الشمندر.. الجذر الأحمر الذي يخفي أسرار الصحة والطاقة

لم يعد الشمندر أو ما يُعرف في بعض الدول بالبنجر مجرد خضار يُقطّع إلى شرائح ليُضاف إلى السلطات، بل تحوّل في السنوات الأخيرة إلى نجم من نجوم الأطعمة “السوبر” التي تتصدّر اهتمام الأطباء وخبراء التغذية والرياضيين على حدّ سواء.
لونه الأحمر القاني لا يعكس فقط جماله البصري، بل يدل على مكوّنات غذائية فعالة جعلت منه طعاماً يُعتمد عليه لتحسين الصحة العامة من مستوى ضغط الدم إلى أداء القلب والمناعة.

الشمندر تحت المجهر الطبي

الدكتور سامر الجندي اختصاصي أمراض القلب والشرايين أكّد لصحيفتنا “الحرية” أن الشمندر يحتوي على نسبة عالية من النترات الطبيعية التي تتحول داخل الجسم إلى أكسيد النيتريك، وهو مركب يُساعد على توسيع الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى خفض ضغط الدم وتحسين تدفق الدم إلى القلب والدماغ لافتاً إلى أنه أصبح اعتماد الكثير من مرضى ضغط الدم الخفيف إلى المتوسط على عصيره كجزء من نمط حياتهم الغذائي حيث أظهرت النتائج استقراراً ملحوظاً في قياساتهم اليومية.

نشاط وطاقة وتحسّن ملحوظ

هذا التأثير الإيجابي لم يكن محصوراً في العيادات الطبية بل انعكس بشكل مباشر على تجارب عدد من المواطنين الذين قرروا دمجه في حياتهم اليومية.
سعاد محمود 47 عاماً موظفة إدارية بدأت بتناول عصير الشمندر يومياً بعد أن نصحتها به صديقتها مبينة من خلال حديثها “للحرية” أنها كانت تعاني من تعب دائم وخمول لاسيما في فترة الظهيرة مضيفة إنها وبعد أسبوعين فقط من شرب عصير الشمندر مع الجزر، لاحظت فرقاً واضحاً في نشاطها أيضاً بشرتها أصبحت ذات نضارة أكثر ولم تعد تعاني من الإمساك كما في السابق.
من جهته، أكّد محمود الرفاعي 33 عاماً وهو مدرب رياضي في نادٍ للياقة البدنية بمدينة جبلة أن عصير الشمندر أصبح مشروباً أساسياً قبل التمارين بالنسبة له ولعدد من زبائنه.
مشيراً إلى أنه أصبح أفضّل العصائر الطبيعية لديهم مضيفاً إنه بعد تجربته مع عصير الشمندر شعر بزيادة قدرته على التحمّل أثناء التمرين، خاصة في الجري لمسافات طويلة.

تغذية غنية ومتعددة الفوائد

وفي السياق نفسه أكدت أخصائية التغذية هناء عبد المعطي أن الشمندر يُعد من الخيارات الذكية لمن يسعى إلى تحسين أداء الجسم والمناعة مبينة أنه غني بالحديد والفولات أيضاً مفيد جداً للنساء خاصة خلال فترة الحيض أو الحمل.
لافتة إلى أن احتوائه على الألياف يُحسن الهضم ويقي من الإمساك ، و قدرته على زيادة مستويات الطاقة خصوصاً عند الرياضيين.

فوائد مشروطة بالحذر

أما مرضى السكري فينظرون إلى الشمندر بحذر أكبر، لكن ذلك لم يمنع بعضهم من تجربته ضمن ضوابط غذائية.
سليم عواد 55 عاماً موظف متقاعد يعاني من السكري النوع الثاني كشف من خلال حديثه لصحيفتنا أنه بدأ بتناول الشمندر بتوصية من ابنته مع الالتزام بمراقبة السكر منوهاً أنه في البداية كان متردداً لأن الشمندر طعمه حلو المذاق وبالتالي يرفع السكر، مشيراً إلى أنه بعد قياسه لسكر الدم لاحظ أن مؤشر السكر داخل الجهاز لم يرتفع، خاصة بعد تناوله مع الألياف أو البروتين، مبيناً أنه أصبح يتناوله مسلوقاً أو مشوياً مرتين بالأسبوع وبكميات معتدلة.

تحذيرات طبية رغم الفوائد

رغم الفوائد الكبيرة للشمندر حذر الأطباء من الإفراط في تناوله في بعض الحالات وبالعودة للدكتور سامر الجندي أكد أن الأشخاص المصابون بأمراض الكلى وخصوصاً من لديهم تاريخ مع حصى الأوكسالات، يجب عليهم أن يستشيروا طبيبهم قبل تناول الشمندر بكميات كبيرة، لأنه يحتوي على نسبة مرتفعة من هذه مادة النترات بالإضافة إلى أن بعض الأشخاص قد يُفاجؤون بتغير لون البول أو البراز إلى الأحمر بعد تناول الشمندر، وهي ظاهرة طبيعية تُعرف باسم “البيتوريا”، ولا تستدعي القلق.

غذاء أحمر… بطبيعة ذكية

الشمندر اليوم لم يعد جذراً أحمراً يتلوّن به طبق الخضار ، بل أصبح غذاء شاملاً يُقدَّم على أنه علاج وقائي، ومنشّط طبيعي في آنٍ معآ .
وفي ظل العودة إلى الطبيعة وما تقدّمه من حلول، يبدو أن هذا الجذر الصامت قد قرر أن يُسمِع صوته… بلونٍ أحمر، وبفعلٍ قوي لا يُستهان به.