| إسماعيل مروة
محباً للتراث والعربية والإسلام كان.. خصماً للشعوذة والانقياد كان.. متمسكاً بالثقافة والانفتاح والأدب عاش طه حسين، ووقف موقفاً صلباً وواضحاً من الذين لم يملكوا أدوات الانفتاح الحقيقية في المعرفة.. وقف في مواجهة الجهل السياسي فعاداه الملك وفصله من الجامعة، ومن العمل الحكومي فاستعدى عليه الأزهر وعلماءه..
كان شفافاً وناقداً ومباشراً دون مجاملات، فيذكر الأسماء والصفات والحوادث، ومن هنا كثر خصومه، وكثر التخريص عليه والاتهام، ومن كل جانب سياسي وديني وتراثي ومعاصر..
طه حسين عميد الأدب العربي الذي لا عميد قبله ولا عميد بعده في الذكرى الخمسين لرحيله.
طه حسين هو الاسم الذي عرف به، وعندما جاء إلى الدنيا أطلق عليه أبوه اسم (طاهر) والعميد يقول: ولم ينادني به أي إنسان، وحين وعيت غيّرت اسمي رسمياً في الأوراق الشخصية ليصبح (طه) وهو الاسم الذي أحبه العميد، اختاره علامة، ويشير إلى أنه أحبه أكثر، لأنه يطلق على النبي صلى الله عليه وسلم، مع أنه يميل في القراءة إلى عدّها حروفاً مثل ألم- ألر.. لكنه عاش طه ورحل مفكراً لا يشق له غبار، ويقول د. الدسوقي سكرتيره عندما كنت أضم رأس العميد بيدي كان خفيفاً، فأعجب كيف لهذا الرأس أن يحمل كل هذا العلم والفكر والأدب؟
كان متفرداً
لم يكن إنساناً عادياً بملكة واحدة، فهو أديب من المرتبة العليا، لغة وصورة وبلاغة، وهو أديب روائي رائد، اقتحم عالم الرواية، وأبدع فيه في زمن مبكر، وترك أعمالاً لا تنسى على الرغم من الزمن المبكر الذي كتب فيه الرواية، وهو ناقد أكاديمي دخل مجاهل النقد متسلحاً بالعلم والمعرفة والرؤية الدارسة، فقدم رؤى نقدية، سواء اتفقنا معها أم لم نتفق إلا أنها كانت من الجرأة والجدة ومخالفة السائد، وهو التربوي الذي تولى المواقع القيادية في عالم التربية والتعليم، ومنح الفقراء إلزامية التعليم في مرحلة ما بعد التعليم الابتدائي، وهو المترجم الذي أغنى المكتبة العربية بأهم الآثار اليونانية والفرنسية.. وهو الباحث التراثي الأصيل الذي قدّم مكتبة تراثية كاملة برؤيته الثاقبة.. وهو واحد من أهم كتاب المقالة الأدبية في الصحافة، ومقالاته الأكثر رشاقة وبلاغة وعمقاً وسيرورة بين الناس.. وهو صاحب مجلس أدبي، ضمّ عمالقة الأدب والفكر المعاصر، هو المثقف العميق الذي لم يتفق حوله الأدباء والنقاد، فهذا يخالف، وذاك ينتقد، وثالث ينتقص، ورابع، وخامس.. ولكنهم كلهم بمن فيهم من يبغضه يقرّ بعبقريته وتفوقه، وإن كان ينسب إلى هذه العبقرية أشياء وأشياء.. إنه ذلك الصعيدي الأزهري الذي خرج من عباءة الفقر والحرمان والمرض ليغدو واحداً من أهم مفكري العربية في عصرنا الحديث، وفي مختلف العصور، إنها الناقد والروائي والمترجم والأستاذ الجامعي الفذ، والعربي حتى النخاع فكراً وانتماء وإنتاجاً، عميد الأدب العربي الذي ما بعده عميد، والوزير الأعمى البصير الذي ما بعده وزير طه حسين في الذكرى الخمسين لرحيله. ففي عام 1973 وفي غمار حرب تشرين/ أكتوبر يأتي صوته شكراً لله أن شهد انتصار العرب، ويأتي بعدها بنعيه بأيام، كأي خبر حربي، ليشق الصمت معلناً نهاية رحلة رجل من قماشة مختلفة في كل شيء.. إنه طه حسين الذي قدّم ما لم يأت قبله، وبرحيله توقفت حركة نقدية دائبة في الساحة الثقافية والأدبية والعلمية.
الأزهري نقي العباءة
شأنه شأن الكثيرين من الفقراء، لم يكن أمامه سوى التعليم الديني الأزهري، دخل الفتى الضرير الأزهر، لعله يتعلم القرآن ليكسب قوت يومه، ويتدبر أمور حياته، والأيام كما صورها تنقل صورة الفتى في هذه المؤسسة العظيمة والعريقة، والتي لها نهجها وأسلوبها ومقرراتها، فكان على غير ما يصورونه، محباً للأزهر ومواده في جانب، ناقداً لبعض مقرراته وأساتذته، راغباً في أن يكون الأزهر الشريف على صورة مثلى، كيف؟ لا يدري الفتى إلا بفطرته، فهو لم يعرف سواه، لكن فطرته استساغت ما استساغت، ورفضت ما رفضت، وتعايشت ما تعايشت، وينتقل الفتى إلى التعليم الحكومي العام ليكتشف أشياء مختلفة، ويدرس في باريس لتصبح الرؤية لديه أكثر وضوحاً، ولكنه بقي الأزهري المنتمي المشرّب بالثقافة التراثية والإرث الفكري والحضاري، وحسبنا أن نسمع طه حسين في آخر لقاء له عندما يقول عن أفضل ما كتبه «قد لا يكون، من وجهة نظري الأيام، أو الروايات، أو الدراسات النقدية، لكنه ما أفخر به هو ما بذلته من جهد في على هامش السيرة، لأنه جعلني أغوص في الثقافة والتراث» وهذا يدل على أن الفتى الأزهري بقي على ما هو عليه من مرتكزات فكرية، وإن كان بعضهم يفسرها على أنها ارتداد أو تحلل أو توبة أو ما شابه ذلك، وهو لا يمت إلى أي رأي من هذه الآراء، بقدر ما يعني أن طه حسين انطلق من أرضية تراثية ثابتة، ومن فهم لهذا التراث، وعاش حياته كلها لخدمة هذا التراث، وإن اختلفت رؤيته عند رؤية معاصريه، وإن رأوا في آرائه ما أرادوا، وقوّلوه ما لم يقل في كثير من الأحيان.
الدراسات والنقد والتجديد
لا ينكر واحد بما في ذلك خصوم طه حسين إسهامه في الدراسات والنقد، وما كتبه في المعري وابن خلدون والمتنبي كان رائداً وسابقاً لإسهامات جليلة لكنها جاءت بعد دراساته، وربما كانت بدافع منه أو الرد عليه، ومهما كان من رأي فإن دراسته في الشعر الجاهلي استطاعت أن تحرك مياهاً راكدة في النقد الحديث حول الشعر القديم، واستطاعت دراسته أن تقدم نموذجاً، سواء في صورتها الأولى أو بعد التعديل الذي صمم عليه خصومه والأزهر، هذا النموذج لم يكن تقليدياً، وكان قابلاً للنقاش والحوار، وإن رأى بعضهم أنه تساوق مع آراء المستشرقين ودراساتهم، ونفوا عنه حرية التفكير والرأي وإن كانت قريبة من آراء آخرين.. وجاء حديث الأربعاء الذي كان كنزاً ثقافياً أدبياً ونقدياً قلّ نظيره، ولمن لا يعلم، فإن مجلس طه حسين الأربعائي انتقل للآخرين، وكل واحد منهم خصّ نفسه بيوم ومجلس، وقد شهدت لقاء الجمعة عند الدكتور عبد القادر القط، الذي جاء تقليداً لطه حسين، والفرق بين مجلسه ومجالس الآخرين أن مجالسه كانت علماً وتمخض عنها كتاب بأجزاء ثلاثة هو (حديث الأربعاء) وبقيت المجالس الأخرى مجرد مجالس وحوارات، ومن رأى هذه المجالس للعميد رأى فصاحة وفصحى وقضايا وغيرة لا يشاركه فيها واحد مهما كان انتماؤه.. واستمر