الرئيسية » كتاب وآراء » الصحافة والمال القذر!

الصحافة والمال القذر!

| فراس عزيز ديب

الخميس, 17-02-2022

في الأسبوعِ الماضي، اعتقل الأمن اللبناني خلية تجسسٍ لمصلحة العدو الإسرائيلي، ومما تسرب من التحقيقات مع أحد أفرادها وهو صحفي بأنهُ كان يتلقى عن كلّ مقالٍ يكتبه للهجوم على جهاتٍ محددة لتشويهِ سمعتها مايقارب الخمسمئة دولار وسطياً، هذا يعني بأنه قد يحصل في الشهر على مايقارب ثلاثة آلاف يورو، هذا المبلغ قريب جداً من راتبِ استاذٍ جامعي بمرتبةِ دكتوراه في دولةٍ كفرنسا، لكنَّ هذا الأمَّعة كان يحصل عليها عبرَ تحويل كلماتهِ إلى بضاعةٍ لخدمة العدو و تشويهِ سمعة جزء كبير من الشعب اللبناني.

شكل هذا الخبر فرصة للحديث عن العمل الصحفي، تحديداً فكرةَ تحول الصحفي إلى وسيلة تنفِّذ مايريدها الآخرون لدرجةٍ ضاعت معها الثقة بالأفكار المطروحة شعبياً، من مبدأ «راح الصالح بالطالح»، هنا لابد من النظر إلى ماوصلنا إليه من زاويتين أساسيتين:

الزاوية الأولى مرتبطة بمستوى حياة الصحفي أو الكاتب في الشأن العام، ففي شرقنا البائِس يمكننا التمييز بين نموذجين هما الأهم، إما أن تكون صحفياً بلا ثوابت ولا مباديء فتعيش عيشة الترف وهناك مئات الأمثلة عن ذلك، أو أن تكون مدافعاً عن ثوابتك ومبادئك، حينها عليك ببساطة أن تتحمل شظَف العيش، هنا لابُدَّ من دورٍ ما للجهات التي تشرف على عمل هذا الصحفي في حمايةِ موهبته عبر التعويض المناسب، لا أن نتركه عرضة لأهواءِ الحياة، مع التأكيد أن قلة قليلة شكلّت صنفاً ثالثاً حينما تمكَّنت من الحفاظِ على الثوابت و بذات الوقت مقاومة متطلبات الحياة عندما أدركت بأن الصحافة «مابطعمي خبز»، ولم تعتمد عليها في تأمين قوتِها اليومي.

الزاوية الثانية وهي فكرة الإساءة ووقع الكلمة عند المتلقي، باختصار يستطيع مقال بسيط من أربعمئة كلمة أو إشاعة متقنة من بضعة أسطر فيسبوكية أن تدمِّر سمعة أشخاصٍ وجهاتٍ وأحزاب، لكن ستعجز بعدها ماكينات إعلامية كاملة أن تصحِّح ما سببتهُ هذه الإشاعة أو هذهِ الأكاذيب، قد لايكون من بثَّها عميلاً لكنه ببساطة غبي ويقدم خدمات مجانية، تحديداً في مجتمعاتنا التي ندين فيها بالولاء لكل الأخبار التي تتعلق بالأكشن، ننسى فوراً الإيجابيات ونتذكر فقط السلبيات. قد يأتي من يقول:

أليسَ هو دور الإعلام في حماية المجتمع من الإشاعات؟ بالتأكيد نتفهم قناعة جزءٍ مهم من المواطنين السوريين بأن المنظومة الإعلامية في سورية فاشلة حتى الآن على الأقل، لكننا لانتحدث هنا عن الأخبار الرسمية وغيرها، نتحدث عن نهَم المجتمع لكل مالهُ علاقة بالفضائح وتشويهِ سمعة الآخرين عن قصدٍ أو غير قصد.

في الخلاصة ربما لن يطولَ الزمن حتى تنكشف كل الأموال التي كان يتلقاها هذا الصحفي أو ذاك في سورية أو لبنان لافرق، إن كان لجهة تشويهِ سمعة أبرياء أو تبييضَ صفحات آخرين، كلاهما إجرام بحق الكلمة والأمانة الصحفية، أياً كان المرتكب و أياً كان الهدف أو الزاوية التي جعلوا فيها كلماتهم سلعة، هؤلاء ينطبق عليهم مقولة شهيرة لسلطان الثورة السورية «سلطان باشا الأطرش» طيب الله ثراه:

نيَّال اللي ماعندو شرف!

(سيرياهوم نيوز-الوطن)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ماذا تقول الاستطلاعات في الكيان وفلسطين؟

ناصر قنديل   – الحرب في نهاية المطاف هي طريقة لتغيير القناعات التي لا ينفع الجدال والتفاوض بتغييرها، تحت ضغط القوة والتهديد بالموت والاقتلاع، فتعيد ...