آخر الأخبار
الرئيسية » صحة و نصائح وفوائد » العلم يعترف بجميلها على العالم

العلم يعترف بجميلها على العالم

الأمراض ليست كلها سيئة، فلبعضها دور في إنقاذ الإنسان من الموت وبعض الشعوب بأسرها من الفناء, هذه هي الحقيقة المدهشة التي توصَّل إليها العلم.
الحديد والطاعون مثالاً
في عام 1347م والأعوام التالية، تعرضت القارة الأوروبية لهجمة ضارية من وباء الطاعون الذي عرفه التاريخ باسم الموت الأسود، اجتاح الوباء القاتل أوروبا، وتوغل فيها حاصداً أرواح ما يقدَّر بنحو 25 مليون نسمة، أي أكثر من ثلث سكانها في ذلك الوقت.
لم يشهد العالم كارثة وباء مثل هذا الوباء, ويكفي أن نعرف أن كل ما وصلنا من كلام المؤرخين عن هذه الفترة يشير إلى اعتقادهم بأنهم كانوا يواجهون نهاية العالم، لكننا نعرف الآن أنه لم يكن كذلك, فالطاعون في أوروبا لم يكن نهاية العالم، ولم يكن نهايتها, لم يمت جميع سكانها بسببه.
في الحقيقة لم يمت كل من أصابه الطاعون بعدواه, وظل السؤال في ذلك معلقاً، إلى أن تجمعت خيوط عديدة، لتشرح لنا بالضبط لماذا بقي بعض سكان أوروبا في تلك الفترة على قيد الحياة, ما الذي نجَّاهم من قبضة «الموت الأسود»؟
الحديد هو العنصر الذي يحمل لنا إجابة عن هذا السؤال, حيث تشير الدراسات إلى ارتباط بين مستوى الحديد في الجسم، وبين إصابته بالعدوى.
بكتيريا الطاعون شديدة الشره تجاه عنصر الحديد، يؤكد ذلك الإحصاء الذي يبيِّن أن معظم ضحايا الطاعون كانوا من الذكور الذين تراوح أعمارهم بين 15 و44 عاماً.
أي في الشريحة التي تخزن أكبر مخزون للحديد, لكن شراهة بكتيريا الطاعون للحديد، سلاح يمكن استخدامه ضدها.
فلو أن خلايا المناعة التي تهاجم تلك البكتيريا، كانت تفتقر إليه، فإنها ستكون أجدى في الحرب ضدها, فلن تكتفي بمحاصرة البكتيريا ومحاربتها، ولكنها أيضاً ستمنع عنها غذاءها، فتتغلب عليها بسهولة.
خلايا المناعة تفتقر إلى الحديد؟ هذا بالضبط ما نحصل عليه حين يصاب نظام تمثيل الحديد بالخلل.
وتشير الوثائق أنه في عام 1347م، حين بدأ وباء الطاعون رحلته المميتة عبر أوروبا، استطاع الذين يحملون جين مرض اختلال تمثيل الحديد، أن يتغلَّبوا على عدوى الطاعون.
وفي الحقيقة فإن هذا الجين لم يحمهم وحدهم، لكنه حمى أوروبا من أن تصبح قارة خالية من السكان.
فلأن حاملي هذا الجين كانت فرصهم أوفر في الاستمرار على قيد الحياة، استطاعوا أن ينقلوه إلى أبنائهم، وبالتالي زادت نسبة وجوده في سكان أوروبا في هذه الفترة، وزادت نسبته في كل جيل عن الذي يسبقه.
هذه النسبة المتزايدة لحاملي ذلك الجين، تفسر لماذا لم تكن هجمات الطاعون التالية، بالشراسة نفسها التي ذاقتها أوروبا عام 1347م.
المحافظة على سبب العلَّة
في عام 1996م عُرف الجين المسبِّب لمرض اختلال تمثيل الحديد، واكتشف العلماء وجوده في 30 بالمئة ممن ينحدرون من أصول غرب أوروبية.
قبل سنوات، كان هذا المرض خطراً حقيقياً على حياة صاحبه، أما الآن فقد أصبح تشخيصه والتعرف إليه سهلاً، وأصبحت الحياة معه ممكنة. فعن طريق تبرع من يحملونه بالدم بصفة منتظمة، وإدخال بعض التعديل على أنواع الطعام الذي يتناولونه، يظل مستوى الحديد في أجسامهم طبيعياً، ولا يسبب أي أضرار.
مرض السكري يُنقذ سكان شمال أوروبا
ينتج مرض السكري، كما هو معروف، من حدوث خلل في نظام تعامل الجسم مع السكر، وتحديداً سكر الدم المعروف باسم الجلوكوز.
تحتاج أجسامنا إلى الجلوكوز لكي تحيا, فهو الوقود الذي تستخدمه كي تحصل على الطاقة.
وينتج الجلوكوز خلال التمثيل الغذائي، من طريق تكسير المواد الكربوهيدراتية في الطعام الذي نتناوله.
وبمساعدة الإنسولين، الهرمون الذي ينتجه البنكرياس، يخزن الجلوكوز في الكبد والعضلات، حيث يبقى منتظراً أن يحتاج إليه الجسم وقوداً لعملياته الحيوية المختلفة.
تحدث الإصابة بمرض السكري حين تتعطَّل قدرة الجسم، بمساعدة هرمون الإنسولين، على أن يستخدم الجلوكوز.
فيرتفع تركيزه في الدم، فيما تعجز الخلايا عن استخدامه والاستفادة منه.
وحين يصاب الجسم به، يعلن هذا المرض وجوده في مجموعة من الأعراض.
أهمها شعور المريض الدائم بالإجهاد، وانخفاض أداء أجهزته الحيوية بسبب حرمانها من مصدر الطاقة الأول، وحاجة جسمه إلى طرد كميات كبيرة من الماء خارجه، نتيجة للتأثير المحفز لتركُّز الجلوكوز المرتفع داخل الدم في الكليتين.
وعلى الرغم من أن أعراض المرض واحدة لدى كل من يصاب به، إلا أنه ينقسم إلى نوعين, أحدهما يصيب البالغين، وينتشر في المجتمعات التي يتبع أفرادها نمط حياة غير صحي، يتميز بالتركيز على الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون.
أما النوع الآخر فيرتبط ارتباطاً كبيراً بالعوامل الوراثية، وتظهر أعراضه في سن مبكرة، عندما يصاب جهاز المناعة بنوع من الخلل، يؤدي إلى تكوين أجسام مضادة تدمِّر خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين، فيفقد الجسم قدرته على إنتاج هذا الهرمون تماماً، بفعل تلك النيران الصديقة.

