تتوقّع الأوساط السياسيّة في دولة الاحتلال أنْ تصِل العلاقات بين الأردن وإسرائيل إلى الحضيض، وتكون مقرونةً بأزمةٍ دبلوماسيّةٍ خطيرةٍ، وذلك على ضوء تشكيل الحكومة الإسرائيليّة الأكثر تطرفًا وعنصريّةً، بالإضافة إلى أنّ العلاقات الشخصيّة بين العاهل الأردنيّ ورئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو ما زالت مشحونةً بسبب الترسبات التي ميّزتها في السنوات الأخيرة، والتي تحسنّت قليلاً في فترة ولاية الحكومة السابقة بقيادة نفتالي بينيت ويائير لبيد، زد على ذلك أنّ السواد الأعظم من الأحزاب المُشاركة في الائتلاف الجديد تؤمن بالمقولة الصهيونيّة الفضفاضة والمرفوضة بأنّ (الأردن هو فلسطين).
بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر الزيارة التي ينوي وزير الأمن الداخليّ الإسرائيليّ، الفاشيّ إيتمار بن غفير، القيام بها خلال اليوميْن القادميْن إلى المسجد الأقصى المُبارك بمثابة رسالة تحدٍّ للأمتيْن العربيّة والإسلاميّة، ولكن أكثر من ذلك، فإنّها رسالةً حادّةً كالموس للأردن ملكًا وقيادةً وشعبًا، لأنّ عهدة الوصاية على المقدسّات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس المُحتلّة موجودة لدى المملكة الهاشميّة منذ عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967، ودأبت جميع حكومات إسرائيل حتى اليوم بالمحافظة على الوضع الراهن في الأمور الدينيّة، لأنّ المسّ بالوضع الحساس من شأنه أنْ يُشعل المنطقة.
ومن المفيد التذكير أنّ الحكومة الجديدة وضعت في خطوطها الأساسية بأنّ “للشعب اليهودي حقًا حصريًا غير قابل للتصرف على كلّ مناطق أرض إسرائيل، وستدفع الحكومة قدمًا وتطور الاستيطان في أرجاء البلاد كلها: في الجليل والنقب والجولان ويهودا والسامرة”، وهو الاسم التوراتيّ للضفّة الغربيّة.
ورأى المُستشرق الإسرائيليّ د. تسفي بارئيل أنّ “هذا (الحق) في الحقيقة كان متضمنًا في الخطوط الأساسية لحكومات سابقة، لكن الحصرية غير القابلة للتصرف هي الأمر الجديد، عندما تضاف إلى حقيقة غياب أيّ نية للتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، فإنّها تبني جبهة سياسية ليس فقط ضد الفلسطينيين والأردن، بل أيضًا تضع إسرائيل أمام الولايات المتحدة والدول الغربية”.
المستشرق، وهو محلل الشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة أضاف أنّ “أكثر ما يقلق في هذا التصريح بحدّ ذاته الملك عبد الله هو طبيعة تطبيقه وتداعياته التي تقربه من اللحظة التي سيضطر فيها إلى مواجهة القضية الرئيسيّة التي تتعلّق بمسؤوليته عن الأماكن المقدسة في القدس، والتي يعتبرها ذخرًا “غير قابل للتصرف”، سواءً من قبله أوْ من قبل مملكته”، على حدّ تعبيره.
عُلاوةً على ما جاء أعلاه، طرح المستشرق عددًا من التساؤلات: “هل يمكن الاعتماد على صديقه جو بايدن كي يوقف طموحات نتنياهو، وبالأساس طموحات وزراء اليمين القومي المتطرف، مثل ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، الذين يسعون لإقامة الهيكل الثالث؟ هل يمكنه الاعتماد على التحالف الفارغ الذي يسمى (الوحدة العربية)، بشكل خاص عندما يزداد الحديث عن التطبيع مع السعودية التي لا تخفي رغبة في تولي الرعاية على الأماكن المقدسة في القدس، وتزيح الأردن عنها؟ ولا يقل عن ذلك أهمية، هل سينجح الملك في مواجهة احتجاج الجمهور الذي قد يندلع في الأردن ويجر وراءه جمهورًا واسعًا في الدول العربية والإسلامية؟”.
في السياق عينه، قال الجنرال المُتقاعد يعقوف ناغل، رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ سابقًا إنّ الوضع في الأردن بات حساسًا للغاية، وأنّ التحدّي للحفاظ وتوسيع الحلف بين عمّان وتل أبيب لن يكون سهلاً، وأضاف في مقالٍ نشره اليوم الاثنين بصحيفة (يسرائيل هايوم) أنّ المحللين يُشددون على التوتر بالعلاقات الشخصيّة بين العاهل الأردنيّ ونتنياهو، ولكنّهم لا يقرأون الصورة بشكل كاملٍ، على حدّ تعبيره.
وشدّدّ ناغل على أنّ الملك عبد الله الثاني يفهم جيّدًا أهمية العلاقات مع إسرائيل ومع رئيس الوزراء نتنياهو، لذا من المُتوقّع أنْ تعود العلاقات إلى مجاريها الطبيعيّة، مُضيفًا أنّ التعامل مع المسجد الأقصى والحفاظ على التعايش المشترك بين اليهود والعرب في القدس، يجِب أنْ يكونا في رأس سُلّم الأولويات لكي “تدفأ” العلاقات بين الجانبيْن، ومع ذلك يتحتّم على إسرائيل عدم التساهل بالتعامل مع تصريحاتٍ خارجةٍ عن السياق مصدرها كبار الشخصيات الأردنيّة، كما قال.
سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم