يبدو أن الطغمة العسكرية الحاكمة في السودان ماضية قُدُماً في مشروع تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فيما يبدو الفريق المدني منقسماً ومتلكّئاً وعاجزاً عن إيقاف هذه العجلة. وإذ يجري التسويق لكون التطبيع سيعود بفوائد جمّة على البلاد، يجزم مراقبون ومحلّلون بأن السودانيين لن يربحوا شيئاً منه، وما مصر المُوقّعة «اتفاق سلام» عنهم ببعيدة
أعلن العديد من الأحزاب رفضه أيّ تطبيع أو تقارب مع إسرائيل
وفي الاتجاه نفسه، يجزم الأمين السياسي لـ»حزب المؤتمر الشعبي»، إدريس سليمان، في تصريح إلى «الأخبار»، بأن «السودان لن يستفيد من التطبيع مع إسرائيل شيئاً، بل سيخسر كلّ شيء؛ سيخسر مواقفه التاريخية والأخلاقية ولن يكسب شيئاً»، مُنبّهاً إلى أن «الكيان الصهيوني يأخذ ولا يعطي، وإسرائيل لن تُغيّر استراتيجيتها لأن أحداً ما طَبَّع معها، إسرائيل استراتيجيتها الأساسية إضعاف العالم العربي وتقسيمه، والسودان يُعتبر من الأولويات لديها في هذا الإطار». ويعتبر سليمان أنه «عوضاً عن ضرب السودان من الخارج، الآن يراد بدعاوى التطبيع ضرب القلعة من الداخل، لأن السودان بلد كبير ويمتلك موارد كبيرة، وفي حال أصبح دولة قوية سيؤثر في موازين القوى في المنطقة، وهو ما تخشاه إسرائيل». ويختم بالتشديد على «(أننا) ضدّ التطبيع وضدّ أيّ اتفاق مع الكيان الصهيوني»، وأن هذه الدعوات «تناقض طبائع الشعب السوداني ومواقفه».
وفيما أعلن «الحزب الشيوعي السوداني» رفضه أيّ تطبيع للعلاقات بين السودان وإسرائيل، ووقوفه مع حقّ الشعب الفلسطيني، أصدر حزبا «البعث» و»المؤتمر الشعبي» بياناً مشتركاً رفضا فيه «بشدّة أيّ محاولات للتقارب أو التطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب». من جهته، اعتبر «حزب الأمة القومي» أن من غير المقبول طرح قضية التطبيع من قِبَل الحكومة الانتقالية، على اعتبار أن «بتّ المسائل الوطنية الخلافية من اختصاص الحكومات الوطنية المنتخبة»، وأن «أيّ علاقة مع إسرائيل في ظلّ عدم استرداد الأراضي العربية المحتلة وفق تسوية مقبولة لا مبرّر لها». ويعبّر موقف «الأمّة القومي» عن رأي شريحة سياسية لا يبدو أنها ترفض أصل التطبيع، بقدر ما تعتقد أن طرحه بغياب مجلس تشريعي – هو المُخوّل بتّه – أمر غير مقبول. وعليه، لا تمانع هذه الشريحة، إلى حين تشكيل المجلس التشريعي، أن تتعاطى الحكومة الانتقالية مع التحرّكات الإقليمية في هذا الإطار، من دون أن تتّخذ قراراً. وإلى أبعد من ذلك يذهب بعض الأوساط بالحديث عن أن «من حق السودان البحث عن مصالحه بعيداً من أيّ اصطفاف عربي»، في حين يظهر أن ثمّة شريحة ثالثة تتعامل مع الأمر بلا مبالاة، متذرّعة بالأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تُمسك بخناق المواطن ولا تترك له فرصة للتفكير في قضايا أبعد من لقمة عيشه، بل هي تدّعي أن التطبيع ربّما يمثل «طوق نجاة» من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)