بد أن تفضي الى انحسار الدور الأميركي. في تقديرنا العكس تماماً.
نذكر أن توماس فريدمان، بعلاقاته الوثيقة مع مراكز القرار في بلاده، كما في بعض البلدان العربية، قد صاغ (عام 2002 ) المبادرة الديبلوماسية العربية، والتي سقطت عند ابواب فندق فينيسيا في بيروت، ولم تصل الى أبواب المبنى الزجاجي في نيويورك، لاصرار اللبنانيين والسوريين على لحظ بند يتعلق بحق العودة.
الآن، وانطلاقاً من تلك العلاقات، يخرج فريدمان بمقالة في “النيورك تايمز” تظهر بجلاء خارطة الطريق، التي ستعتمدها ادارة جو بايدن في التعامل مع الواقع المستجد، والذي فرضته الوقائع على أرض غزة.
الكاتب السياسي البارز تحدث عن نهج ثلاثي الابعاد لـ”عقيدة بايدن “. البعد الثالث الأكثر خطورة للحظه “تحالفاً واسع النطاق بين الفلسطينيين و “الاسرائيليين” والأميركيين والسعوديين ـ من خلال التطبيع ـ اذا كانت “تل أبيب” مستعدة لتبني عملية ديبلوماسية تقود الى انشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح بسلطة ذات صدقية”.
لاحظ أنه اذا تمكنت الادارة من تحقيق تلك الرؤية، وهو أمر هائل، فان “عقيدة بايدن يمكن أن تنتج أكبر عملية اصطفاف استراتيجي في المنطقة منذ معاهدة كامب ديفيد عام “1979، آملاً أن يؤدي ذلك الى “تجاوز تعقيدات هذه اللحظة الخطيرة”. هنا نقطة الضعف الأميركية. من تراه يصنع تلك اللحظة؟
البعد الأول في النهج الثلاثي اشار الى “موقف صارم ضد ايران، بما في ذلك الرد العسكري على وكلائها وعملائها في المنطقة”. اذ ندرك مدى التصدع الدراماتيكي في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن والتي تهدد بتفكك هذه الدول، نلاحظ التركيز على المملكة العربية السعودية كدولة محورية ومؤثرة، بأرمادا مالية مذهلة.
من هنا، يبدأ الدور الايراني في قطع الطريق على ذلك النهج، وتحت مظلة “اتفاق بكين”. آيات الله يدركون مدى الحساسية الجيوسياسية – الجيوستراتيجية لليمن بالنسبة الى السعودية (طول الحدود 1308 كيلومترات)، التي لا تأخذ بالكلام الايراني بأن الحوثيين هم من يصنعون سياساتهم، ومن يصنعون صواريخهم.
الايرانيون يدركون أيضاً أي تداعيات خطرة للتطبيع، أو للتحالف بين الرياض و “تل أبيب” (أي بين الكعبة والهيكل)، ما يفترض في الحال تفاهماً ولو بشكل اتفاق اطار، اليوم وليس غداً، على حل هذه المشكلة التي يمكن أن تشق الطريق أمام حل أزمات لبنان وسوريا والعراق.

لسنا في موقع الواعظ، وما أكثر الوعاظ في هذه الأيام، لكننا في موقع من يرى ومن يقرأ (ربما من يستقرئ).
(سيرياهوم نيوز ٣-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لماذا نرفض أنْ تُمثّلنا وتتحدّث باسمِنا كعرب قمّة الهوان في البحرين؟ وكيف غيّبت المُقاومة والدّول الدّاعمة لها وفتحت ذراعيها للمُتواطئين مع الاحتِلال وحرب إبادته؟ وكيف نَرُدّ على رئيس السّلطة الذي أدانَ “القسّام” و”السّرايا” وبَرّأ نتنياهو؟

  عبد الباري عطوان   مُقاطعة قادة عرب لحُضور القمّة التي انعقدت امس(الخميس) في البحرين، الدّولة العربيّة “المُطبّعة”، باتَ هو الخبر، وليس حُضورها، وأيًّا كانت ...