منذ المجازر التي شهدها الساحل السوري وبعض قرى حمص وحماة مطلع آذار (مارس) الماضي، تصاعدت التقارير عن اختفاء نساء من تلك المناطق في ظروف غامضة، تراوحت أعمارهن بين 16 و39 عاماً، بحسب شهادات وثّقتها وكالة «رويترز» من عائلات الضحايا في تحقيقها الأخير بعنوان «لن تعود: نساء علويات يُختطفن من شوارع سوريا».
اطلعت الوكالة على أكثر من 20 وثيقة تضمنت رسائل نصية، تسجيلات صوتية، مقاطع فيديو، وإيصالات تحويل مالية، وأجرت مقابلات مع 12 عائلة وثّقت من خلالها 33 حالة اختفاء. نصف هؤلاء النساء عدن إلى منازلهن من دون الإفصاح عن ظروف غيابهن، في حين أشارت 16 عائلة إلى تفاصيل اختطاف، بينها 7 حالات مؤكدة طُلب فيها فدية مالية، و3 نساء قيل إنهن نُقلن خارج البلاد. اللافت أن 8 من المختفيات تقل أعمارهن عن 18 عاماً.
في تقريرها، أوردت «رويترز» شهادات تفصيلية لعائلات أربع نساء من صافيتا في طرطوس، واللاذقية، وريف حماة. إحداهن أُطلق سراحها مقابل فدية قدرها 1500 دولار، بينما لا يزال مصير الأخريات مجهولاً، رغم تلقي ذويهن اتصالات من الخاطفين تهدد بقتل المختطفات أو نشر صورهن في حال تم الإبلاغ عنهن.
ورغم خطورة الظاهرة، رفض مسؤولون محليون في طرطوس واللاذقية تصنيف الحالات كحوادث اختطاف، مرجعين إياها إلى «مشاكل عائلية» أو «رغبة الفتيات في الهرب»، من دون تقديم أدلة تدعم هذه التفسيرات، ولا فتح تحقيقات جادة، وفق شهادات الأهالي.
من جهتها، أكدت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أنها فتحت تحقيقاً رسمياً في هذه الظاهرة وستعرض نتائجه على مجلس حقوق الإنسان. ورفض أحد أعضاء لجنة تقصّي الحقائق السورية، التي شُكّلت بقرار من الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، التعليق على الموضوع، رغم توجيهات الشرع بمحاسبة أي جهة متورطة في أحداث العنف في آذار (مارس)، حتى لو كانت من داخل الحكومة.
وتشير شهادات الحقوقيين، إلى أن عمليات خطف النساء تندرج ضمن أعمال العنف ضد العلويين في سوريا وهي امتداد لأعمال العنف التي جرت في آذار، خصوصاً أنّ الانهيار الأمني بعد سقوط الأسد سمح باندماج مقاتلين متطرّفين سابقين في القوات الحكومية الجديدة، ما يُثير مخاوف من استهداف طائفي منظّم.
ورغم تعدد الشهادات، تتجنّب العائلات الحديث العلني خوفاً من الوصمة الاجتماعية أو من الانتقام الأمني، كما في حالة فتاة من اللاذقية (16 عاماً) ظهرت في فيديو تزعم فيه أنها تزوجت بمحض إرادتها، بينما تؤكد عائلتها أنها أُجبرت على الزواج تحت التهديد.
في سياق تصاعد حالات خطف النساء في الساحل السوري، تداول ناشطون على فايسبوك قصة جديدة تعود لسيدة فُقدت منذ 21 حزيران (يونيو) 2025، نقلاً عن شقيقتها التي نفت صحة فيديو نُشر بعد أيام من الاختفاء، ظهرت فيه المختفية تقول إنها «غادرت طواعية إلى محافظة حلب وتواصلت مع عائلتها». شقيقة المختفية أكدت أن الرواية الواردة في الفيديو غير صحيحة، مشيرة إلى أنّ أختها أم لثلاثة أطفال، ولا تربطها صلات بأشخاص في حلب، كما أنها لم تكن تعاني من مشاكل عائلية قد تدفعها لترك منزلها. وطالبت العائلة الجهات المعنية بفتح تحقيق عاجل في الحادثة، والكشف عن مصدر الفيديو، بهدف ضمان عودة ابنتهم وكشف ملابسات اختفائها الغامض.
(اخبار سوريا الوطن ٢-وكالات-الأخبار )