بيّن المدير العام للمؤسسة السورية للحبوب المهندس حسن العثمان أن فترة استلام القمح من الفلاحين لهذا الموسم، والتي حددتها المؤسسة سابقاً، هي كافية لتوريد كل ما تم حصاده، وأنه نظراً لبعض الحالات الاضطرارية، قامت المؤسسة بتمديد فترة الاستلام لفترتين متتاليتين، الأولى لمدة ثمانية أيام انتهت يوم الخميس الفائت، والثانية لمدة ثلاثة أيام انتهت بالأمس، كما أن المؤسسة عممت على كافة الوحدات الإرشادية والجمعيات الفلاحية بضرورة التزام الفلاحين بموعد التسليم حتى لا تقع المؤسسة فريسة التجار وسماسرة القمح، مؤكداً أن فترة الحصاد لا تستغرق أكثر من عشرة أيام، وفترة توريد هذه الأقماح إلى مراكز المؤسسة لا تستغرق أكثر من شهر.
فارق سعري ملحوظ
وأوضح العثمان لصحيفتنا “الحرية”، أن المؤسسة لديها الأسباب الموضوعية في تقليل فترة الاستلام، وذلك حرصاً منها على استلام القمح المحلي فقط، حيث يلجأ الكثير من السماسرة وبعض التجار أصحاب النفوس الضعيفة إلى خلط القمح المحلي مع القمح المهرب أو المستورد وتسليمه إلى مراكز المؤسسة، مستغلين فترة الاستلام والتي كانت تمتد سابقاً لأربعة أشهر متواصلة، مستفيدين من الفارق السعري ما بين القمح المحلي والمهرب، حيث تقوم المؤسسة بشراء القمح المحلي من الفلاح بسعر 450 دولاراً للطن الواحد، وهذا سعر مدعوم يقدم للفلاح وليس لغيره من التجار والسماسرة، في حين لا يتجاوز سعر الطن الواحد من القمح المهرب أكثر من 280 دولاراً، مشيراً إلى أنّ المؤسسة سعت إلى استلام كامل المحصول من الفلاحين، حيث وصلت كميات المسلمة لغاية يوم أمس إلى 352 ألف طن، في حين كانت التوقعات بحدود 300 ألف طن.
زخم التسليم ضعيف
وبخصوص المطالبات بتمديد فترة الاستلام مرة ثالثة، بيّن العثمان أنه خلال فترات التمديد، لم يعد الازدحام على المراكز موجوداً ، وبالتالي زخم التسليم أصبح ضعيفاً في كل مراكز المؤسسة، وهنا استشهد العثمان بالضجة الكبيرة التي حصلت في إحدى المحافظات على وجود طوابير طويلة من السيارات المحملة بآلاف الأطنان من القمح المحلي على باب مراكز الاستلام، والمؤسسة لا تستلم القمح منهم، في حين أن الحقيقة تقول إن الكميات المستلمة من هذه المحافظة خلال فترة التمديد لا تتجاوز 120 طناً.
وأضاف العثمان: إنّ عملية التضليل هنا لها غايات ومصالح ومنافع شخصية أكثر ما تكون مصلحة عامة، وبالتالي لم يعد في الساحة سوى التجار والسماسرة، منوهاً بأن من يطالبون بالتمديد لفترة إضافية أخرى، ليس الفلاحين، وإنما السماسرة والتجار، وذلك بهدف التحايل على المؤسسة من خلال إدخال القمح المهرب أو المستورد إلى مراكز المؤسسة.
أربع دفعات
وفي الجانب المالي، لفت العثمان إلى أن تسديد الدفعات المالية للفلاحين يتم على أربع دفعات تنتهي بـ 15 من الشهر القادم، عبر حساب “شام كاش”، حيث يصل إجمالي القيم المالية إلى حدود 150 مليون دولار.
القضاء على مكامن الشبهات
وأمام ما تمّ ذكره تكون المؤسسة قضت على بعض منابع الشبهات، والتي ترتقي في تفاصيلها إلى الدرجة القطعية من حالات الفساد الممنهجة، حيث أنهت المؤسسة ” كما هو معلوم ” حالة الاحتكار لجهة توريد الأكياس، وهي المخصصة منذ سنوات طويلة لمورّد واحد دون غيره .
حيث لم تكن ضمن المواصفات المطلوبة، حتى إن نتائج الفحص المخبري عليها بينت أنها غير مقاومة لأشعة الشمس، كما أن القيم المالية لهذه الأكياس مرتفعة جداً إذا ما قورنت مع النوعية نفسها لماركات أخرى، الأمر الذي أدى إلى خسائر مالية قُدرت بمئات الملايين خلال السنوات الماضية، ولجأت المؤسسة في التعاقد والشراء لمن يقدم الجودة المتميزة والسعر الأفضل، بعيداً عن المحسوبيات وإلى غير ذلك.
و اليوم تقوم المؤسسة أيضاً بالقضاء على مشهد آخر من الفساد، والذي طال المؤسسة خلال السنوات الماضية، هو توريد كميات كبيرة من القمح المهرب عبر الحدود العراقية أو اللبنانية، وتسليمه إلى فروع و مراكز المؤسسة، بحجة أنه محصول محلي يحمل شهادات منشأ مزورة، وبالتالي يستفيد بعض ضعاف النفوس من الفارق السعري.
منهج واضح
الأمر المهم أنّ الإدارة الجديدة للمؤسسة أخذت على عاتقها معالجة كل هذه المخالفات والتجاوزات، حيث رسمت منهجاً واضحاً في طرق المعالجة بعيداً عن المحسوبيات والمصالح الفردية، ولم تعد تقبل بهذه التجاوزات، وما كان على الفلاح سوى الالتزام بتسليم محصوله ضمن الفترة المحددة حتى لا تقع المؤسسة في مطبّات الشبهات.