نقده للحداثة، فكان له رأي في الشعر الحديث وشعر النثر، وهذا الرأي لا يعجب المحدثين، وكانت له مقالات عن الدواوين الشعرية والروايات والقصص، وتناولها بالتشريح المهذب.. وإن كان طه حسين لا يحب شوقي ويفضل حافظ إبراهيم فهذا رأيه الذي يحترم، ولا يعني أنه ضد الكلاسيكية، وكلاهما من المدرسة نفسها، والهوى الذي لا أوافقه عليه مع شوقي عرضه طه حسين ببراعة في واحد من أحاديثه «لا يعجبني شوقي، ومن المضحك أن يتزوج ابني مؤنس حفيدته، ولو كان شوقي حياً لرفض هذا الزواج» وكان الموقف من شوقي موقفاً طبقياً، وقد وقف طه حسين مع حافظ إبراهيم في كتابه (حافظ وشوقي) على الرغم من أن شوقي كان مجدداً أكثر من حافظ.. وبلغ طه حسين ذروته التجديدية بعلاقته بالفكر اليوناني ونقله إلى العربية، ونقل الروائع الفرنسية إلى العربية مثل (أوديب) للكاتب الفرنسي الوجودي الكبير وصديقه أندريه جيد.
طه حسين الأديب
للعميد طه حسين روايات عدة بارعة، وقد قدمت في السينما والدراما منها (دعاء الكروان) و(الوعد الحق) و(الحب الضائع) و(شجرة البؤس) وعلى الرغم من فقده للبصر فقد كان مصوراً من الدرجة الممتازة، وكان خياله في صناعة الشخصيات وبنائها قد وصل القمة، مع أنه وفي كل حديث يؤكد أن رواياته من الواقع تماماً، لكن كونها من الواقع الذي يفقد معه حاسة البصر يعزز براعته على الرسم والخيال، ولو كان ذلك في صياغته ورسمه.. والوقت الذي كتب فيه العميد الرواية كان مبكراً لذلك يعدّ واحداً من الرواد في هذا الفن الروائي القادم بشكله الفني من الغرب..
وكما استطاع أن يقدم التراث اليوناني بنفسه أو من خلال تلامذته، كذلك استطاع العميد أن يعزز وجود الأدب الروائي، وبعضهم يعدّ كتابه الأيام من الأدب الروائي لأنه اعتمد المنهج الروائي، وقد استطاع أن يقدم آراءه الأدبية في نصوصه الخالصة وفي قراءاته النقدية التي جمعت فيما بعد في كتب ذات قيمة بعد أن كانت الصحافة منبرها الأول.. وللإعلام دور كبير في تلك النهضة.
رائد السيرة الذاتية الفنية
نتيجة لقائه بالغرب والحضارة الغربية استقدم العميد فن السيرة الذاتية، فكتب (الأيام) بأجزائها الثلاثة، ولم يكملها للحقبة الزمنية الأخيرة، لكن هذه السيرة هي الأولى عربياً من حيث الشروط الفنية، وإن كان قد كتب قبله كثيرون السيرة، لكنهم كتبوا ما يشبه السيرة، وليس ضمن الشروط الفنية، لتكون الأيام هي الأولى ا لرائدة التي جاءت بعدها السيرة الذاتية العربية من أحمد أمين (حياتي) إلى العقاد (سارة) لكن الأيام وإلى يومنا هذا تعدّ من أ فضل كتب السيرة وأصدقها وذلك إضافة إلى المنهج الكتابي الذي اختاره، وهو المنهج الروائي الذي أتاح لها أن تكون رواية في كثير من النواحي، وتم تشخيصها للسينما (قاهر الظلام) وللتلفزيون (الأيام) وفي سيرته كان سارداً روائياً بلسان الآخر، نقد المجتمع والتعليم والسياسة وكل ما مرّ به، فبقيت الأيام علامة الزمن.
