الصدمات الاقتصادية والمناخية المتكررة تقيّد موارد العيش الزراعية و المؤشرات تتحدث عن منحى هابط للنمو

تؤثر الصدمات الاقتصادية والمناخية المتكررة بشدة على موارد العيش الزراعية، وتؤثر على الدخل الفردي بشكل عام، وتهدد المخاطر المتعددة توقعات نمو الاقتصاد الزراعي السوري بشكل كبير، حيث تميل المؤشرات إلى توقع استمرار منحى هابط للنمو على المدى المنظور.
ولا يزال العديد من العاملين في الزراعة يهجرون هذا القطاع للعمل في قطاعات أخرى أكثر استقراراً وربحاً، ما يوجد تداعيات مستقبلية، أهمها انهيار سلسلة الإنتاج الزراعي التي يحتاج إعادة بنائها سنوات طويلة.

العمود الفقري

إدارة الملف الزراعي من بوابة أنه العمود الفقري للاقتصاد الوطني ليس مطلباً حديث العهد،خاصة أن المشهد الزراعي شهد استنزافاً كبيراً خلال حقبة النظام السابق، بانتظار تغيير حقيقي في ظل الحكومة الحالية، بحيث يمكن عبر هذا التغيير تجاوز التحديات المختلفة من اقتصادية وأمنية أو جزء منها.

مسلم : تغيّر أنماط الأمطار يزيد من تعقيد التخطيط الزراعي ويؤثر سلباً على إنتاجية المحاصيل

جملة تحديات

و وفقاً للباحثة في الشأن الزراعي الدكتورة رنيم مسلم فإن أبرز التحديات التي تواجه الزراعة محلياً هي تحديات مترابطة في بعض جوانبها، و تتقدمها التحديات المناخية والبيئية والجفاف وندرة المياه والانخفاض الملحوظ في معدلات هطول الأمطار، ما يؤدي إلى الجفاف وزيادة استنزاف المياه الجوفية عبر الحفر العشوائي للآبار، ما يهدد الأمن المائي والري.
وأيضاً التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار يزيدان من تعقيد التخطيط الزراعي، ويؤثران سلباً على إنتاجية المحاصيل، مع وجود التصحر وتدهور التربة ما يؤدي إلى فقدان الأراضي الخصبة، كما أن الممارسات الزراعية غير المستدامة تسهم في تدهور خصوبة التربة وفقدانها.
كما أن التحديات الاقتصادية و ارتفاع تكاليف الإنتاج أزمة يواجهها المزارعون من ارتفاع أسعار البذور والأسمدة والمبيدات والمحروقات، ما يجعل الاستمرار في الزراعة أمراً صعباً، فضلاً عن صعوبة التسويق و تراجع القدرة الشرائية للسكان وانخفاض الطلب يؤثران على تسويق المنتجات الزراعية.

مسلم: تدمير البنية التحتية في مناطق النزاع يمنع القطاع الزراعي من استعادة عافيته

تحديات أمنية وسياسية

إضافة إلى ماسبق تشرح مسلم لـ ” الحرية” التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه الزراعة والمزارعين من تدمير البنية التحتية في مناطق النزاع، ما يعوق استعادة القطاع الزراعي لعافيته، و الزحف العمراني الكبير أدى إلى خروج الكثير من المساحات الزراعية عن الزراعة وتحولها لأماكن تجارية، أسواق، أبنية سكنية، كما ساهم نزوح المزارعين وهجرة العمالة الماهرة من القطاع الزراعي في انخفاض الإنتاجية وتدهورها، إضافة إلى النزاعات والتعددية السياسية حيث تؤدي سيطرة قوى متعددة على الأراضي والموارد المائية إلى سوء توزيع هذه الموارد، وعدم الاستفادة منها بشكل أمثل.

الزحف العمراني

واقترحت مسلم أن تتم مناقشة الزحف العمراني الكبير، الذي سبب تراجع مساحة الأراضي الزراعية وتحولها لأبنية سكنية ومشروعات تجارية، من خلال وضع قوانين وتدابير لضبط الأمور، و تشجيع المزارعين على استثمار الأراضي الزراعية المتاحة لديهم حتى لو كانت حيازات صغيرة، من خلال توفير قروض بلا فوائد، تقديم مستلزمات إنتاج بأسعار رمزية، وأيضاً تشجيعهم على الاستثمار في مجال المشروعات الزراعية متناهية الصغر في الأرياف، من خلال توفير التمويل اللازم، إلغاء الإجراءات البيروقراطية المعتادة للحصول على التراخيص فيما يتعلق بالأمور الزراعية، و التركيز على مشروع إعادة تشجير الغابات التي تعرضت لحرائق كبيرة، ولرعي جائر، وقطع عشوائي و دعم التوسع العمودي الرأسي في الزراعة أي زيادة الإنتاجية في وحدة المساحة لتعويض النقص الكبير في المساحات الزراعية.

مسلم: تشجيع المزارعين على استثمار الأراضي الزراعية المتاحة لديهم حتى لو كانت حيازات صغيرة

خطة ممنهجة

وأكدت مسلم ضرورة أن تعتمد وزارة الزراعة خطة ممنهجة في إعادة استصلاح الأراضي غير الصالحة للزراعة من خلال توفير كل ما تحتاجه لدعم خصوبتها وجعلها صالحة للزراعة بأي شكل من أشكالها سواء محاصيل أو أشجار مثمرة، والأهم كما توضح مسلم اختيار المحصول المناسب في الأرض المناسبة لأن أفضل الغراس أو البذور لا تنمو في الأرض غير الصالحة للزراعة.