آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » الصين وبوصلة دمشق الاقتصادية

الصين وبوصلة دمشق الاقتصادية

عزة شتيوي:

الصين صديقة الشعوب والدولة العظمى التي لم يلوث تاريخها بماض استعماري ولا أطماع توسعية، بل تفرش دروبها على العالم بالحرير، ليكون طريق الحرير شاهداً على ربط الحضارات بين الصين وبلاد والشام وتحديداً سورية، حيث كانت القافلات الصينية تسافر بعيداً إلى الغرب، وتمر بصحراء واسعة في سورية قبل وصولها إلى الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وكانت مدينة تدمر محطة حتمية تمر بها القافلات.

بالتزامن مع تبادل البضائع، جلب هذا الطريق الرابط بين الشرق والغرب، التبادل والتعلم المتبادل للثقافة والعلم والفكر وبات شاهداً على علاقات صداقة بين دمشق وبكين تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، أما العلاقات الدبلوماسية فكانت رسمية منذ عام ١٩٥٦، حيث كانت سورية ثاني دولة عربية بعد مصر، أقامت جمهورية الصين الشعبية معها العلاقات الدبلوماسية.

وكانت سورية إحدى الدول التي قدمت مشروع قرار إعادة الصين إلى مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة في أثناء انعقاد الجمعية العامة السادسة والعشرين للأمم المتحدة، وبقيت العلاقات تزداد تقارباً مع صعود نجم الصين وروسيا وأفول الأحادية القطبية الأميركية وتوحش الهيمنة الإمبريالية في احتضارها، وخاصة في المنطقة، وإبان ما سمي الربيع العربي المزعوم والمفتعل غربياً، لذلك باتت التصورات المشتركة للعلاقة الثنائية بين سورية والصين ضمن المشهد الأكبر الذي يمثل علاقة الصين مع دول الشرق الأوسط ودورها الحيوي في عموم هذه المنطقة التي أشعلت أميركا فيها نيران الحروب وخنقتها اقتصادياً.

وتنظر دمشق إلى أن أهم تغيّر إيجابي وسط الظروف الدولية المحبطة والمقعدة حالياً يتمثل بالدور الصيني الذي يتصاعد بشكل هادئ ومتوازن، وأن هذا الدور بات يقدِّم نموذجاً جديداً في السياسة والاقتصاد والثقافة ولا سيما أنه يقوم على مبدأ تحقيق الاستقرار والسلام والربح للجميع والعالم كله اليوم بتطورات ما يحدث يحتاج للحضور الصيني سياسياً واقتصادياً لإعادة التوازن للوضع العالمي، وخاصةً في ظل العلاقات الروسية-الصينية، وما يمثله تحالف دول البريكس من مساحة دولية قوية قادرة على صناعة نظام دولي متعدد الأقطاب.

وهنا تبرز أهمية مبادرة الحزام والطريق الصينية في تحقيق التنمية والتعاون الاقتصادي، خاصة بالنسبة لسورية التي تواجه حرباً إرهابية واحتلالاً أميركياً لأهم مناطق النفط وخناقاً اقتصادياً وعقوبات أحادية الجانب فرضها الغرب وعلى رأسهم واشنطن، فاختارت دمشق أن تتجه بالاقتصاد شرقاً نحو الصين وبعيداً عن المؤثرات الاقتصادية الغربية، حيث ترى دمشق أن التخلص من التعامل بالدولار أصبح ضرورياً، وأن دول البريكس تستطيع أن تؤدي دوراً قيادياً في هذا المجال، إضافةً لخيار اعتماد اليوان الصيني في التعاملات التجارية بين الدول.

وجاءت زيارة السيد الرئيس بشار الأسد الأخيرة إلى بكين وإعلان الشراكة الاستراتيجية بين سورية والصين في توقيت دولي تبرز فيه تكتلات اقتصادية وسياسية مهمة في مواجهة تحالفات الغرب وهيمنته، وخاصة أن لسورية وموقعها الجيواستراتيجي المهم والذي كان سبباً في الأطماع الغربية بها.

وكما تجد دمشق أن الصين بوابة شرقية مفتوحة للاقتصاد والانتعاش يوم كانت أبواب الغرب رياحاً للخراب والدمار والحصار، فإن الصين أيضاً تجد بسورية منفذاً تاريخياً على منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما أن الدولة السورية مقبلة على مرحلة جديدة، وهي إعادة الإعمار وما يرتبط بها من استثمارات، والتي نوهت دمشق بأن الأصدقاء الذين وقفوا إلى جانب الشعب السوري في حربه هم أيضاً، سيكونون ضمن خيارات الاستثمار في إعادة الإعمار.

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز٣_الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“نيويورك تايمز”: ماذا يعني تصاعد الصراع في الشرق الأوسط للاقتصاد العالمي؟

“نيويورك تايمز” تشرح مخاطر توسّع الحرب في الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي، مسلطةً الضوء على تأثير الأحداث في المنطقة على أسعار النفط، التي يمثّل استمرار ...