آراؤه وأهواؤه
للعميد طه حسين آراء وأهواء، وهي حق مشروع لأي إنسان، ولكن الغريب أن خصومه حاولوا تشويه عقيدته، وسلبوه محاسنه، ففي الوقت الذي يرى الرافعي وأحبابه أن كتابه (تحت راية القرآن) يقترب بالشبه من التنزيل! استطاعوا أن يلبسوا العميد طه حسين من الآراء ما ليست له، ولم يذكروا محاسنه، ومن ذلك نسبه إلى فكر المستشرقين، وخصومته للتراث والقرآن! وغير ذلك من التهم التي تدحضها سيرة طه حسين، وها هو الدكتور محمد الدسوقي سكرتيره لسنوات وهو من التيار الإسلامي يدوّن ما شهده على العميد «الجمعة 23/2/1968 في مساء هذا اليوم وفي نحو السادسة والنصف قال العميد: إن مستشرقاً مجرياً سيأتي بعد قليل فقلت: هل هو عبد الكريم جرمانوس، فقال: لا، إنه شخص آخر، وأما عبد الكريم جرمانوس فأنا أشك في أنه جاسوس.. ولم يوافق العميد المستشرق على رأيه في أفضليته العامية مشيراً إلى أنه لا توجد فجوة بين العامية والفصحى كما يظن البعض، وأن عامة الناس تسمع القرآن وهو في قمة الفصاحة والبيان فتفهمه وتتذوقه» هذا الذي ينقله سكرتيره ومرافقه د. الدسوقي يتحدث كارهوه وعن جهل مطبق عكسه تماماً.
ومن الآراء التي نجهلها ما رواه مرافقه عن العميد «لقد ناقشتني زوجتي في أن قراءة القرآن في معبد وثني أمر ما كان يجب أن يحدث، غير أني أفهمتها أن ذلك دليل على ارتفاع صوت القرآن الكريم على الوثنية ومظاهرها.
وفي نشأة الفتنة في العصور الإسلامية الأولى قال العميد: «أعتقد أن اليهود قتلوا عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وأن كعب الأحبار وابنه سبأ كانا على رأس المؤامرة التي سعت لقتل الخليفتين».
ولعل أهم ما تعرض له طه حسين كان بسبب رأيه في الشعر الجاهلي، وقد عدّل الآراء ويقول الدسوقي: «الملك فؤاد هو الذي كان وراء تحريك رجال الأزهر، وقد حانت الفرصة بعد طلب الحكومة من كلية الآداب وكان عميدها الدكتور طه حسين منح بعض الساسة درجة الدكتوراه الفخرية، ورفض العميد هذا الطلب، ثم كانت زيارة الملك فؤاد لهذه الكلية، وعدم هتاف الطلبة له، ونقل العميد من الجامعة إلى وزارة المعارف ورفضه هذا النقل، فقد قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 30 آذار 1932 فصل الأستاذ طه حسين أفندي الموظف بوزارة المعارف العمومية من خدمة الحكومة».
وفي حديثه عن خريجي الجامعات الأجنبية يقول العميد «ليس كل من حصل على الدكتوراه من الخارج أهلاً ليكون أستاذاً، فهناك في البلاد الأجنبية أناس صناعتهم كتابة الرسائل للطلبة الأجانب.. الدكتور أحمد ضيف لم يكتب رسالته بنفسه، وإنما كتبها له أستاذ من هؤلاء.. ومؤلفات الدكتور غنيمي هلال نقول مؤلفات فرنسية للمدارس الثانوية، فليست ابتكارات كما أنها ليست في الأدب المقارن».
ويذكر تفاصيل عن محمد غنيمي هلال ودراسته جرت بينهما، ليؤكد بأن ما درسه غنيمي هلال لم يكن الأدب المقارن..!
أسوق هذه الآراء، وقد احتفظ لنا الإعلام المرئي بندوات للدكتور طه ومعه عبد الرحمن بدوي ونجيب محفوظ وأنيس منصور ويوسف السباعي، وهذه الندوات تظهر حدّية الدكتور طه في إجابته، وبأنه شخص لم يكن يراعي سوى العلم، وفي هذا الكتاب الذي كتبه الدسوقي جلسات مع الدكتور الأزهري أبورية الذي أثارت آراؤه عاصفة، فكان العميد قاسياً معه، ومتمسكاً بالنصوص المقدسة وبآليات فهمها، ولم يجامل الدكتور الآخر، فلو كان يملك الرأي الذي يقوله خصومه كان عليه أن يفرح بأبي رية، وبدعاة العامية، وبالمستشرقين الجواسيس، بل لوعدنا إلى الكتاب فسنجد ما لا يمكن تخيله من غير طه حسين.
«أرواحنا بيد الله، والتأمين على الحياة تأمين ضد إرادة الله».
«جائزة نوبل تتحكم فيها الأهواء السياسية، وإنه لعجب أن تمنح لرجل مثل تشرشل، على حين هناك أدباء إنكليز أو فرنسيون يستحقونها».
«لم آخذ مكافأة عن جلسة من الجلسات العلمية التي حضرتها في المجمع أو مجلس الفنون، وأذكر أنني كنت أحضر جلسة المعجم الكبير كل يوم خميس في المجمع ولم أقبض مليماً واحداً لأن أحرص الناس على المال هم الأغنياء».
طه حسين بنفسه
– ولدت 14 نوفمبر 1889 بعزبة الكيلو، ونشأت في مدينة مغانمة من أعمال محافظة المنيا بصعيد مصر.
– درست أولاً في الأزهر، والتحقت به سنة 1902.
– التحقت بالجامعة الأهلية 1908.
– تخرجت فيها وحصلت على الدكتوراه منها في الأدب العربي، وكانت أول درجة دكتوراه تمنحها الجامعة 1914.
– سافرت بعد هذا إلى فرنسا في بعثة على نفقة الجامعة المصرية، وحصلت على درجة الليسانس من السوربون 1917 ثم الدكتوراه في يناير 1918 وكانت في فلسفة ابن خلدون.
– حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعات:
ليون، مونبيلييه، روما، بالرم، أثينا، مدريد، غرناطة، أكسفورد.
– أجيد الفرنسية واللاتينية واليونانية.
– أهوى الأدب العربي القديم، وأحب الغناء الجيد الخالص، وبخاصة الغناء الأوروبي.
– تأثرت بقدماء العرب من الأدباء والعلماء وبخاصة الجاحظ والمبرد وأبو العلاء.
– توفي في 28 تشرين الأول 1973.
نزار قباني في قصيدة «حوار ثوري مع طه حسين»
ضوءُ عينَيْكَ .. أم حوارُ المَـرايا أم هُـما طائِـرانِ يحتـرِقانِ؟
هل عيـونُ الأديبِ نهورُ لهيبٍ أم عيـونُ الأديبِ نَهرُ أغاني؟
آهِ يا سـيّدي الذي جعلَ اللّيـلَ نهاراً.. والأرضَ كالمهرجانِ..
ارمِ نـظّارَتَيْـكَ كـي أتملّـى كيف تبكي شـواطئُ المرجـانِ
إرمِ نظّارَتَيْكَ… ما أنـتَ أعمى إنّمـا نحـنُ جـوقـةُ العميـانِ
أيّها الفارسُ الذي اقتحمَ الشـمسَ وألـقـى رِداءَهُ الأُرجـوانـي
فَعلى الفجرِ موجةٌ مِـن صهيـلٍ وعلى النجـمِ حافـرٌ لحصـانِ..
أزْهَرَ البـرقُ في أنامِلكَ الخمـسِ وطارَتْ للغـربِ عُصفـورَتـانِ
إنّكَ النهـرُ.. كم سـقانا كؤوسـاً وكَسـانا بالـوردِ وَالأقـحُـوانِ
لم يَزَلْ ما كَتَبْتَهُ يُسـكِـرُ الكـونَ ويجـري كالشّهـدِ تحـتَ لساني
في كتابِ (الأيّامِ) نوعٌ منَ الرّسمِ وفـيهِ التـفـكيـرُ بالألـوانِ..
إنَّ تلكَ الأوراقِ حقـلٌ من القمحِ فمِـنْ أيـنَ تبـدأُ الشّـفـتـانِ؟
وحدُكَ المُبصرُ الذي كَشَفَ النَّفْسَ وأسْـرى في عُـتمـةِ الوجـدانِ.
سيرياهوم نيوز1-الوطن