أكد وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني أن التحول الذي تشهده الدبلوماسية السورية اليوم يمثل تحولاً تاريخياً يعيد تمثيل سوريا بصورة لائقة ومشرقة تعكس حضارتها ومكانتها، بعد أن كانت لعقود رهينة سياسات النظام البائد التي شوّهت صورتها واعتمدت على الابتزاز وسوء العلاقات مع العالم.
وقال الشيباني في مقابلة مع قناة الإخبارية السورية اليوم: إن الدبلوماسية السورية الجديدة استطاعت إيصال صوت الشعب السوري إلى العالم، والتعبير عن طموحاته، والعمل على معالجة آثار المرحلة السابقة، مشدداً على أن الحكومة الحالية جاءت من رحم الثورة السورية وتفهم معاناة الشعب، وتسعى لتمثيله بصدق ومسؤولية.
الشيباني: سياسة خارجية قائمة على الحوار والتعاون المتوازن
وبيّن الشيباني أن السياسة الخارجية السورية اليوم تنأى عن الاستقطاب والمحاور، وتنتهج الحوار والانفتاح والتعاون المتوازن مع الجميع، وتعمل على دعم جهود إعادة الإعمار، ورفع العقوبات الاقتصادية، وتأمين عودة كريمة للاجئين السوريين، مؤكداً أن سوريا باتت تُذكر في المحافل الدولية كدولة فاعلة تتطلع إلى المستقبل بثقة وثبات، بعد أن كانت تُقدَّم كأزمة إنسانية.
وأوضح الشيباني أن مشاركة سوريا في الجمعية العامة للأمم المتحدة مثل حدثاً تاريخياً وباكورة انتصارها على الصعيد الدولي، وأسهم في إبراز دور دمشق وصوت شعبها لأول مرة بشكل مباشر أمام المجتمع الدولي دون أي مواقف محرجة.
وأشار وزير الخارجية إلى أن العلاقات مع الدول العربية تشهد تقدماً ملحوظاً، كما أن العلاقات مع الدول الصديقة ومنها روسيا والصين، تسير باتجاه إعادة بناء متوازن قائم على الندية والاحترام المتبادل، بما يخدم مصالح الشعب السوري، مؤكداً أن أي تفاوض أو اتفاقيات مستقبلية ستأخذ في الاعتبار حقوق السوريين ومبدأ العدالة الانتقالية.
الشيباني: التعامل مع الملف الروسي والصيني بعقلانية وسيادة وطنية
وقال الشيباني إن سوريا تتعامل مع الملف الروسي بعقلانية ورويّة، انطلاقاً من مبدأ الحفاظ على السيادة الوطنية وعدم السماح بعودة أي شكل من أشكال التبعية أو الارتهان، مشيراً إلى أن الاتفاقيات التي أبرمها النظام البائد مع الجانب الروسي ما زالت قيد التقييم، ولم تُقرّ منها أي اتفاقيات جديدة حتى الآن، كما لفت إلى أن المشاورات الجارية بشأن الوجود العسكري الروسي في سوريا يهدف إلى إعادة تحديد طبيعة هذا الوجود ودوره في المرحلة المقبلة، بما يضمن مصالح سوريا ويحافظ على استقلال قرارها الوطني.
وبين الشيباني أن العلاقة مع روسيا والصين يجب أن تسخر لمصلحة الشعب السوري، وقال: “أعدنا تصحيح العلاقة مع الصين التي كانت تقف سياسياً إلى جانب النظام البائد وتستخدم “الفيتو” لصالحه، وفي بداية الشهر القادم ستكون هناك أول زيارة رسمية لبكين بدعوة رسمية من الحكومة الصينية”.
