آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » العودة إلى الوطن

العودة إلى الوطن

بقلم : حسن م. يوسف

أعترف لكم أنني عشت حالة من التأرجح القلق، كشخص يحجل على ساق واحدة، منذ أن قررت الجهات المعنية وقف الصحف الورقية، والاكتفاء بالمواد الأساسية في إصدارات الصحف الرقمية، فعندما أفتح عيني صباح كل سبت، أجد نفسي جاهزاً لكتابة مقالي الأسبوعي الذي يصدر صباح يوم الأحد في “الوطن”. وما إن أتحرر تماماً من إسار النوم أتذكّر بأن زاويتي في “الوطن” قد توقفت منذ أشهر، فينتابني إحساس غريب أشبه بإحساس من بترت يده لكنه ما يزال يشعر بها كما لو أنها ماتزال موجودة.

واليوم إذ أعود للكتابة في موقع “الوطن أون لاين” أشعر كما لو أنني قد ركبت طرفاً صناعياً بدلاً من يدي المبتورة، لكنني مصر على مقاومة هذا الشعور حتى دحره، وأنا واثق بأنني سأتجاوز هذه العقبة وسأستعيد الإحساس بيدي مجدداً. فالمهم في الكتابة بالنسبة لي ليس هو وسيلة الإرسال وشكلها، بل المستهدف من الرسالة، ألا وهو أنت أيها القارئ العزيز.

خلال نصف القرن الذي مضى منذ أن غادرت قريتي إلى دمشق، كان من الممكن أن أموت غير مرة، وكان من الممكن أن أضيع مراراً، إلا أنني قبل كل مفرق خطير من حياتي، كنت ألتقي بإنسان طيب يوقظني من غفلتي، وما أكثر المرات التي لامست فيها الخطر من دون أن يلتهمني، مما ولد في داخلي إحساساً عميقاً بأن الفضل في ذلك يرجع لدعاء المرحومة أمي، التي أعربت مراراً كثيرة عن إيمانها العميق بأن الخير لا يموت ولا يضيع، وأنه مهما طال طريقه في الدنيا فلا بد أن يعود لصاحبه، كانت تقول لي: “اعمل المعروف وارمه في البحر”. وها أنذا أراها بعد حوالي عشر سنوات من رحيلها تبتسم لي بغموض وشرود ثم ترفع رأسها وتخاطب ربها قائلة: “ربي يوقف لك أولاد الحلال”.

ونظراً لأنني ما أزال حياً بفضل دعاء أمي الذي جعل أولاد الحلال يقفون لي عند المفارق الخطيرة من رحلتي على سطح هذا الكوكب، فقد قررت منذ أن اكتشفت أن كلماتي أقوى من عضلاتي، أن أكرس ما في كلماتي من قوة وتأثير لخدمة الناس الطيبين الذين حذروني من الأخطار وساعدوني في تجنب المهالك مراراً وتكراراً.

لمناسبة عودتي إلى بيتي في جريدة “الوطن” أود أن أذكركم ببعض الأفكار التي سبق أن عبرت عنها وعشت لها:

-“عندما تخرج العدالة من قلب الإنسان، لا تتسع لها كل قوانين الدنيا!”

“تاعسٌ وخسران من يستبدل الصديق بالتابع! تاعسٌ وخسران من يستبدل الفرات بحفنة ماء!”

” الناس معادن حقاً، والحقد للنفس، كالصدأ للحديد.”

“المبالغة، حصان الكذَّاب! وأخطر الأكاذيب تلك التي تمشي على ساقين!”

“بعض عناصرنا تنحدر بنا إلى التراب، بعضها يطمح أن يوحدنا بنور الله! نهاية الكراهية مستطيل من تراب، بداية الحب فضاء من نور!”

– “الحق موزع في الناس، لذا يظن كل واحد منهم، أن الحق معه!”

– من يغش في الحب، كمن يغش في الصلاة، لا أمان، ولا إيمان، ولا أمن له!”.

-“للنبع لغة، من كلمة واحدة، يهمسها أبداً للكائنات: خذيني، خذيني، خذيني!”.

– “اعط أفضل ما لديك، أنت لا تملك إلا ما تعطيه!”

– “تخترق الكلمة الظالمة لحمي كخنجر من الجليد، أنزعه، فيذوب في يدي، أتركه، فيتَصلَّب في دمي، طاعناً في داخلي، من جديد!”

– “العطر أنفاس الوردة، إن لم تطلقه، تختنق!”

-” قلت يوماً: أيها الصحفي، مجدك يوم، وعارك إلى الأبد! أقول الآن: يوم الحقيقة، أبد.”

 

سيرياهوم نيوز 5 – الوطن 4/10/2020

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الديناصور الإسرائيلي الثقيل وحزب الله الرشيق ٠ مالم يتوقعه الديناصور ٠

نارام سرجون         صار من الواضح ان قبعة الساحر نتنياهو لم يعد فيها أي قدرة على ادهاش الحضور والجمهور .. فاذا نظرنا ...