| رضا صوايا
في الظاهر، تبدو الحركة السياحية في لبنان في فترة الأعياد أشبه بالحياة في «لاس فيغاس»، أكثر منها في بلد منهار اقتصادياً تعاني غالبية قطاعاته من شلل شبه تام، ويستعجل سكانه الهجرة بأعداد هائلة، ولو في قوارب الموت في البحر الذي ابتلع العشرات من اليائسين. غالبية المطاعم والملاهي والشاليهات ممتلئة، خاصة في المناطق الساحلية، حيث تصل الأسعار إلى حدود 700 دولار لليلة. مظاهر ابتهاج صادمة، لكنها مرحلية ومحدودة زمنياً، مداها الأقصى أسبوعان، قبل أن يعود القديم إلى حاله، مع رحيل المغتربين وعودة السكون إلى الشوارع.
يبدو الكثير من أصحاب الملاهي والحانات والمطاعم مصدومين من حجم الحجوزات والإقبال الكثيف على السهر ليلة رأس السنة وحتى خلال الليالي التي تسبقها وتليها. والجواب الذي يردّدونه عند سؤالهم عن تفسير لهذه الظاهرة شبه موحد، وهو أن «المجتمع أصبح مقسوماً إلى اثنين، فقراء وأغنياء فوق العادة، يضاف إليهم نشاط المغتربين الكثيف ومن يستفيد من خيراتهم من أقارب».
في اتصال مع ملهى La Scène الفاخر في بيروت، الذي افتتح أبوابه أواخر شهر تشرين الثاني المنصرم، تفيدنا الموظفة التي تستقبل الحجوزات بأن «الأسعار لليلة رأس السنة تبدأ بـ300 دولار على البار وصولاً إلى 750 دولاراً والصالة ممتلئة». ولا تنسى الإشارة إلى أن «عدداً من الأشخاص، حين نبلغهم عن عدم توفر أيّ مقعد أو طاولة، يحاولون التوسّط وإجراء بعض الاتصالات على أمل أن نخصّص لهم مكاناً ولو بأيّ طريقة». يقيم الملهى عدة سهرات تسبق ليلة رأس السنة وتليها وجميع هذه السهرات بحسب الموظفة ممتلئة. «وهناك بعض الأشخاص حجزوا لعدة سهرات». وتلفت إلى أن «الحجوزات الكثيفة غير محصورة بفترة الأعياد، بل مستمرة على هذا النحو منذ افتتاح الملهى منذ حوالى الشهر».
بات القطاع السياحي يشتغل على القطعة حيث لا سياحة مستدامة بل فصلية
في جبيل، تصل أسعار سهرة رأس السنة في فندق Byblos Palace إلى 250 دولاراً كحدّ أقصى، و125 دولاراً كحد أدنى، وقاعة المطعم ممتلئة أيضاً. وفي ملهى Caprice في منطقة الدورة امتلأت حجوزات الصالة قبل أيام من رأس السنة، فيما تفاوتت الأسعار ما بين 100 و250 دولاراً. أما في ملهى Fertil في جونية، فالحركة جيدة جداً، والتقديرات أن تكون الحجوزات ممتلئة أيضاً، حيث يكشف أحد الموظفين أنّ الحركة تضاعفت منذ أسبوع، والضغط كثيف ومتواصل. أما الأسعار فمدروسة وتُراوح ما بين 50 و70 دولاراً ليلة رأس السنة.
المؤشرات الظاهرة لا تخفي قلق المعنيين في القطاع، فالسؤال الذي يردّدونه هو ماذا بعد نهاية الأعياد؟ وهل باتت السياحة الشتوية تقتصر على أسبوعين فقط، واعتمادها فقط على المغتربين وبعض السيّاح العرب؟