آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » العدو يتطلّع إلى «اليوم التالي»: الحرب… بأشكال أخرى

العدو يتطلّع إلى «اليوم التالي»: الحرب… بأشكال أخرى

 

يحيى دبوق

 

 

انشغلت إسرائيل، أمس، بإجراءات إقرار اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة «حماس»، تمهيداً لبدء تنفيذه المرتقب في الساعة الرابعة من بعد ظهر غد، وهي إجراءات شكلية في معظمها ونتيجتها مقدّرة سلفاً: مصادقة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، كما مصادقة الحكومة بتركيبتها الكاملة، على الاتفاق، وكذلك نشر أسماء الأسرى الفلسطينيين الألف قبل موعد التنفيذ بست ساعات، لتمكين الإسرائيليين من تقديم التماسات أمام المحكمة العليا لمنع إطلاق سراح بعضهم، وهو ما يقدّر أن يُواجَه برفض قضاة المحكمة سريعاً.

 

 

ووفقاً لتلك المقدمات، لا يبدو أن ثمة ما قد يعرقل بدء تنفيذ الاتفاق، وإن كان الصخب سيصاحب إجراءاته العملياتية إلى حين الانتهاء منها، مع استمرار تراشق المسؤوليات والاتهامات داخل القوس السياسي في إسرائيل، وأيضاً بين مركّبات الحكومة، التي عارض بعض وزرائها في المجلس الوزاري المصغّر وفي الحكومة الموسعة، الاتفاق. وفي مقدمة هؤلاء ثنائي الصهيونية الدينية، وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، واللذان استسلما أخيراً وأدركا أن تهديداتهما بالانسحاب من الائتلاف الحكومي لن تتسبّب هذه المرة بعرقلة الصفقة، مثلما كانت عليه الحال في الأشهر الخمسة عشر الماضية. كما أن من مصلحتهما كليهما أن تبقى الحكومة الحالية بلا تعديلات تطرأ عليها، سواء تماشياً مع الصفقة أو لا، وسواء صوّتا لها أو عارضاها أو قرّرا الانسحاب من الحكومة على خلفيتها. ومن هنا، يُتوقع أن تنطلق المرحلة الأولى من الصفقة أو كما تسميها تل أبيب – لأغراض تسويقية وتبريرية – اتفاق «تحرير الرهائن الإسرائيليين»، بلا عراقيل قادرة على فرملتها، فيما سيكون التسويف ورفع السقوف سمة مفاوضات المرحلة الثانية، والتي يبدو أنها بدورها، وإن مع شكوك مبرّرة لدى الكثير من المراقبين، ستأخذ مسارها أيضاً نحو التطبيق.

 

 

وهكذا، تبقى أمام إسرائيل استحقاقات وتحدّيات عليها أن تعمل على إيجاد حلول لها، ليس على المدى القصير فحسب، بل أيضاً على المدى الطويل؛ وهي بدأت بالفعل العمل عليها، لكن ما بين التخطيط والتنفيذ، ثمة مسار طويل جداً. ومن بين تلك الاستحقاقات، القصور على فرض الترتيب السياسي والأمني الملائم في غزة، والذي تُرك، كما يبدو، لمعركة أخرى ستكون مديدة، وقد يكون جزء من أدواتها أمنياً وعسكرياً واستخبارياً، ولكن أكثرها حرب اقتصادية وحصار يُوجَّه لمنع تشكّل تهديدات جديدة من غزة، وفي المقدمة ترميم قدرات حركة «حماس» وبقية الفصائل الفلسطينية المقاومة.

 

التحالف الإقليمي المنشود إسرائيلياً يستهدف أيضاً الشراكة التركية – القطرية

 

 

وعلى رغم أن التقديرات تشير إلى أن «حماس» ستعيد سيطرتها المدنية مباشرة على كامل القطاع، بعد فشل «التطهير العرقي» في مدينة غزة وجوارها وعموم المنطقة الشمالية، إلا أن إسرائيل تأمل على المدى الطويل، وبمساعدة ودعم من الحليف الأميركي والحلفاء الإقليميين الذين يتقاطعون معها في المصالح، أن تتبلور لديها خيارات سياسية وعسكرية في غزة، تمكّنها من فرض إرادتها على القطاع، وهي شرعت منذ الآن في ترتيب المقدّمات التي ستكون منطلقاً للمساعي المقبلة في هذا الإطار، علماً أن جزءاً لا يستهان به من هذه المقدّمات موجود في أيدي اسرائيل، فيما أجزاء كثيرة أخرى لا تزال على طاولة التخطيط، بلا رؤية واضحة لتنفيذها، ربطاً بعوامل وأسباب تبدو خارج السيطرة الإسرائيلية المباشرة.

 

 

وفي هذا السياق، ترى تل أبيب إمكان الرهان على الآتي:

– استمرار السيطرة على المعابر والمساعدات الإنسانية، وقدرة إسرائيل على التحرك العسكري لكبح أي حراك فلسطيني مقاوم يهدف إلى التعافي وإعادة ترميم القدرات، سواء المدنية أو العسكرية. وستعمل تل أبيب، بقبول أميركي وإقليمي، على استخدام هذه السيطرة إلى أقصى حد ممكن، مع الأمل بأن يؤدي الاستخدام المفرط لتلك القدرات إلى انهيار حكم «حماس» ومنع ترميم قدرتها العسكرية التي ستحرص إسرائيل على أن لا تصل إلى حد تهديد أمنها، أو معاودة تنفيذ ما يشبه «طوفان أقصى» جديد.

 

 

– تراهن إسرائيل على تقاطع مصالح مع الشركاء الإقليميين، وتحديداً السعودية التي تتشارك معها في العداء لإيران، وإن كان تحريك الرياض ضد الأخيرة مرتبطاً بـ»جدية أميركية» لمواجهة طهران.

 

 

– إنهاء الحرب يفتح، كما ترى تل أبيب، آفاقاً جديدة في المنطقة، ليس فحسب على أساس العداء المشترك للجمهورية الإسلامية، بل أيضاً على أساس خشية الشركاء الإقليميين من الشراكة التركية – القطرية التي تبقي تهديد الحركات الإسلامية، وفي المقدمة «الإخوان المسلمون»، قائماً ومؤثراً ومدعاة للقلق لدى أكثر الأنظمة قرباً من إسرائيل، ومن بينها أنظمة خليجية وازنة، فضلاً عن تهديد استقرار الأردن ومصر، والذي يعدّ جزءاً لا يتجزأ من أمن الدولة العبرية.

 

 

على أي حال، آمال إسرائيل في مرحلة ما بعد الحرب لا تغيّر كثيراً من نتائجها، وإن كانت من الأدوات التي تستخدمها الآن لإقناع نفسها، والآخرين، بأن للحرب تتمة قد لا تكون بالضرورة عسكرية، وهي لن تقتصر على غزة، بل ستمتد في اتجاه الإقليم، الذي بدأ العمل على تهيئة ظروف وعوامل نجاح الجولة المقبلة فيه، علماً أن القرار في هذا الشأن يظل أميركياً بامتياز.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ماكرون يدعو من بيروت الى “الإسراع” في تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل ويعلن عن مؤتمر دولي قريب في باريس حول “إعادة الإعمار” في لبنان.. ورئيس الحكومة اللبنانية المكلف يُعلن أن لديه تصورا أوليا لشكل الحكومة

دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الجمعة من بيروت الى الإسراع في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، ضمن المهل المتفق عليها. ...