رجب المدهون
غزة | تنعقد، في خلال الأسابيع المقبلة، نسخة جديدة من قمّتَي العقبة وشرم الشيخ، بدأت السلطة الفلسطينية، من الآن، بالتجهّز لها، عبر تصعيد نشاطها ضدّ المجموعات المقاومة في شمال الضفة، سواء من خلال جمع المعلومات عنها لصالح الاحتلال، أو إقناع عناصرها بتسليم أنفسهم، أو حتى الاصطدام المباشر معهم. وعلى الضفة المقابلة، وفي الوقت الذي تتحضّر فيه لتصعيد اعتداءاتها في الضفة، تنوي إسرائيل وضع مشروع استخراج الغاز من حقل غزة على سكّة التنفيذ، بهدف توفير مورد مالي للسلطة، تستطيع من خلاله الأخيرة تحسين اقتصادها، وتقوية أوراقها في مواجهة المقاومين
في الوقت الذي تَجدّد فيه الحديث في دولة الاحتلال عن إمكانية تنفيذ عملية عسكرية موسّعة في الضفة الغربية المحتلّة، تستعدّ أطراف قمّتَي العقبة وشرم الشيخ لعقد قمّة مماثلة جديدة، وسط توقّعات بأن تقدّم السلطة الفلسطينية، في خلالها، معطيات بشأن تحسّن قدراتها الأمنية في مواجهة المقاومة المتصاعدة هناك. وإذ يتزامن ذلك مع عودة المباحثات بشأن غاز بحر غزة وعوائده التي ستذهب لصالح رام الله، فإن تل أبيب ترهن تحسين وضع اقتصاد السلطة بسلوك الأخيرة على الأرض وفي الجانب الدبلوماسي؛ إذ ستكفل إسرائيل تحويل عوائد الغاز الذي اقترب موعد استخراجه إلى السلطة، ولكن فقط مقابل استمرار الأخيرة في تحمّل الدور الأمني المنوط بها، وتعزيز جهودها في إضعاف حالة المقاومة في شمال الضفة ومواجهة ظهور الكتائب المسلّحة في مناطق عدّة، إضافة إلى التزامها بعدم التوجّه إلى مقاضاة دولة الاحتلال أمام المحاكم الدولية.
ad
وبحسب مصادر في السلطة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإنه بناءً على تعليمات عباس، وفي إطار تطبيق مخرجات قمّتَي العقبة وشرم الشيخ، نشطت قوات الأمن الفلسطينية في شمال الضفة أخيراً، في محاولة للسيطرة على الأوضاع هناك ومنع تصاعد المقاومة. وتُبيّن المصادر أن هذا النشاط شمل مواصلة جمع المعلومات عن عناصر المقاومة، وتقديم عروض للمقاتلين لتسليم أنفسهم وأسلحتهم للأجهزة الأمنية كي لا يتمّ اغتيالهم من قِبَل الاحتلال، مستدركةً بأن الأجهزة الأمنية لم تنجح سوى في جزء بسيط من خطّتها، على الرغم من اختطافها عدداً من المقاتلين، والذي أدّى إلى حدوث عدّة صدامات بينها وبين المواطنين. وتضيف المصادر أن السلطة بدأت الآن «العمل بقوة لاستعادة هيبتها»، استعداداً لقمّة شرم الشيخ التي ستُعقد خلال الأسابيع المقبلة، مبيّنةً أن رام الله تريد تحسين رصيدها، وتقديم مطالعة بأهمية دورها وضرورة تعزيزه، وهو ما جاءت على طريقه الصدامات التي وقعت في جنين أخيراً بين السلطة و«كتيبة جنين» أثناء تظاهرة مندّدة باغتيال الشهيد الشيخ خضر عدنان، وفي نابلس بعد اغتيال العدو ثلاثة من مقاتلي «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس».