الشيباني: تصحيح العلاقة مع لبنان ورعاية حقوق اللاجئين
وبشأن العلاقة مع لبنان، قال وزير الخارجية والمغتربين إن سوريا ماضية في تصحيح علاقاتها مع لبنان على أسس الاحترام المتبادل والتعاون بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين تأثرت بإرث سلبي خلفه النظام البائد بسياساته التي أساءت لصورة سوريا في لبنان، مؤكداً أن الحكومة الحالية تعمل على تجاوز تلك المرحلة وبناء علاقات طبيعية تقوم على التعاون والتكامل.
وأوضح الشيباني أن ملف اللاجئين السوريين في لبنان يحظى باهتمام خاص من دمشق، التي تعمل على تنظيم عودة كريمة ومستدامة لهم، كما بين أن ملف الموقوفين السوريين في لبنان ولا سيما في سجن رومية يشهد تقدماً ملموساً عقب الزيارات المتبادلة بين الجانبين، وأن العمل جارٍ لإعادة الموقوفين إلى سوريا بكرامة واحترام.
الشيباني: إسرائيل لديها مشاريع توسعية وممارساتها تعزز عدم الاستقرار
وشدد الشيباني على أن إسرائيل لديها مشروع توسعي وتحاول فرض واقع جديد مستغلة التغيير الذي حصل في سوريا، وممارساتها تعزز عدم الاستقرار في سوريا والمنطقة، وتشكل ملاذاً آمناً للميليشيات الأجنبية التي كانت ضد الشعب السوري وتمنع سوريا من الانطلاق بشكل سريع ومنتظم نحو إعادة الاعمار، مؤكداً أن دمشق ترفض أي شكل من أشكال التقسيم والفيدرالية وهذا لا يحتاج إلى نقاش أو تفاوض.
الشيباني: ما حدث في السويداء جرح وطني ونعمل على تجاوزه
وحول الأوضاع في محافظة السويداء، شدد الشيباني على أن ما جرى هناك هو جرح وطني وأسيء استخدامه من أطراف عديدة أبرزها إسرائيل، مؤكداً أن الحكومة السورية تتعامل مع ملف السويداء كقضية إنسانية داخلية بعيداً عن أي استغلال سياسي، كما أن أبناء السويداء جزء أصيل من النسيج الوطني السوري.
وأوضح الشيباني أن الحكومة تعمل اليوم على استعادة الأمن والاستقرار، وإعادة إعمار القرى المتضررة، وتعزيز روح التكافل الوطني، داعياً النخب ومشايخ العقل وكل حريص في السويداء إلى العمل لتجاوز ما حدث.
الشيباني: حوار وطني شامل مع قوات سوريا الديمقراطية
وبشأن ملف قوات سوريا الديمقراطية، أوضح وزير الخارجية أن الحكومة تواصل الحوار مع ممثلي “قسد” بهدف دمج مؤسسات المنطقة في مؤسسات الدولة، مؤكداً أن الحل سيكون وطنياً توافقياً يضمن وحدة البلاد واستقرارها، وقال: “هناك فرصة تاريخية لمنطقة شمال وشرق سوريا لأن تكون جزءاً فاعلاً في هذه المرحلة، وأي تأخير في تنفيذ اتفاق العاشر من آذار سينعكس سلباً ويعرقل مصالح المدنيين وعودة المهجرين إلى مناطقهم، لذلك نرى أن الشراكة يجب أن تتم بأسرع وقت ممكن”.
الشيباني: مرحلة بناء وسلام لتعزيز حضور سوريا الدولي
وأكد الشيباني أن المرحلة المقبلة هي مرحلة بناء وسلام، تتطلب جهداً مضاعفاً لترسيخ حضور سوريا العربي والدولي، وصون حقوق شعبها وتضحياته، مشدداً على أن العمل الدبلوماسي السوري سيبقى صوتاً للحق، ودرعاً يحمي السيادة الوطنية، وجسراً يربط سوريا بالعالم على أسس من الاحترام والمصالح المتبادلة.
اخبار سورية الوطن 2_سانا