الدكتور السفير جواد الهنداوي
نشرت الصحيفة المذكورة بتاريخ ٢٠٢٢/١٢/٢٢ ، تقريراً عن انتهاكات وعمليات اساءة و اذلال وتعذيب جسدي وانتزاع اعترافات مكتوبة مسبقاً للمعتقلين ، مارستها اللجنة الحكومية المعروفة ” بلجنة ابو رغيف ” ، و التي شكّلها السيد رئيس الوزراء السابق ، و اكدت الصحيفة بأنَّ الانتهاكات جرت في سجون سرّية وكانت بدوافع سياسيّة .
مانشرته الصحيفة لم يكْ كشفاً لظاهرة مستورة على العراقيين وغير معروفة لديهم ، سبق وان شكلَّ مجلس النواب العراقي لجنة خاصة للتحقيق في الانتهاكات المنسوبة للجنة ابو رغيف المتهمة بممارسة التعذيب والقتل ، وسَبقَ ان رفعَ محاميون دعوى امام محاكم قضائية ، و امام المحكمة الاتحادية العليا للطعن في قانونية الامر الديواني رقم ٢٩ لعام ٢٠٢٠ ،والذي بموجبه تم تشكيل لجنة ” ابو رغيف ” . وسبقَ وان رفع ذوي الضحايا ،الذين قضوا تحت التعذيب ، دعاوى امام المحاكم ، ومنهم ،على سبيل المثال ، المرحوم قاسم محمود منصور ، مدير عام التجارة ، والذي توفى تحت التعذيب القسري ، وحسبَ التقارير التي افصح عنها محاميه في لقاءه مع مراسلي الصحيفة المذكورة . في ذات السياق ،عبّر ،في اكثر من مرّة ، الكاتب العراقي ،اياد السماوي ، عن ممارسات التعذيب و السجون السّرية التي تدار من قبل لجنة ابو رغيف ،و بعلم وبتوجيه السيد رئيس الوزراء السابق الكاظمي ، وقد ظهر الاخير ،في لقاء تلفزيوني ،يدافع عن مهنيّة اللجنة بمحاربة الفساد ،ويدحض اتهامها بممارسة التعذيب .
ما ذُكِرْ هو للتأكيد بأنَّ حقائق او شبهات ممارسة القتل والتعذيب و الابتزاز ،من قبل لجنة ابو رغيف ،كانت متداولة في مجلس النواب وفي اروقة القضاء العراقي و في اقلام الكتّاب ،وحتماً دخلت مسامع السياسيين و مسؤولي الدولة و موظفي الحكومة المعنيين ، وبالتأكيد لم تغبْ عن منظمات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الانسان و مكافحة التعذيب والقتل ، ولم تغبْ ايضاً عن مسامع و عيون السفارة الامريكية و العاملين معها ، خاصة ،أنَّ كل ممارسات التعذيب والقتل التي درجت على ارتكابها اللجنة مورست في المنطقة الخضراء او في المطار ،كما يذكرُ تقرير الصحيفة الامريكية .
السؤال الذي يطرحه المواطن هو لماذا لم تتخذْ السلطات الدستورية الاخرى كمجلس النواب و القضاء والمدعي العام الاجراءات الكفيلة لالزام السلطة التنفيذية ( رئاسة الوزراء ) بايقاف عمل اللجنة و محاسبتها ؟
لماذا غابَ دور الاحزاب السياسية عن ممارسة ما بوسعها سياسياً و اعلامياً لمنع استمرار عمل اللجنة ، ومطالبة رئيس الوزراء بكشف الحقائق و محاسبة المسؤولين ؟
ما الذي يبررُ و يفسّرُ سُبات الجميع ، و امتناعهم عن اتخاذ اجراء لمنع ممارسات مُخّلة بشرف الانسان و معيبة لنظام سياسي ، تجرّع الاحتلال والدمار من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان والحكم الرشيد ؟
ولماذا انتظرت صحيفة الواشنطن بوست انتقال السلطة ، ومغادرة السيد الكاظمي و حكومته و اللجنة المتهمة ، حتى نشرت تقريرها ؟ أليس كان اجدى بالصحيفة ، و انصافاً لحقوق المعذّبين ، نشر التقرير او معلومات عنه ،او خبر عن ممارسات التعذيب و القتل ، حالَ معرفتها بها ، منذ ما يقارب عام ؟
هل تعرضّت الصحيفة حينها لضغوط امريكية او عراقية ، كي تمتنع عن نشر خبر او معلومات عن الممارسات ، باعتبار ان الحكومة ” مُقرّبة من الامريكيين ” حسبَ ما وردَ مِنْ وصفٍ ، في تقرير الصحيفة ؟
هل أنَّ ” صفقة القرن او سرقة القرن ” لها دور في التغاضي عن محاسبة او مساءلة اللجنة والحكومة السابقة عن ما نُسِبَ اليهما من اتهامات ؟ .
وحسبَ بيان المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء والصادر يوم ٢٠٢٢/١٢/٢٤ ،بلغَ عدد الطلبات المُقدمّة من قبل ضحايا ممارسات التعذيب و الاضطهاد من قبل اللجنة التابعة للحكومة السابقة ب ٣٠٠٠ طلب .
رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل
سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم