آخر الأخبار
الرئيسية » الأخبار المحلية » العلاقات السورية الصينية إلى أين؟

العلاقات السورية الصينية إلى أين؟

مع اتّجاه الدولة السورية الجديدة نحو إعادة الإعمار وبناء المؤسسات، تجد دمشق نفسها في بيئة دولية معقّدة، تتّسم بصراعات مفتوحة بين الأقطاب الكبرى.

في ظل هذا المشهد، تسعى الدولة السورية الجديدة لبناء شبكة واسعة من العلاقات السياسية والدبلوماسية، تضمن لها الدعم الاقتصادي والاعتراف السياسي. والتحرُّك في هذا الظرف الحساس يتطلَّب حذراً دقيقاً؛ فالانفتاح غير المدروس قد يكون له تبعات سياسية واقتصادية، كما أن الانعزال ليس خياراً واقعياً لدولة تسعى للخروج من آثار الحرب وبناء اقتصاد حديث.

ولذا فالتوازن في العلاقات، حتى مع قوى تختلف سياسياً وأيديولوجياً، بات ضرورة لضمان المصلحة الوطنية العليا.

وبشكلٍ عامّ، تُعدّ الصين من القوى الدولية الرئيسة، والتي لا يمكن تجاهل دَوْرها، ما يجعلها مرشَّحة لتكون شريكاً اقتصادياً فاعلاً لسوريا، خاصةً أن بكين لم تتورّط عسكرياً في دعم النظام البائد، واكتفت بدعمٍ سياسيّ عبر “الفيتو” في مجلس الأمن، وبالتالي تُعدّ نظيفة اليد نسبياً في القضية السورية.

فرصة استراتيجية أمام سوريا والصين

تدرك الصين أن إعادة الإعمار في سوريا تُمثّل فرصة استثمارية كبرى، في ظل الحاجة لمشاريع بنية تحتية ضخمة. كما أن تكلفة إعادة الإعمار -والتي تتجاوز 300 مليار دولار- تُعدّ فرصة مُهمَّة للصين، لذلك تنظر الصين إلى سوريا بعين الاهتمام، وتسعى لبناء علاقات جيّدة معها.

وفي الوقت ذاته، تُدرك دمشق أهمية جَذْب شريك اقتصادي بحجم الصين، خاصةً أنها تُمثّل أحد أقطاب الاقتصاد العالمي. ويمكن أن تُسهم بفاعلية في إنعاش الاقتصاد السوري وضخّ عشرات المليارات على شكل استثمارات، وبالتالي المساهمة في إيجاد حلول لمشكلات البطالة والفقر وتدني مستوى الدخل.

الحزام والطريق بين دمشق وبكين

المشروع الصيني العملاق “الحزام والطريق”، والذي يصل الشرق بالغرب بشبكة ضخمة من الخطوط التجارية يمر عبر سوريا، وهذا المشروع يُعدّ أولوية استراتيجية للصين، ما يُشكِّل دافعاً جديداً لبكين لتعزيز علاقتها من دمشق.

ومن جهة أخرى، فالمشروع الصيني يخدم مصالح سوريا؛ لأنه يربط الاقتصاد الوطني بالاقتصاد العالمي، ويُوفّر استثمارات صينية بمليارات الدولارات، بمعنى أنه في مصلحة كلٍّ من دمشق وبكين، وهذا الأمر دافعٌ جديد للتقارب بين الدولتين.

كما أن تصاعُد التوتر الأميركي الصيني عقب فرض الرسوم الجمركية المتبادَلة قد تكون في صالح سوريا؛ لكون الصراع التجاري بين القطبين الدوليَّيْن سيدفع باتجاه تفعيل خطوط التجارة الدولية، وهي المشروع الصيني “الحزام والطريق”، والمشروع الأميركي لربط الهند بأوروبا مروراً بدول الخليج العربي.

والبدء الفِعْلي بتنفيذ المشروع الصيني يعني بالضرورة تدفُّق الاستثمارات إلى سوريا. وهذا يُعزّز من أهمية تطوير العلاقات السورية الصينية.

التوازن الدولي وضمان السيادة

اليوم يشهد العالم استقطاباً حاداً بين الشرق والغرب، ودروس التاريخ تُؤكّد أن أيّ دولة لا يمكنها الثقة المطلقة بقوة كبرى واحدة؛ لأنّ العلاقات الدولية تقوم على المصالح فقط، وأوكرانيا مثال واضح على تورُّط دولة في صراع القوى الدولية. وحالياً تحوَّلت “كييف” من حليف للغرب إلى ورقة تفاوض بين موسكو وواشنطن.

لذلك لا يمكن إيلاء الثقة المطلقة لا بالغرب ولا بالشرق، وعليه فإن بناء علاقات جيدة مع مراكز القوى الدولية قد يَحْمي الدول من التورُّط بصراعاتٍ لا تخدم مصالحها، وهنا تظهر أهمية بناء علاقات متوازنة بين سوريا والصين؛ بحيث لا تكون الدولة محسوبة على أيٍّ من الأقطاب الدولية، وتبقى في موقع متوازن من الصراعات الكبرى.

وبحيث تستفيد من هذه الصراعات من دون أن تكون وقوداً لها. إضافةً إلى ذلك؛ فإن اتباع نَهْج قائم على الواقعية السياسية في العلاقات الدبلوماسية يُحقِّق مصلحة الدولة، ويصبّ أيضاً في ضرورة فتح المجال أمام تطوير العلاقات مع بكين.

اخبار سورية الوطن 2_الثورة
x

‎قد يُعجبك أيضاً

الرئيس الشرع يستقبل وفداً من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية

    استقبل رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع في قصر الشعب وفداً من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية.     أخبار سوريا الوطن١ـسانا