بعد حصاد وفير أنتجته السهول الوادعة في ريف السويداء تنهمك النسوة هذه الأيام بالتحضير لموسم “السليقة” للحصول على مؤونة البرغل وقد احتفظن بتفاصيل وذكريات جميلة عن أجواء الموسم المفعمة بالتعاون والمحبة والفرح.
هيام عزام أم فواز إحدى نساء الريف اللواتي تنشغلن طيلة فصل الصيف بإعداد المؤونة لأسرهن تشير لنشرة سانا سياحة ومجتمع أن “السليقة” موروث شعبي قديم ورثته عن أمها وستورثه لابنتها التي تنتظر هذا اليوم كل عام بفارغ الصبر لما يحدثه من سعادة وبهجة في قلوبهم وهم يراقبون نضوج حبات القمح الذهبية وهي تنتفخ في الحلة المخصصة لعملية السلق.
وتوضح أم فواز أنه وبعد انتهاء حصاد القمح وجمع الموسم تقوم بتحضير قسم من المحصول للسليقة ومنذ ساعات الصباح الباكر تبدأ التحضيرات حيث يتم تنظيف القمح من الحصى الصغيرة والأتربة بعدها يغسل القمح بالماء لعدة مرات حتى ينظف تماما ثم تأتي عملية سلق القمح بواسطة الحلة الكبيرة وهي عبارة عن وعاء من النحاس أو الحديد يوضع القمح فيها وتضاف إليه كمية من الماء ويوقد تحتها الحطب وتحرك فترة الغليان حتى لا يلتصق القمح بالحلة.
وتستمر عملية الغلي حتى درجة النضج ليتم نقله فيما بعد الى سطح المنزل لتعريضه لأشعة الشمس ويترك فترة حتى ينشف ويجف من الماء وبعدها يؤءخذ الى المطحنة ليجرش ويحول الى برغل.
طقوس السليقة التي توارثها أهالي الريف والتي اتسمت بالحب والبساطة لم تتغير فقد بقيت محافظة على الأجواء العائلية الجميلة التي تميزت بها منذ القديم كما تحدثنا السيدة كريمة رشيد حيث يجتمع الجيران للمساعدة في نقل الماء و”التصويل” وحمل السليقة إلى سطح المنزل لافتة إلى أن الجيران ومن يمر أثناء إعداد السليقة لا بد أن يأكل منها وتوزع الصحون وترسل مع الأطفال لبعض البيوت البعيدة.
طقوس السليقة لا تكتمل دون ضحكات الأطفال الذين يتجمعون حول “الحلة” وبحوزتهم صحون صغيرة بانتظار تناول حصتهم المحلاة بالسكر.
وتشير رشيد إلى أنه على الرغم من وجود البرغل الجاهز بكثرة في الأسواق والمحلات التجارية إلا أنها ما زالت تحرص على إعداد مؤونة البرغل بنفسها رغم تقدمها بالعمر لتستعيد ذكريات عابقة برائحة الماضي وبأيام الخير والبركة.
من جهته يوضح عضو جمعية العاديات بالسويداء الباحث التراثي محمد طربيه أن الريف السوري يتميز بالعديد من الأكلات الشعبية التي ورثها عن الاجداد و لكل منها طقوسه ومناسباته الخاصة.
ويلفت طربيه إلى أن البرغل مكون رئيس في العديد من الأكلات الشعبية و معظم العائلات في الريف تقوم بأعداده بعد انتهاء موسم الحصاد مؤونة لفصل الشتاء.
خزامى القنطار
سيرياهوم نيوز 5 – سانا