ad
ينوي جيش الاحتلال تقسيم المنطقة الوسطى المسؤولة عن الضفة إلى فرقتَين
وتكشف المصادر أن الاتّصالات بدأت بعد انتهاء شهر رمضان لترتيب موعد القمّة الثالثة، والتي سيَحضرها من الجانب الفلسطيني أمين سرّ «اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير» حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، ومستشار الرئيس عباس، أحمد الخالدي. وتأتي التحضيرات لهذه القمّة بالتزامن مع استعدادات إسرائيلية لتنفيذ عملية عسكرية كبيرة في الضفة الغربية، حيث ينوي جيش الاحتلال تقسيم المنطقة الوسطى المسؤولة عن الضفة إلى فرقتَين، تتولّى كلّ واحدة منهما مهامَّ خاصة ومنفصلة، بهدف تحسين القدرات العملية لكلتيهما، وتحسين أدائهما في محاربة المقاومة، تمهيداً لشنّ العملية المُشار إليها، وفق ما نقلت «القناة الـ14» العبرية.
ad
وفي خضمّ ذلك، وفي سياق لا يبدو بعيداً، عادت سلطات الاحتلال إلى إجراء مباحثات سرّية مع السلطة الفلسطينية لاستخراج الغاز من الحقل القريب من شواطئ قطاع غزة، بموافقة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، بعدما شكّلت هذه المسألة عنواناً رئيساً على أجندة قمّتَي العقبة وشرم الشيخ. وبحسب «القناة الـ13» العبرية، فإن المحادثات في هذا الشأن يقودها رئيس «مجلس الأمن القومي» الإسرائيلي، تساحي هنغبي، الذي ترأّس الوفد الإسرائيلي إلى القمّتَين المذكورتَين، ومنسّق «عمليات الحكومة» في المناطق المحتلة، غسان عليان. ونقلت القناة عن مسؤولين إسرائيليين اعتقادهم بأن هذه الخطوة «ستفيد الفلسطينيين اقتصادياً، ما قد يساهم في خفض التوتّرات الأمنية على المدى البعيد».
وإذ أوضح أن الحديث لا يدور حول اتّفاقية شبيه بالاتّفاقية مع لبنان في شأن ترسيم الحدود البحرية، فقد بيّن أن إسرائيل تذرّعت، في سحب السيطرة على العملية المتّصلة بـ«غزة مارين» من الجانب الفلسطيني، بأنه «يحقّ للدول فقط إدارة حقول الغاز من الناحية القانونية، وبالتالي لا تستطيع السلطة الفلسطينية القيام بذلك بمفردها، ولذا فإن الحلّ هو أن ترعى مصر هذا المشروع». وكشفت القناة عن محادثات إسرائيلية – مصرية في هذا الشأن، لافتةً إلى أن اجتماعات عُقدت أخيراً بمشاركة كبار المسؤولين الإسرائيليين والمصريين لمناقشة هذه المسألة، علماً أن «صندوق الاستثمار الفلسطيني» و«اتّحاد المقاولين الفلسطينيين» وقّعا اتفاقية مع «إيجاس» المصرية في شباط 2021، للتعاون في مساعي تطوير حقل غاز غزة.
ad
مع ذلك، تحدّث التقرير عن «تحدّيات أمنية» أمام إتمام المشروع؛ إذ وفقاً للتقديرات الإسرائيلية، فإن «حماس لن تقف مكتوفة الأيدي، ولذا فإن السؤال المركزي هو كيف يمكن تطوير الحقل؟». كما نقلت القناة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن «أيّ خطوة من هذا القبيل قد تثير انتقادات عامّة في إسرائيل حول مسألة الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس»، مستدركةً بأنه مع الانتهاء من المناقشات الجارية في «مجلس الأمن القومي» التابع لمكتب رئيس الحكومة، بالخصوص، سيتمّ طرح خطط استخراج الغاز من «غزة مارين» على الحكومة.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية