أكد السفير ميلاد عطية المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية رفض سورية القاطع استخدام الأسلحة الكيميائية من قِبل أي كان وفي أي مكان وتحت أي ظرف، موضحاً أن الدول الغربية حرفت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن الأهداف التي أُنشأت من أجلها وحولتها الى منصة لتوجيه الاتهامات الباطلة ضد سورية وروسيا.
وقال السفير عطية في كلمة له اليوم خلال افتتاح الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في لاهاي بهولندا : “إن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا حولوا المنظمة إلى منصة لتوجيه الاتهامات الباطلة ضد روسيا باستخدام أسلحة كيميائية أو التحضير لاستخدام تلك الأسلحة كما فعلت مع سورية طيلة السنوات التسع الماضية”.
وأوضح عطية، أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها لم يكتفوا بارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري بل مستمرون ببذل محاولات حثيثة لإعادة إنتاج وتركيب التهم الباطلة والافتراءات، وممارسة التضليل ضد سورية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، رغم أن سورية نفذت كل ما هو مطلوب منها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية رغم الظروف الصعبة والمعقدة جداً التي مرت وتُمرّ بها.
ولفت عطية إلى أن سورية ما تزال تتعرض لحملات غير مسبوقة في تاريخ هذه المنظمة من التشكيك والاتهامات الباطلة من قبل الدول الغربية ضدها بهدف تحقيق أهداف عدوانية سياسية عجزت عن تحقيقها عبر حرب مباشرة وغير مباشرة لا تزال مستمرة لغاية الآن.
وبين عطية أن التحدي الجدي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا يخص سورية بل هو مشكلة عالمية أوسع نطاقاً وذات طابع منهجي لأن المنظمة تحولت إلى أداة للتلاعب السياسي حرفتها عن طبيعتها الفنية ومهنيتها ومصداقيتها، لافتاً إلى أن سورية لم تتوقف عن التعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وأمانتها الفنية وفرقها في إطار تنفيذ التزاماتها، ولا سيما أنها حرصت على عقد الاجتماع رفيع المستوى بين وزير الخارجية والمغتربين رئيس اللجنة الوطنية السورية الدكتور فيصل المقداد والمدير العام للمنظمة، إضافة إلى تقديمها مؤخراً مقترحات بناءة في هذا الشأن، كان آخرها في شهر تشرين الأول 2022.
وقال عطية: “إن التهديدات الإرهابية الكيميائية من المجموعات الإرهابية والكيانات من غير الدول تُشكّل خطراً جسيماً على أمن واستقرار الدول الأطراف”، مجدداً مطالبة سورية جميع الدول الأعضاء في المنظمة بتعزيز الجهود الدولية لمواجهة هذا التهديد الحقيقي ولا سيما أنه بات جلياً سعي الدول الغربية للتغطية على جرائم وممارسات المجموعات الإرهابية في سورية، ما شجعها على ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة بحق السوريين والتحضير لارتكاب جرائم جديدة تستخدم فيها مواد سامة لاتهام الحكومة السورية بها.
وأضاف عطية: إن سورية دأبت على إطلاع المنظمة ومجلس الأمن الدولي على استمرار المجموعات الإرهابية وجماعة (الخوذ البيضاء) الإرهابية بالتحضير لمسرحيات استخدام الأسلحة الكيميائية وخاصة في أرياف محافظات إدلب وحلب وحماة وحمص واللاذقية، إلا ان تلك المعلومات المهمة لم تلق أي اهتمام من قبل الأمانة الفنية والعديد من الدول الغربية.
وأكد عطية أن سورية تؤيد حق روسيا في الدفاع عن نفسها وحماية أمنها القومي رداً على السياسات الغربية العدوانية، لافتاً إلى أنها لا تدافع عن نفسها فقط بل عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية وعن حق الجميع في عالم يرفض منطق الهيمنة والقطبية الواحدة.
وأكد عطية على أن الدول الغربية تستمر في نهج يقوض عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حيث لم تكتف بانتهاك جسيم موثق لأحكام اتفاقية الأسلحة الكيميائية بل أسهمت بانقسامات غير مسبوقة داخل المنظمة عبر لجوئها إلى فرض قرارات عبر التصويت بعيداً عن توافق الآراء حيث كانت الحالة السورية أبرز مثال على طريقة تعامل تلك الدول مع المنظمة ومحاولات تسييسها.
