لينا فخر الدين
بعد أكثر من 20 عاماً على آخر زيارة له لسوريا عندما كان رئيساً للمحاكم الشرعية السنية، كسر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان القطيعة مع «الشام» بزيارة قصيرة السبت الماضي، مع وفد من مفتي المناطق، توّجت بلقاء استمر نحو ساعة و20 دقيقة مع الرئيس السوري أحمد الشرع.
وإذا كان اللقاء أتى مفاجئاً في توقيته، إذ إن دريان كان قد طلب الموعد قبل أسابيع من دون أن يكون لدى دار الفتوى جدول أعمال محدّد، فإن كلام الشرع المحضّر سلفاً كشف عن الأسباب التي دفعته إلى استقبال الوفد في هذا التوقيت تحديداً، فيما نشر الإعلام العبري بالتوازي مع الزيارة تقارير تفيد عن مطالبة دمشق بضم طرابلس إلى سوريا.
وكان بارزاً خلال اللقاء أن جميع أعضاء الوفد المرافق (مفتو المناطق وأمين الفتوى الشيخ أمين الكردي ورئيس المحاكم الشرعية السنية الشيخ محمد عساف وأمين الفتوى في طرابلس الشيخ بلال بارودي) ألقوا كلمات مقتضبة، بمن فيهم دريان الذي شدّد على أهمية دور دار الفتوى في نشر الإسلام الوسطي، بينما استأثر الشرع بمعظم الوقت في سردية بدأها من زيارة النائب السابق وليد جنبلاط لدمشق، والتي وصفها بأنها «كانت نوعية ورافعة للحفاظ على الوجود الدرزي»، وصولاً إلى الحديث عن التطبيع مع العدو الإسرائيلي مروراً بملكية مزارع شبعا، ما يوحي بأنه أراد تحميل الزيارة رسائل ومواقف إلى الجانب اللبناني.
سوريا لا تريد التدخّل في الشؤون اللبنانية
ويبدو ان الشرع تجنب التطرق الى ملفات سياسية حساسة، لكن مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلي تطرق الى ملف مزارع شبعا، فأكد انها ارض لبنانية، وتحدث عن امتلاك الأوقاف اللبنانية نحو 30 مليون متر مربّع داخل هذه المزارع، فردّ الشرع أنه «في الوقت الحالي لا يمكننا الحديث عمّا إذا كانت هذه المزارع لبنانية أو سورية طالما أنها لم تتحرّر من إسرائيل، وبعد التحرير سنناقش الأمر، ولكن لن تكون هناك مشكلة بيننا، فإذا ثبتت ملكيتها لنا فهي لكم، والعكس صحيح».
ومن خارج السياق، تحدّث الرئيس السوري عن قضية الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية، فأعرب عن استيائه من بقاء القضية معلّقة من دون حل «خصوصاً أنه لا مبرّر لتوقيفهم طالما أنهم كانوا يحاربون النظام الذي سقط وانتصرت ثورة الشعب»، مشيراً إلى أن وزير خارجية سوريا سيزور قريباً لبنان للبحث في الأمر «لأن هذه القضية تحتاج إلى حل سريع».
وتطرّق الشرع إلى العلاقة مع اللبنانيين، إذ قال: «إننا نريد أن تكون لنا علاقة مع جميع المكونات اللبنانية، ولن نعمد إلى نبش الماضي أو الثأر أو حتى السؤال عن أسباب مقاتلتهم في سوريا، وإنما عمدنا إلى قلب الصفحة». وتطرق الشرع إلى نظرته إلى بناء الدولة السورية ونهضتها والعمل على وأد الفتن، خصوصاً الفتن الطائفية، وهو ما ظهر باستهداف كنيسة مار إلياس في دمشق، معتبراً أن «هذا الاستهداف كان موجهاً إلى الدولة السورية وليس إلى المسيحيين باعتبارهم جزءاً من نسيج سوريا ونسيج هذا الشرق».
وبينما كانت كلمة دريان مقتضبة ولم تتطرّق إلى أي ملف محلي، تحدّث بارودي عن «تطلع اللبنانيين إلى العلاقات مع سوريا الجديدة بعد الظلم الذي رأوه من نظام الأسد».
وركّز لقاء دريان والوفد المرافق مع وزير الأوقاف السوري محمد أبو الخير على آليات التعاون في ما يخص الشؤون الدينية والشهادات الدينية، إضافةً إلى الأزمة العالقة بشأن تداخل الأوقاف بين البلدين. إذ إن لوزارة الأوقاف السورية عقارات في لبنان والعكس صحيح، واتفق الجانبان على مزيد من التعاون.
وبعد الصلاة في المسجد الأموي الكبير وزيارة بعض المقامات الدينية والتاريخية، جال دريان والوفد المرافق في جبل قاسيون حيث اطلعوا على أعمال بناء مسجد كبير في المنطقة.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار