طالما أن وحدات الإدارة المحلية معنية بالتخطيط والعمل على كل ما من شأنه أن يرفع من سوية الوحدة اقتصاديا واجتماعيا – عملا بالمقولة الاقتصادية ” لا تخطيط بلا إحصاء “-، فإن المصلحة العامة للوحدات المحلية (مدينة – بلدة – بلدية)، تقتضي أن تتوفر لدى كل منها كمية كبيرة وشاملة من الإحصاءات الرقمية التي تتعلق بالواقع الاجتماعي والاقتصادي لكامل قطاعها الجغرافي، سكنيا وزراعيا وصناعيا وخدميا، لغاية تمكين مجلس الوحدة من تدارس أي موضوع يتعلق بشؤونها، بوضوح تام، عند كل اجتماع دوري أو عرضي، وعند إعداد أية خطة سنوية أو مرحلية، إضافة إلى تمكين رئيس الوحدة وجهازها الإداري من الإجابة السريعة على كافة المراسلات الواردة من الجهات المعنية أو من المواطنين.
ففي الجانب الاقتصادي يجب أن تكون بين يدي مجلس الوحدة إحصاءات تفصيلية عن المنشآت الصناعية والخدمية والتجارية، عددا وعدة ونوعا وطاقة، وواقع استهلاك كل منشأة من مستلزمات الإنتاج المنتجة محليا والمستوردة، وعدد عمال المنشأة، وواقع تصريفها لمنتجاتها داخليا وخارجيا، مع أرقام هواتفها وعناوينها التي تظهر توزعها المكاني ضمن أحياء وشوارع الوحدة، كما يجب أن يكون لدى الوحدة الإدارية مصنفا خاصا لكل منشأة يتضمن كل ما يتعلق بها بدءا وتتابعا، وضرورة إلزام صاحب المنشأة بإعلام الوحدة الإدارية عن أي تعديل يطرأ على منشأته، أكان توسُّعا أو تقليصا أو توقُّفا، لكي يتم لمح ذلك في مصنفها الخاص، وعلى مجلس الوحدة الإدارية الاهتمام بكل ما من شأنه أن يساهم في تنشيط المنشآت العاملة،والمساعدة في معالجة مشاكل المتعطلة منها، وتأسيس بنية تحتية تحفز لإحداث منشآت جديدة.
أما في الجانب الاجتماعي فمن المفيد وجود قوائم اسمية لدى الوحدة الإدارية عن طالبي العمل وفق المؤهل التعليمي والعملي، ومن المتسربين من المراحل التعليمية، والخريجين من كافة المراحل من الدارسين سواء المتوقفين عن متابعة الدراسة، أو من الذين توقف عملهم لسبب ما، وهنا من المفيد تعاون مجلس البلدة مع الجهات المعنية بتشغيل طالبي العمالة، وأيضا من المستوجب أن تكون لدى كل وحدة إداريه استمارة معلومات عن المعاقين والجرحى وأسر الشهداء والأسر الأشد فقرا، ومعلومات عن المساكن غير المشغولة بالسكان والمساكن المؤجرة، والمساكن المتوقف إكمالها.
كذلك من الضروري أن يكون لدى الوحدة الإدارية إحصاءات شاملة عن الواقع الزراعي (من خلال التعاون مع الإرشادية الزراعية الموجودة في قطاعها )، بخصوص المساحة القابلة للزراعة وإجمالي المساحة المزروعة وعدد الحيازات الزراعية، وعدد العاملين في الزراعة بشكل كلي أو جزئي، وتفصيلا عن كل محصول: زراعة وإنتاجا في كل موسم، والمساحة المشغولة بالأبنية والمساحة غير القابلة للزراعة (غابات – صخور – غير ذلك)، لدراسة مدى إمكانية إقامة مشاريع تنموية عامة فيها، والحال نفسها بالنسبة لواقع الثروة الحيوانية في قطاع الوحدة المحلية (أبقار حلوب وثيران وعجول وغنم وماعز من ذكور وإناث) وعدد الحائزين من كل نوع، أكانت التربية الحيوانية في حظائر خاصة لذلك أم تربية منزلية، وأيضا بالنسبة للدواجن بأنواعها، ليتبين للوحدة حالة أمنها الغذائي، لأن توفر المزيد من الأرقام الإحصائية لدى الوحدة المحلية يمكنها من العمل على الاستثمار الأمثل لمواردها الذاتية، ويساعدها ذلك في أحقية وشرعية مطالبتها بالدعم التمويلي من الجهات الأعلى.
ن ما تظهره الأرقام للواقع الراهن للوحدة المحلية وما تنبئ به للمستقبل، يمكنها من الإعداد المناسب لمعالجة الكثير من حالات البطالة في قطاعها، وبالتعاون مع الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وبقية الجهات الأخرى الرسمية والخاصة المعنية بتشغيل العاطلين، يمكنها من تحقيق تلاقي بين الموارد المادية المعطلة والموارد البشرية المعطلة ضمن قطاع الوحدة، وبالتالي وضع الحلول والمعالجات وفق الاحتياجات.
على الأغلب توجد بعض الإحصاءات لدى وحدات الإدارة المحلية، ولكن الحاجة ماسة للمزيد منها، قياسا بما هي عليه الآن، وهذا يتطلب أن تعمل وزارة الإدارة المحلية، لتعيين موظفي إحصاء في كل وحدة إدارية من آلاف خريجي الدراسات الإحصائية (معاهد وكليات)، بما يتناسب وحجم قطاع كل وحدة إدارية، لأنه لو كانت هناك إحصاءات جاهزة بالشكل الأمثل لدى الوحدات الإدارية، لكانت إحصاءات التضرر من كارثة الزلزال الأخيرة أقل كلفة وأكثر دقة.
وباستطاعة مديرية إحصاء المحافظة الاعتماد على موظفي إحصاء الوحدة المحلية، كعناصر ارتباط لها بخصوص المسوح الإحصائية التي تنفذها المديرية كل عام.
عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية
(سيرياهوم نيوز ٤-البعث)