وأشار عطية إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها لم يكتفوا بارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري واحتلال بعض أراضيه ونهب ثرواته بشكل فاضح ومكشوف وتدمير مقدراته ومحاصرته وتجويعه عبر إرهاب اقتصادي تمثل بالإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب وإنما قاموا بدعم التنظيمات الإرهابية التي أوغلت في دماء السوريين دون رادع أخلاقي أو قانوني طيلة ما يقارب من أحد عشر عاماً، إضافة الى قيام تلك الدول باعتداءات مباشرة على الأراضي السورية بذرائع كاذبة.
وأوضح عطية أن الدول الغربية بذلت محاولات حثيثة لإعادة إنتاج وتركيب التهم الباطلة والافتراءات وممارسة التضليل ضد سورية في أروقة أجهزة صنع السياسات في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كاتهامها بعرقلة عقد جولة المشاورات رقم 25 بين خبراء اللجنة الوطنية و”فريق تقييم الإعلان”، الأمر الذي يعد خير دليل على تسييس عمل هذا الفريق وبالتالي المنظمة لأن سورية رحبت بعقد هذه الجولة ووافقت على كل ما اقترحته الأمانة الفنية باستثناء مطالبتها استبدال أحد أعضاء هذا الفريق بأي عضو تراه الأمانة الفنية والمدير العام مناسباً لأداء هذه المهمة.
ولفت عطية إلى أن الأمانة الفنية ومقابل التعاون والتعامل الإيجابي لسورية كانت تشترط إرسال فريق التقييم بموافقة سورية على منح جميع أعضاء هذا الفريق التأشيرات المطلوبة، موضحاً أن الدول الغربية ورغم كل ذلك تستمر بتوجيه الاتهامات لسورية بعرقلة عمل هذا الفريق بينما من يعرقل عقد جولة المشاورات رقم 25 هي الأمانة الفنية للمنظمة التي تمتلك عدداً كبيراً جداً من الفنيين والخبراء الذي يمكنهم القيام بهذه المهمة.
وقال عطية: لقد عبّرت الجمهورية العربية السورية ومعها العديد من الدول في أكثر من مناسبة عن ملاحظات موضوعية تخص طرائق عمل “بعثة تقصي الحقائق” وتقاريرها التي صدرت عنها لغاية الآن ومع كل ذلك تعاونت سورية مع فرق هذه البعثة وقدمت لها كامل التسهيلات المطلوبة لإنجاح مهماتها والتي كان آخرها تعاون سورية وتقديمها لكافة التسهيلات لفريق البعثة في آخر زيارة له إلى سورية خلال شهر تشرين الثاني الجاري.
وأكد عطية على أن اختبار مهنية “بعثة تقصي الحقائق ومصداقيتها” هو رهن تجاوز البعثة للعيوب المرتبطة بنهج وطرائق عملها واحترامها لأحكام الاتفاقية والالتزام بمعاييرها المهنية ووثيقة الشروط المرجعية التي جرى الاتفاق عليها مع سورية وإثبات عدم انحيازها في التقارير التي ستصدر عنها وليس كما فعلت في تقاريرها المُضللة والمُفبركة السابقة في حادثة خان شيخون 2017 وحادثة حلب 2018 وحادثة سراقب 2018 وحادثة دوما 2018 وما لحق بتقرير هذه الحادثة من فضائح وتزوير واضح للجميع، مطالباً الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها من الدول الغربية بالتوقف عن ممارسة الضغوط على فريق هذه البعثة والتوقف عن تغطية جرائم الإرهابيين وذراعهم جماعة (الخوذ البيضاء) في هذا المجال.
وذكر عطية بأن الجمهورية العربية السورية ماتزال تعتبر قرار إنشاء “فريق التحقيق وتحديد الهوية” منقوص الشرعية كونَه أُعطي ولاية تخالف أحكام الاتفاقية وشكّل سابقةً خطيرةً عبر تفويض منظمة فنية بمسائل تدخل في صلاحيات واختصاص مجلس الأمن وبالتالي فإن سورية إلى جانب دول أخرى لا تعترف بشرعية هذا الفريق وعمله وترفض تمويله ووصوله للمعلومات السريّة التي قدّمتها السلطات السورية للمنظمة وإلى مجلس الأمن و ترفضُ أي مخرجات صدرت وتلك التي ستصدر عنه مستقبلاً.
وقال عطية: “إن الولايات المتحدة وحلفاءها وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي يواصلون استخدام سياسة الإرهاب الاقتصادي ضد سورية المتمثلة بالإجراءات القسرية أحادية الجانب في مخالفة واضحة لما تنص عليه المادة الحادية عشرة من اتفاقية الأسلحة الكيميائية وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ وقواعد القانون الدولي”، موضحاً أن الخطير في هذا الموضوع هو ادعاء تلك الدول الكاذب حرصها على حقوق الإنسان في سورية ولا سيما أنها لا تكتفي بفرض هذه الإجراءات وإنما تمارس حملات من الضغط الهائل على الدول الأخرى التي تتعامل مع الدولة السورية ومؤسساتها كافة ما انعكس سلباً على حياة السوريين والعجز عن تأمين أبسط متطلبات الحياة من أدوية ومعدات طبية وكهرباء ونفط وغذاء ومياه ومستلزمات التعليم وغيرها من الاحتياجات الضرورية.
واستشهد عطية بما ذكرته المقررة الخاصة للأمم المتحدة ألينا دوهان حول التأثير السلبي للعقوبات أحادية الجانب على حقوق الإنسان بتقرير أولي لها أعدته بعد زيارة إلى سورية استمرت 12 يوماً قامت بنشره الأمم المتحدة قبل أيام أكدت فيه أن الإجراءات الأحادية القسرية والضغوط الاقتصادية الشديدة الناتجة عنها طالت جميع مناحي الحياة والقطاعات في سورية الرئيسية منها والثانوية وصولاً إلى الصحة والتعليم والثقافة.
ولفت السفير إلى الوصف الذي أطلقته دوهان حول الاستمرار في فرض هذه الإجراءات ضد سورية بأنه يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري كله، داعياً منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والدول الأطراف إلى تحمل مسؤولياتها لضمان التنفيذ الكامل والفعال وغير التمييزي للمادة الحادية عشرة من الاتفاقية ومطالبة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بالتوقف عن انتهاك وتقويض أحكام الاتفاقية ورفع تلك الإجراءات القسرية أحادية الجانب عن سورية.
وأكد عطية أن تحقيق عالمية اتفاقية الأسلحة الكيميائية يمثل خطوة مهمة جداً في ضمان إقامة نظام عالمي فعّال ضد الأسلحة الكيميائية، لافتاً إلى أن هذا الأمر لن يتحقّق من دون إلزام (إسرائيل) بالانضمام إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية وبقية الاتفاقيات الدولية المتعلّقة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، معرباً عن أسف سورية لوجود دول راعية لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية تعيق أي مسعى لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط وذلك من أجل حماية (إسرائيل) وإبقائها خارج أي رقابة دولية على منشآتها النووية والكيميائية والبيولوجية.
وأوضح عطية أن سورية تدعو إلى التعاون الدولي لمواجهة القيود غير الشرعية التي فرضتها تلك الدول على نقل التكنولوجيا العلمية للأغراض السلمية إلى الدول النامية وإخضاعها لإجراءات أحادية قسرية غير شرعية ضد بعض الدول الأخرى بهدف منعها من تحقيق التنمية الاقتصادية والعلمية لشعوبها ومنعها من استخدام الكيمياء للأغراض السلمية في مخالفة صريحة لأحكام الاتفاقية وللقانون الدولي.
ويُشارك في أعمال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية مئة وثلاث وتسعون دولة طرفاً في الاتفاقية، ويمثل الجمهورية العربية السورية في هذا المؤتمر إلى جانب السفير ميلاد عطية الدكتور لؤي العوجى نائب المندوب الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وباسم حنون ونور المقداد من البعثة الدائمة، وتستمر أعمال المؤتمر حتى الثاني من كانون الأول 2022.