الشهر الوردي.. من التوعية إلى الشفاء

ضمن الأيام الختامية من الشهر الوردي لتشرين الأول، تتصاعد وتيرة الحملات التوعوية الخاصة بسرطان الثدي في مختلف المحافظات السورية، حيث تتسابق الجمعيات الأهلية والمراكز الصحية لتقديم الفحوصات المجانية، وتنظيم اللقاءات التثقيفية، وتوفير الاستشارات الطبية للنساء من مختلف الأعمار.

هذه الجهود المكثفة تعكس إدراكاً عميقاً لأهمية اللحظة، وتؤكد أن التوعية ليست مناسبة موسمية، بل مسؤولية مستمرة تبدأ بخطوة واحدة وهي الفحص المبكر. ولأن المرأة تستحق أن تعيش بأمان، وأن تحاط بالدعم، وأن تمنح فرصة للشفاء. تنطلق هذه المادة لتسلط الضوء على أبرز محاور الشهر الوردي، من التوعية إلى الوقاية، مروراً بقصص النجاح، وانتهاءً بدور المجتمع في دعم النساء ومساندتهن.

التوعية المبكرة

يبدأ د. عمار جديد حديثه بالتأكيد على أن الوعي هو السلاح الأول في مواجهة سرطان الثدي، فالتوعية المجتمعية لا تقتصر على نشر المعلومات، بل تخلق ثقافة صحية جديدة، تشجع النساء على الاهتمام بأجسادهن، ومراقبة أي تغيرات قد تكون مؤشراً مبكراً للمرض. والحملات الإعلامية، والندوات التثقيفية، والمحتوى الرقمي الموجه، كلها أدوات فعالة لنشر المعرفة حول أعراض المرض، مثل ظهور كتلة في الثدي، أو تغير في الشكل، أو إفرازات غير طبيعية من الحلمة. وأكد على أن الشهر الوردي، فرصة ذهبية لتكثيف هذه الجهود، حيث تتعاون الجهات الحكومية والجمعيات الخيرية لنشر الرسائل التوعوية في المدارس، الجامعات، أماكن العمل، وحتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ويقول د. جديد إن الصورة الشعاعية السنوية للثدي ضرورة طبية، والفحص الدوري، خاصة باستخدام تقنية الماموغرام، يعد من أهم وسائل الكشف المبكر عن سرطان الثدي. ويوصى به للسيدات فوق سن الأربعين، أو لمن لديهن عوامل خطورة مثل التاريخ العائلي أو استخدام العلاجات الهرمونية طويلة الأمد. كما أن الفحص لا يستغرق سوى دقائق، لكنه قد ينقذ حياة. ويتيح خيارات علاجية أكثر فعالية، ويقلل من الحاجة إلى تدخلات جراحية واسعة. كما أن الحملات الوطنية، توفر هذه الفحوصات مجاناً أو بأسعار رمزية، مما يزيل العوائق المالية أمام النساء في مختلف المناطق.

نمط الحياة

يؤكد جديد أن الوقاية تبدأ من نمط الحياة اليومي، من ممارسة الرياضة بانتظام، مثل المشي أو الجري، التي تساهم في تعزيز المناعة وتقليل خطر الإصابة. كما أن التغذية الصحية، القائمة على الخضار والفواكه الطبيعية، والابتعاد عن المنكهات الصناعية والمشروبات الكحولية، تلعب دوراً وقائياً مهماً. والهرمونات أيضا تستحق الانتباه، فالاستخدام الطويل للعلاجات الهرمونية قد يزيد من خطر الإصابة، لذا ينصح بمراجعة الطبيب قبل البدء بأي علاج هرموني، خاصة بعد سن الأربعين.

عوامل الخطورة

ويشرح أهمية معرفة عوامل الخطورة للمساعدة في اتخاذ قرارات صحية ذكية، ومن أبرز هذه العوامل: وجود إصابات سابقة في العائلة مثل الأم أو الأخت أو الخالة، تناول العلاجات الهرمونية لفترات طويلة، والتقدم في العمر. السيدات اللواتي تنطبق عليهن هذه المعايير، يجب أن يكنّ أكثر حرصاً على إجراء الفحوصات السنوية، ومتابعة أي تغيرات في شكل أو ملمس الثدي. كما ينصح بإجراء فحص الأمواج فوق الصوتية بدءاً من سن العشرين، مرة واحدة سنوياً، خاصة في حال وجود أعراض أو تاريخ عائلي.

قصص شفاء

إحدى السيدات، تبلغ من العمر ٤٥ عامًا، كانت تلتزم بإجراء الماموغرام سنوياً رغم عدم وجود أعراض، وفي أحد الفحوصات، تم اكتشاف كتلة صغيرة جداً، وجرى تشخيصها في مرحلة مبكرة جداً، ممّا سمح بعلاجها دون الحاجة إلى تدخل جراحي كبير، واليوم تعيش حياة طبيعية، وتشارك في حملات التوعية لتشجيع الأخريات على الفحص المنتظم. وسيدة أخرى، في الثلاثينات من عمرها، كانت تظنّ أن الفحص لا يهمّ في هذا السن، لكنها استجابت لدعوة إحدى الحملات، وخضعت لفحص الأمواج فوق الصوتية، الذي كشف بداية تغيرات خلوية، تمّ علاجها بسرعة، واليوم هي من المتطوعات في تنظيم الفعاليات الصحية، وتحرص على مرافقة صديقاتها إلى مراكز الفحص كل عام. ومن القصص المؤثرة أيضاً، سيدة في الخمسينات كانت قد أهملت الفحص لسنوات، لكنها قررت أخيراً إجراء صورة شعاعية بعد تشجيع من ابنتها، تمّ اكتشاف الورم في مرحلة متوسطة، لكنها خضعت للعلاج الكيميائي والجراحي، وتعافت بشكل كامل، ومنذ ذلك الحين، أصبحت من أبرز الأصوات في حملات التوعية، وتشارك تجربتها في الندوات واللقاءات الإعلامية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الثورة