تلوح عشبة الطيون بين المنحدرات الخضراء لقرى ريف محافظة اللاذقية بأزهارها الصفراء ناشرة عبيراً خفيفاً يختلط برائحة التراب الرطب والهواء البحري القادم من الساحل هذه النبتة البرية لم تعد مجرد مكون طبيعي يزين سفوح الجبال بل تحولت إلى عنصر أساسي في التراث العلاجي الشعبي لدى أبناء المنطقة.
زيت يشفي الألم
يقوم أهالي قرى” البهلولية والدالية وبيت ياشوط” بقطف أزهار الطيون في أواخر الصيف بعناية ليحضروا منه زيتاً يصفونه بـ”البلسم الطبيعي” حيث تنقع الأزهار في زيت الزيتون الأصلي (الخريج)، وتترك في أوعية زجاجية تحت الشمس لأكثر من شهرين، قبل أن يستخدم الزيت في تدليك المفاصل المتيبسة أو معالجة الجروح والحروق البسيطة.
كثير من سكان القرى أكدوا ” للحرية ” أن هذا الزيت منح نتائج ملموسة وساعد في تخفيف الألم وتسريع الشفاء.
يقول الحاج علي من قرية ديروتان إنهم توارثوا هذه الطريقة عن الآباء والأجداد، مضيفاً أن الطيون موجود في كل مكان تقريباً، لا يحتاج سوى القليل من العناية، لكنه يعطي فائدة كبيرة.
ويرى أن العودة إلى الأعشاب المحلية أصبحت ضرورة في ظل ارتفاع أسعار الأدوية وصعوبة الوصول إلى المراكز الطبية في بعض المناطق الجبلية.
كنز الطب الشعبي
من جهة أخرى يشير باحثون في مجال النباتات الطبية إلى أن الطيون يتميّز بخصائص مضادة للالتهابات وقدرة على تجديد الخلايا، ما يفسر استخدامه الشعبي في علاج الجروح وقرحات المعدة والفم.
الدكتور الزراعي أسامة حسن لديه صيدلية زراعية في مدينة جبلة شدد على أهمية تنظيم استخدامه علمياً لتفادي أي آثار جانبية محتملة، داعياً إلى إجراء دراسات مخبرية موسعة لتوثيق فوائده بشكل دقيق.
وأكد الدكتور حسن لـ”الحرية” أن دور الطيون لا يقتصر على الطب الشعبي فقط، فالنحل يقصده بكثرة في مواسم الإزهار منتجاً عسلاً ذا نكهة فريدة يعتبره مربو النحل في جبال اللاذقية من أثمن أنواع العسل الجبلي هذا ما يجعل من الطيّون عنصراً بيئياً واقتصادياً في الوقت نفسه، حيث يسهم في الحفاظ على التنوع النباتي ويعزز استدامة الحياة الريفية.
بين الحقول والبيوت الطينية القديمة. تبقى عشبة الطيون شاهداً على العلاقة العميقة بين الإنسان وأرضه وعلى قدرة الطبيعة في القرى الجبلية على منح دواء من قلب العشب، حين تصغى إليها بحكمة الأجداد ووعي العلم الحديث.
syriahomenews أخبار سورية الوطن