حقائق..
ومن الحقائق التي أثارت اهتمام العلماء، ارتباط هذا النوع من مرض السكري، بسكان شمال الكرة الأرضية، فتأتي فنلندا في المركز الأول من حيث معدل الإصابة به، تليها السويد ثم المملكة المتحدة والنرويج, ويقل هذا المعدل كلما اتجهنا جنوباً.
تقول القاعدة: إذا ارتبط مرض تلعب الوراثة دوراً مهماً في الإصابة به، بمجتمع معين، فإن بعض المعالم التي يحملها هذا المرض قدمت لحامليه، في فترة معينة، فرصة أكبر للاستمرار في الحياة والتكاثر.
ماذا قدَّم مرض السكري لسكان شمال الكرة الأرضية، كي يحفظوا له الجميل وينقلوه إلى نسلهم عبر الزمن؟
لكي يستطيع جسم الإنسان أن يقاوم درجة الحرارة شديدة الانخفاض التي تقترب من درجة التجمد، يحتاج إلى أن يطرح أكبر كمية ممكنة من المياه التي يحتويها، ويحتاج إلى أن يرفع تركيز السكر في دمه كي يعوق تجمده. أي إنه يحتاج لأن يكون مصاباً بمرض السكري!
كين ستوري العالم الكندي الذي بدأ في دراسة ضفدع الغابات منذ عام 1980م، وقادت أبحاثه إلى ما نعرفه الآن عن قدرة هذا المخلوق الصغير على التأقلم مع الصقيع في فهم تاريخ مرض السكري، فالمتوقع أن تساعدنا دراسة قدرته على تحمل تركيز السكر المرتفع في دمه على اكتشاف علاج جديد لهذا المرض.
احتاج الإنسان إلى مرض السكري كي يقاوم موجات الصقيع، واحتاج إلى أن يضطرب تمثيل جسمه للحديد كي يتغلَّب على بكتيريا الطاعون, لكنها لم تكن الأمراض الوحيدة التي احتاج إليها الإنسان.

 

 

سيرياهوم نيوز 2_الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

7 أنواع من الأسماك الأفضل للصحة: فوائد مذهلة تجعلها تتصدر القائمة

يعد تناول الأسماك أحد التوصيات الغذائية الأكثر شيوعًا، بفضل فوائدها الصحية المتعددة، مثل احتوائها على البروتينات، الفيتامينات والمعادن الأساسية. ولكن مع توافر العديد من الخيارات ...