كتب محرر “الغارديان” للشؤون الدبلوماسية، باتريك وينتور تقريرا عن قمة مجموعة العشرين ومعركة النفوذ والمنافسة المستمرة بين الولايات المتحدة والصين في الجنوب العالمي.
يبدأ الكاتب مقاله مشيرا إلى هيمنة قضيتين إلى حد كبير على الفترة التي سبقت انعقاد قمة مجموعة العشرين في نهاية الأسبوع الجاري في العاصمة الهندية دلهي وهما: الجهود التي تبذلها الهند في تقديم نفسها كقوة عظمى، والقرار المثير للجدل الذي اتخذه الرئيس الصيني، شي جينبينغ، مؤخرا بشأن عدم حضور القمة.
وعلى الرغم من ذلك، بحسب رأي الكاتب، من المحتمل أن تكون قمة مجموعة العشرين هذا العام مصيرية للمجموعة التي تضم أغنى 19 دولة في العالم بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
فبينما يوجد تكتل آخذ في التوسع حاليا لعدد من الدول تحت اسم مجموعة “بريكس”، والذي تؤدي فيه الصين دورا قياديا، مقابل ركون غربي إلى مجموعة السبع وقممها السنوية؛ تعد مجموعة العشرين الأمل المتبقي للحفاظ الفعّال على مبدأ التعددية، لاسيما بعد أن تحدث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يوم الخميس، عن خطر حقيقي يتمثل في تفكك النظام العالمي، في وقت تعاني فيه منظمته من التعثر بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا.
ويقول تريستين نايلور، الأستاذ المساعد للعلاقات الدولية في جامعة كامبريدج: “إن هناك خطرا كبيرا، أكثر من أي وقت مضى، ألا يصدر بيان مشترك عن مجموعة العشرين”.
يأتي ذلك في وقت رفضت فيه الصين وروسيا مناقشة قضية أوكرانيا، وكان من بين الأفكار المقترحة أن تؤكد مجموعة العشرين من جديد على ما اتُفق عليه في القمة الأخيرة في بالي، بيد أن موسكو قالت إن التدخل الغربي كان كثيفا للغاية إلى حد لا يسمح بصمود الأساس المقترح في بالي.
ويقول نايلور إن غياب بيان مشترك سيكون بمثابة خيبة أمل كبيرة للهند، لأنها عززت مكانتها لتكون الدولة القادرة على العمل كوسيط نيابة عن الجنوب العالمي.
وقال سوبرامنيام جاي شانكار، وزير الشؤون الخارجية الهندي، إنه لا ينبغي إطلاقا النظر إلى مجموعة العشرين على أنها “ساحة لسياسات القوة، بل ساحة للتعاون”، وأضاف أنه طُلب إبداء رأي 125 دولة، وفي بادرة ترمز إلى هذا الشمول، سيكون بمقدور الهند الإعلان عن منح الاتحاد الأفريقي مقعدا دائما على طاولة مجموعة العشرين.
كما تعتزم الولايات المتحدة، التي تبحث عن أي ميزة خلال منافستها الجيوسياسية المستمرة مع الصين لتعزيز نفوذها في الجنوب العالمي، اغتنام فرصة غياب الرئيس الصيني، شي جي بينغ، مؤخرا عن حضور القمة.
الصين والولايات المتحدة: أين يقع البلدان ضمن موازين القوى الحالية؟
الصين والولايات المتحدة: لماذا تشدد بكين إجراءات تصدير مواد أساسية تستخدم في صناعة رقائق الكمبيوتر؟
وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، إنه إذا كان الرئيس الصيني يريد إفساد لحظة ناريندرا مودي الكبرى فالأمر متروك له، مضيفا أن الصين تبدو وكأنها تهدر فرصة المشاركة على نحو بنّاء، وتسوية قضايا متعددة الأطراف تواجه البلدان النامية.
وتقارن الولايات المتحدة أيضا بين التباطؤ الاقتصادي في الصين والتحول النسبي في الاقتصاد الأميركي، وكان سوليفان قد تعهد بأن الولايات المتحدة ستحضر القمة ومعها “عرض قيّم” بشأن تخفيف الديون والتكنولوجيا وإصلاح البنوك واتخاذ إجراءات بشأن أزمة المناخ.
وتتضمن الحزمة إعادة هيكلة الديون السيادية للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، والتي يقول سوليفان إن الدول ستستفيد من أكثر من 200 مليار دولار، تبدأ الخطة بمبلغ أوّلي صدّق عليه الكونغرس بقيمة 25 مليار دولار.
كما يركز النزاع بشأن قضية المناخ، بحسب الهند، على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري والموعد الذي يمكن فيه مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات، بيد أن الصين تقود مجموعة تضم روسيا والسعودية وهي تعارض مضاعفة القدرة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030 وخفض انبعاثات الغازات بنسبة 60 في المائة بحلول عام 2035، ومن المرجح أن تتوسع مجموعة العشرين أيضا في استخدام تمويل التحول المناخي.
وسوف تشهد القمة، بحسب رأي الكاتب، ضغوطا على الدول الغنية للوفاء بالتزاماتها التي قطعتها على نفسها قبل ثلاث سنوات من أجل توفير 100 مليار دولار لتمويل الدول منخفضة ومتوسطة الدخل سنويا لمواجهة تغير المناخ.
وفي ذات الوقت سيبذل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قصارى جهوده للإشادة بمودي بشأن الموضوعات التي اختارها مثل التحول الرقمي، حيث تعتبر الهند الحليف الحاسم في صراع واشنطن مع الرئيس الصيني الغائب عن القمة.
ويقول إيفان فايجنباوم، من مؤسسة “كارنيجي” للسلام الدولي، إن غياب شي جين بينغ غريب نظرا لمشاركة دول مؤيدة للصين مثل السعودية، مضيفا: “إما أن الرئيس الصيني مشغول داخليا بتغيير النموذج الاقتصادي الصيني، أو أنه يريد أن يبعث إشارة بأنه يستطيع المشاركة في هذه المجموعات والخروج منها”. (بي بي سي)
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم