ميخائيل عوض
لا احتمال ان تنتصر اسرائيل في حرب غزة وكل ما تستطيعة ارتكاب المجازر وتدمير البيوت والمشافي واستهداف المدارس والعزل من النساء والاطفال والاسر وما ان تطأ اقدام المشاة ارض غزة حتى يرحلون الى الاخرة وكثيرا وهم في الياتهم ومدرعاتهم فقد اعدت لهم غزة مقبرة، ورجالها يتوقون للشهادة وينشدون النصر وستعقد رايته لهم.
لا شيء، ولا معطى واحد ولا اي مؤشر او عامل يعتد به في مسارات حرب غزة وما ولدته من حرب كبرى وواسعة جارية على جغرافية تمتد من الناقورة الى بحر العرب وبعمق الهضبة الايرانية يجيز القول او التقدير بان اسرائيل وحلفها ستحقق انجازات او انتصار حتى بالنقاط في هذه الحرب.
واسرائيل بلسانها العبري وبفم كل قادتها اعلنتها حرب وجود. بمعنى ان خسارتها لهذه الحرب ستؤدي الى نهايتها، وما اعلنه قادتها هو التقدير الحقيقي والموضوعي لهذه الحرب والظروف والتوازنات التي تجري فيها فقد فقدت اسرائيل كل واي من عناصر قوتها وسطوتها الاستراتيجية والتكتيكية وانهكت في حرب طويلة الامد منذ ١٩٧٣ حرب تشرين التي قادتها سورية ثم خاضتها وتخوضها مع محور المقاومة وفصائله حتى طوفان الاقصى ودارت على مبدا الجولات وترصيد النقاط وقد كسبها كلها محور المقاومة ورصد نقاطها وحفظ الانتصارات وراكم عليها والمنطقي ان تبلغ الامور والحرب التي امتدت ل٧٥ سنة اوزارها وتؤدي نتائجها بجولة فاصلة تقرر نهاية لكيان.
والحرب الوجودية باللسان العبري تترجم الى العربية بحرب تحرير فلسطين من البحر الى النهر، ذاته الشعار الذي دأب السيد حسن نصرالله على تكراره ويخبرنا بان زمنها دنى وموعدها ازف وها هي غزة تديرها وتقودها بكفاءة واقتدار والمحور فتح الجبهات ووضعها تحت امرة غزة وفصائلها.
ولحرب غزة سيناريوهات ثلاثة كيفما سارت امورها ستؤدي في خواتيمها الى ازالة هذا الكيان المزروع عنوة وبالقوة القهرية وببلطجة الغرب وعدوانيته التي قام ونشأ وهيمن عبر ابادة الامم والشعوب.
وبافتراض ان الحرب الجارية ستسلك سبيل الهدن والاستنزاف، فالكيان وقادته الذين ايقنوا ان ايامهم العادية باتت معدودة يركبون رؤوسهم ومن الواضح انهم قرروا نحر اسرائيل واستعجال نهايتها الدموية، ولم يتعقل منهم احد ليفكر في اليوم الثاني للحرب، وفي جهدهم الانتحاري، وبعقلية الكيان الذي قام وبني كامه امريكا على ابادة الاقوام صاحبة الحق القومي.
سارع قادته الى تسليح عشرات الالاف من قطعان المستوطنين خاصة في الضفة، واطلق العنان لهم ليرتكبوا المجازر والاعتداءات والبلطجة بمساندة وحماية الجيش المترهل والمهزوم والفاقد للثقة بنفسه بعد طوفان الاقصى العجائبية وقد انتدبت امريكا ضباط اركان لقيادته واسندته بالعديد من قوة دلتا فورس والمارينز ولم يفلحوا في انتشاله من مستنقع الهزيمة والشعور بالنقص وفقدان الثقة والمعنويات.
فشل وهزيمة اسرائيل في غزة سيدفعهم لمحاولة التعويض في الضفة وفلسطين ال٤٨ مفترضين ان الفلسطينيين المدنيين والمجردين من السلاح والواقعين تحت الاحتلال واجهزة دايتون ابو مازن لقمة سائغة لإشباع عدوانية وعنصرية قطعان المتطرفين.
والضفة وفلسطين ال٤٨ الذين تكفلوا بالمقاومة وابقاء جذوتها وتحملوا كلفتها الكبيرة، في العقدين المنصرمين، وانتفضوا وقاوموا بالسكين والدهس وبالسلاح الفردي وبالتظاهرات، والثبات والصمود والصبر والمرابطة في الاقصى لحمايته، سيتأثرون بانتصار غزة وسيثقون بالمقاومة وفصائلها ومحورها ولن ينكفؤوا او يستسلموا، بل سيقاومون بما تأمن لهم من روح واجساد ووسائل وسلاح. والاشتباك في الضفة وفلسطين ال٤٨ يجري من مسافة صفرية. لا يحتاج فيها الفلسطينيون للصواريخ الثقيلة وطويلة المدى والقدرات التدميرية انما هم بحاجة للعبوات، وقواذف ياسين١٠٥، وقانصات وبنادق واسلحة فردية ومتوسطة والاهم خبرات وتنظيم وادارة الاشتباك على ما تحقق في غزة، وهذه وسائط يسهل تأمينها لهم وربما بعضها اصبح موفورا كما في مواجهات نابلس وجنين وحوارة والمخيمات التي تحولت الى بؤر ثورية مقاومة واشبه بمناطق محررة.
وكما كان لغزة دور في حماية الضفة وخاضت جولة سيف القدس وثار الاحرار ووحدة الساحات ومن ثم عملية طوفان الاقصى وتخوض حربها النوعية الجارية وتأمنت بإسناد من جبهات محور المقاومة التي فتحت واعطت غزة الامرة بالحرب والتصعيد ولم تتهيب وعود وتهديدات وانذارات امريكا ورئيسها وحشود اساطيلها لابد ان تتشكل جدار استنادي للضفة ولفلسطيني ال٤٨ في معركتهم التي تعد لها إسرائيل وتسلح المستوطنين القتلة والمنفلتين من عقالهم.
الضفة وفلسطين ال٤٨ ستكون جولة الحرب الفاصلة والاخيرة في مسارات حرب تحرير فلسطين من البحر الى النهر فلتبقى الاصابع على الزناد وليستمر التحشيد والاستنفار والجاهزية في كل الجبهات ومحاور القتال والحرب.
اسرائيل تحولت بأكثريتها الساحقة الى اليمين والتدين والتطرف ولا مكان في عقلها الجمعي للتسويات وحلول الدولتين او اي حلول تسووية، وقد قتلت رابين وهو احد انبيائها بمجرد ان اعطى وديعة للأسد يقر فيها بالانسحاب الى خط الرابع من حزيران ١٩٦٧، وتاليا لن تقبل بتسويات تعيد بعض الحق القومي ولن تترك السلاح ولن تغادر طبيعتها الاستيطانية العدوانية ومنطق الابادة لتأمن نفسها ومشروعها، وستبقى على طبيعتها واساس نشوئها عصابات عدوانية استيطانية واستئصالية، لا عمل لها الا ابادة اصحاب الارض والحق، وليس ما يمنعها من ان تنتحر وقد فقدت عقلها وعناصر قوتها وفوضت بإدارتها الفاسدين والقتلة والمتطرفين ولا شيء يردعها الا السلاح.
الضفة وفلسطيني ال٤٨ في خطر، وحمايتهم واسناد مقاومتهم وتعظيمها مهمة لا تقبل التأجيل وليست اقل اهمية من نصرة وحماية غزة ومقاومتها بل ستكون الاهم وفصل المعارك والحروب.
(سيرياهوم نيوز ٢-الكاتب)