سليمان خليل
لا تطوى صفحة مواسم الزراعة والحصاد في الريف دون ختامها بأكلة “السيّالات ” هي واحدة من الأكلات الشعبية التقليدية القديمة التي تشتهر بها أريافنا السورية فتسمى بهذا الاسم وتقدم كحلوى أو سادة ، ولتحضيرها طقوس التمام العائلة حول موقدة الصاج وسيلان العجين عليها قطعاً دائرية تتراقص بين الأيادي طرية لينة كالحرير ..
كان إعدادها علامة انتهاء مواسم الخير على تنوعها .. فالبعض يحتفي بها عند انتهاء الحصاد والبعض بعد قطاف التبغ او الزيتون وغيره .. فيسمونها “السيالات” وفي بعض المحافظات اللزاقيات حيث تُسال العجينة على الصاج ناعمة طرية ..
تحظى السيّالات بشعبية كبيرة لسهولة تحضيرها، أما عن طقوس إعدادها فقد اعتادت العائلات على صنعها كطبق فريد يغني الجلسات كونها إحدى الحلويات القديمة.
ولاتزال العديد من جداتنا وأمهاتنا محافظاتٍ على إعداد هذه الأكلة كتقليد سنوي عامر بالمحبة والآلفة .
تنتقل كحلوى شعبية متوارثة عبر الأجيال، كانت تقدم للضيوف في المناسبات، إلى جانب ذلك فهي تعد علامة على انتهاء المواسم ، حيث كان يحرص الفلاحون على دعوة الأهل والجيران إلى تناولها بالإضافة إلى ذلك فهي تحتوي على مواد مفيدة تمد الجسم بالطاقة والحيوية وتتميز ببساطة مكوناتها وتحضيرها، حيث تتكون من طحين القمح والماء، يتم خلطهما وتحريكهما ليتكون لدينا خليط سائل متجانس يصب فوق الصاج الساخن، فيسيل المزيج ويشكل قطعة دائرية بسماكة حوالي نصف سنتيمتر متماسكة تترك حتى تمام النضج، وتنزع عن الصاج عن طريق مقشط معدني وتدهن بالسمن، ثم يرش فوقها السكر قبل أن تبرد لضمان ذوبان السكر عليها، وبعد ذلك تترك حتى تمتص العجينة خليط السمن البلدي مع السكر وتصبح جاهزة للأكل، مع الإشارة إلى أنه من الممكن لف السيالة على شكل مبروم أو تقطيعها إلى قطع مربعة.
وهناك من يفضل أكلها سادة دون رتوش السمن والسكر والجوز .. والبعض يأكلها مدهون مع زيت الزيتون ..
يبقى القديم جميلاً بكل شيء فيه .. بطعمه وجمعته التي يشتاق لها الجميع.. إن روح هذه الأكلة وغيرها من الأكلات والعادات التي تربينا عليها في أريافنا السورية هي ليست بفخامتها وغلاء مكوناتها وثرائها.. بقدر ماهي المحبة الحقيقية فيها .. المحبة التي تجمع البيوت وتجمع الناس وتطوق قلوبهم بعقد الألفة السورية الأصيلة التي ندعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظها وتبقى نقية صافية مكللة بالخير والمحبة والسلام ..
(موقع أخبار سوريا الوطن-2)