| أيهم مرعي
الحسكة | عادت الاشتباكات العنيفة إلى ريف دير الزور الشرقي مجدداً، بعد نحو أسبوعين من الهدوء النسبي الذي خيّم على المنطقة. وشنّ مقاتلو العشائر، أمس، هجوماً عنيفاً على مقرّات ومواقع حراسة تابعة لـ «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) في بلدة ذيبان في ريف دير الزور، مع تمدّد الاشتباكات باتجاه الطيانة والشحيل، وسط اتهامات ساقتها «قسد» للحكومة السورية، بتسهيل مرور مقاتلين باتجاه الضفة الشرقية لنهر الفرات، لـ «زعزعة الأمن والاستقرار في ريف دير الزور». وتمكّن مقاتلو العشائر خلال وقت قصير من السيطرة على غالبية بلدة ذيبان، بما فيها بيت مشيخة قبيلة العكيدات، كما أحرزوا تقدّماً في بلدة الطيانة المجاورة.
وجاء الهجوم الجديد لـ «جيش العشائر»، بالتزامن مع انتشار تسجيل صوتي جديد، لشيخ مشايخ قبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل، أكد فيه «بداية هجوم جديد لجيش العشائر على مواقع ومقرّات قسد في ريف دير الزور»، معلناً «النفير العام ضدّ قسد»، ومطالباً أبناء العشائر بـ«مساندة القوات العشائرية التي بدأت تخوض معارك طاحنة في ذيبان»، ومؤكداً أهمية «فرض المكوّن العربي لنفسه، واسترجاع الأرض والكرامة». كما أتى الهجوم، بعد 5 أيام من إعلان الهفل نفسه، في تسجيل صوتي سابق، عن «ترتيب قيادة عسكرية تابعة لجيش القبائل والعشائر العربية، للعمل على دكّ قوات قسد ومرتزقة قنديل وأذنابهم من العرب»، نافياً «كل الأنباء التي تحاول قسد بثّها عن مغادرته أرض الوطن»، ومؤكداً أنه «موجود، وأقود العمليات العسكرية ضد قسد في المنطقة».
وانتشرت مقاطع صوتية لأشخاص قدّموا أنفسهم على أنهم قادة ميدانيون في «جيش العشائر»، دعوا فيها «أبناء القرى والبلدات في أرياف دير الزور الشرقية والغربية والشمالية، إلى فتح الجبهات ضد قسد، ومساندة مقاتلي العشائر، لتشتيت قدرات قسد الدفاعية في المنطقة». وفي هذا السياق، أكّدت مصادر عشائرية لـ «الأخبار»، أن «الهجوم على بلدة ذيبان هو تأكيد على إصرار العشائر على مواصلة الهجمات ضد قسد، ونفي المزاعم الكردية بقدرة قسد على إعادة بسط قبضتها على المنطقة»، مشيرة إلى أن «كل المؤشّرات تدل على أن هناك معركة طويلة تتجهّز العشائر لخوضها ضد قسد، وصولاً إلى تحقيق هدفها بإدارة أبناء العشائر لمناطقهم، وإنهاء مرحلة التهميش الكامل لهم منذ سنوات عدة». وبرّرت المصادر تجدّد الهجمات بـ «عدم التزام قسد بتعهّداتها، والاعتداء على ممتلكات الأهالي، وشنّ حملات اعتقال كبيرة في القرى والبلدات التي شهدت توتراً في الأيام السابقة، بالإضافة إلى عدم تمكّن أكثر من 6500 عائلة من العودة إلى منازلها التي هُجّرت منها في الريف الشرقي». ولفتت المصادر نفسها، إلى أن «قسد، وعلى رغم كل ما حصل، لم تغيّر نهجها، ولا تزال تقدّم أشخاصاً من صنيعتها، على أنّهم ممثّلون عن شيوخ القبائل والعشائر المعروفين، والذين توارثوا المشيخة أباً عن جد».
كل المؤشّرات تدل على أن هناك معركة طويلة تتجهّز العشائر لخوضها ضد «قسد»
وفي المقابل، سارعت «قسد»، عبر «مجلس هجين العسكري»، الذي تستخدمه كبديل مؤقت لـ «مجلس دير الزور العسكري»، إلى الإعلان عن «حظر عام للتجوال في بلدة ذيبان، والمنطقة الممتدّة من الشحيل وصولاً إلى الباغوز، بهدف ملاحقة مسلّحين عبروا من الضفة الغربية لنهر الفرات». وأتى هذا الإعلان ضمن ما تبدو أنها إجراءات ميدانية تهدف إلى منع تمدّد الاشتباكات، وتكرار سيناريو الهجوم السابق، الذي أدّى حينها إلى خروج كامل الريف الشرقي لدير الزور عن سيطرة «قسد».
ومن جهتها، اعتبرت وسائل الإعلام الناطقة باسم «قسد»، أن “الهجمات يقف وراءها مسلّحون عبروا الضفة الغربية لنهر الفرات، وهاجموا نقاطاً تسيطر عليها قسد شرقي النهر»، مؤكدةً أن «مجموعات من الدفاع الوطني التابع للقوات الحكومية السورية، تسلّلوا ليلاً إلى بلدة ذيبان، ونفّذوا هجوماً على المقرّات والنقاط العسكرية التابعة لقسد في البلدة، ويتمّ التعامل معهم وملاحقتهم».
وكان القائد العام لـ «قسد»، مظلوم عبدي، قد أكد في تصريحات إعلامية، قبل يوم واحد من الهجوم، أن «الأوضاع باتت مستقرّة في دير الزور، مع السعي إلى إعادة تقديم الخدمات والوقوف عند مطالب الناس ومعالجة مشكلاتهم»، مشيراً إلى «قطع قيادة قسد وعداً بهذا الخصوص، مع العزم على تدارك كل المسبّبات التي أدّت إلى حدوث التوترات». وتحدّث عبدي عن «وجود تنسيق واضح بين دمشق وطهران في محاولة دعم بعض ممثّلي العشائر الموالين لهما، مع دخول تركيا على هذا الخط بدعم المجموعات المسلحة التابعة لها»، لافتاً إلى أن «الدول الثلاث لم تنجح، والأوضاع باتت مستقرة حالياً».
وقبل الهجوم الجديد، جرى تداول معلومات عن وصول شيخ شمل قبيلة العكيدات، مصعب الهفل، إلى مدينة أربيل في كردستان العراق، قادماً من قطر، بهدف لقاء عدد من قيادات «التحالف الدولي» لإيصال صوت العشائر في ريف دير الزور إليهم. ووفق مصادر مقرّبة من الهفل، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن «الشيخ مصعب يبذل جهداً كبيراً مع قوات التحالف الدولي المتواجدة في الدوحة وأربيل، بهدف إثبات عدم وفاء قسد بتعهّداتها بعد توقف الاشتباكات السابقة بوساطة أميركية في العاشر من الشهر الجاري». وتلفت المصادر إلى أن «المطلب الأساسي لعشائر المنطقة، هو رفع الظلم عن أبنائها، وتمكينهم من إدارة مناطقهم بأنفسهم، بعيداً من السطوة الأمنية والعسكرية لقيادات قسد في المنطقة». ويبدو أن العشائر، تعمل على اتخاذ خطوات عسكرية وسياسية متزامنة. وهو جهد تواجهه «قسد»، عبر الشروع بتنفيذ خطّة لعقد اجتماعات موسّعة مع سكان أرياف دير الزور، انطلاقاً من بلدة الصور، التي عقدت فيها اجتماعاً مع ممثّلين عن سكان البلدة، بهدف إعادة هيكلة المجالس المدنية والعسكرية، واتخاذ خطوات تخفّف من الاحتقان العشائري المتزايد ضدّها، وإثبات جديتها أمام الأميركيين في سعيها إلى تغيير النهج الذي كان سائداً في إدارة شؤون المنطقة.
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار