علي عبود
لم يكن العالم يسمع كثيرا عن ممرات ملاحية بديلة لقناة السويس، لكن الأمر اختلف جذريا بعد فرض العقوبات على روسيا التي لايمكنها الإنصياع لهذه العقوبات، فبتنا نقرأ عن ممرات تجارية كثيرة أهمها الممر الشمالي المنافس الأقوى والأكثر تهديدا للممر المصري.. قناة السويس!
ويبدو أن روسيا استعدت كثيرا لمرحلة اندلاع حرب تجارية ضد مصالها في المناطق التي تدخل في مجالها الحيوي، وكان البديل التي خططت له بعيدا عن التهويل الإعلامي هو الممر الشمالي.
ولعل العالم وتحديدا الغرب فوجئ بسرعة تفعيل الممر الشمالي بعد اندلاع الحرب الأطلسية ضد روسيا على الأراضي الأوكرانية، وكان لافتا إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ أكثر من ثلاثة أعوام إن بلاده تملك أكبر أسطول من كاسحات الجليد في العالم بعد تزايد الاهتمام في ممر الملاحة الشمالي من قبل الشركات الروسية والأجنبية.
وكاسحات الجليد الروسية ليست عادية، بل نووية، أيّ انها قادرة على تذويب الجليد بسرعة على مدار الساعة كي يبقى الممر الشمالي سالكا أمام الملاحة الروسية والأجنبية.
ورأى الكثيرون في السنوات الماضية أنه من الطبيعي أن تمتلك روسيا أكبر أسطول من كاسحات الجليد في العالم، لكنهم لم يتوقعوا ان تستخدم روسيا هذه الكاسحات، بعد العقوبات الاقتصادية والتجارية عليها لتفعيل الممر الشمالي وتحويله إلى ممر ملاحة عالمي لتصدير منتجاتها إلى الخارج، وخاصة النفط والغاز.
وما يؤكد هذا الهدف الذي برز إلى العلن بعد إعلان الحصار الأمريكي والأوروبي على روسيا، إن موسكو بدأت بزيادة بناء السفن النووية القادرة على اختراق الجليد الذي يصل سمكه لأكثر من ثلاثة أمتار، وهي عملية مستمرة في حوض بناء السفن في منطقة البلطيق.
ونشير هنا إلى الأهمية البالغة لممر الملاحة الشمالي الذي أصبح سالكا بفعل العقوبات التجارية على روسيا من جهة، وبفعل كاسحات الجليد النووية من جهة أخرى، فهو يمتد عبر الدائرة القطبية الشمالية ويربط المحيطين الأطلسي والهادئ، أيّ يؤمن التجارة لمناطق كبيرة تطل على المحيطين.
ولن يقتصر الأمر على إنعاش الممر الشمالي فقط، فروسيا تخطط لتطوير منطقة القطب الشمالي أيضا بفضل كاسحات الجليد، وهذا الأمر لم يكن متاحا في العقود الماضية.
وسيؤدي تفعيل الملاحة في الممر الشمالي بطبيعة الحال إلى تطور كبير في البنية التحتية للنقل في روسيا، بدليل إن حركة نقل البضائع في الممر زادت من 36 مليون طن في عام 2023 إلى 37.6 مليون طن في عام 2024 ومن المتوقع أن تصل إلى 100 مليون طن عام 2030 بعد الإنتهاء من بناء 7 كاسحات جليد نووية!
الخلاصة: تخطط روسيا لاستخدام ممر الملاحة الشمالي الذي أنعشته العقوبات الأمريكية لتصدير النفط والغاز إلى الأسواق الخارجية، ومن المتوقع أيضا أن يتحول هذا الممر الذي بات معظمه خاليا من الجليد إلى حد كبير ممرا تجاريا رئيسيا للبضائع المشحونة بين أوروبا وآسيا في المستقبل القريب جدا خلافا لإرادة الأمريكي.
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)