آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » الغد القادم بين آمال المواطنين والأداء الحكومي المنتظر

الغد القادم بين آمال المواطنين والأداء الحكومي المنتظر

 

 

بقلم:د. حسن أحمد حسن

 

من الطبيعي أن يهتم جميع المواطنين السوريين بالتشكيلة الوزارية القادمة التي يأمل المواطن السوري أن تكون على قدر المسؤولية التي تفرضها هذه الظروف الاستثنائية والتحديات المتعددة التي تعيشها المنطقة بكل دولها وشعوبها، وسورية جزء أساسي من نسيج المنطقة، لا بل تحتل المركز فيها، وهذا يفسر الفضول الذي قد يعتري أي شخص لمعرفة الأشخاص الذين سيتم اختيارهم في قوام الوزارة القادمة بعد أن أصدر السيد الرئيس بشار الأسد مرسوماً يقضي بتكليف الدكتور محمد غازي الجلالي بتشكيل الوزارة في سورية، ومن المهم هنا التذكير بحرص الدولة السورية على تنفيذ الاستحقاقات الدستورية في توقيتاتها المحددة، ويسجل للمواطن السوري حرصه على إنجاح تنفيذ هذه الاستحقاقات الدستورية عبر المشاركة في ممارسة حقه في الانتخابات العامة التي تجرى التشريعية منها والرئاسية بآن معاً، وهذه بشارة خير وقرينة دالة على ارتباط المواطن بدولته بغض النظر عن الظروف الاستثنائية الضاغطة التي أفرزتها سنوات الحرب المركبة والمفروضة على الدولة السورية بجميع مكوناتها منذ آذار 2011م. وما تزال فصولها تتلاحق تباعاً حتى تاريخه، فما تحمّله السوريون طيلة هذه السنوات يفوق الطاقة المتعارف عليها لدى الشعوب، ويكفي كل سوري فخراً أن الدولة الوطن بقيت واستمرت واستطاعت الصمود في وجه أعاصير عاتية هوجاء وقادرة على اجتثاث دول أكثر قوة، وما كان لكل هذا أن يتم إلا بفضل تلاحم الأغلبية من أبناء سورية مع متطلبات الدفاع عن الوطن وسيادته وكرامته، والمشاركة في دفع ضريبة رفض الإذعان والخنوع والتبعية، والالتفاف الواعي والواثق والمسؤول حول قيادة السيد الرئيس الذي استطاع أن يمسك بكل كفاءة وجدارة واقتدار بدفة السفينة ويحافظ على بوصلة التوجه لما فيه خير الوطن والمواطنين وضمان الوصول إلى شاطئ السلامة، وهذا ما سيُكْتَبُ عنه الكثير حتى ممن كانوا جزءاً من الحرب على سورية شعباً وجيشاً وقائداً مفدى يرنو جميع السوريين إلى شخصه الموقر بكل الأمل لتجاوز ما تبقى من فصول هذه الحرب القذرة المفروضة، والتي لم تشهد لها البشرية مثيلاً على امتداد تاريخها الطويل.

لا شك أن المواطن الذي صبر وصمد كل هذه السنوات العجاف من حقه أن يمنّي النفس بوزارة تحمل هموم الوطن والمواطنين، وتعمل على التخفيف ما أمكن من أعباء الحياة وضغوطها، وتحافظ على الهوية الوطنية في أبهى صورها وتجلياتها، أي أن الوزارة القادمة تتحمل حتى قبل تشكيلها مسؤولية أن تكون على مستوى هذه الأماني المشروعة، وفق الإمكانيات المتاحة، وعبارة “الإمكانيات المتاحة، لا تبيح لأي كان التذرع بمفرزات الحرب لتبرير التأخر عن المستوى الذي بلغه الزخم الوطني، وبخاصة بعد الخطاب التاريخي الذي ألقاه السيد الرئيس بشار الأسد في افتتاح الدور التشريعي الرابع لمجلس الشعب، والذي تناول فيه كل ما قد يخطر على الذهن من هواجس تعتلج في أعماق كل مواطن سوري شريف.

بكل تأكيد ليس لدى أية وزارة قادمة عصا سحرية لتبديل الواقع وضغوطاته بين عشية وضحاها، وفي الوقت نفسه بكل تأكيد أيضاً أن الأداء الحكومي الراهن أقل مما يرضى عنه المواطن السوري المتجذر بأرضه، المعتز بهويته ونقاء انتمائه، والمستعد للتضحية بكل ما يملك ـــ وليس فقط بأثمن ما يملك ـــ في سبيل الحفاظ على العلم العربي السوري خفاقاً بكل عزة وإباء وشموخ، والمطلوب اليوم قبل الغد الانتقال إلى ميادين العمل والإنتاج، والمساهمة في تخفيف الضغوطات والكوابح كلٌّ ضمن اختصاصه ومسؤولياته، فالإمكانيات المتاحة بغض النظر عن محدوديتها إلا أنها كفيلة بإحراز تقدم ملحوظ عندما تكون الرؤية واضحة لتخفيف أعباء الحياة المعيشية اليومية عن كاهل المواطن، وعندما يتم اعتماد سياسة عامة مستندة إلى هذه الرؤية الواضحة، ومنها تستخرج السياسات الفرعية التفصيلية الخاصة بكل وزارة من وزارات الدولة، وهذا ما أشار إليه السيد الرئيس في خطابه الأخير أمام مجلس الشعب، وهنا تتبلور بوضوح أهمية أن تسود روح المبادرة وتحمل المسؤولية، فاجترار الوجع لا يخفف الألم، ومعاودة جلد الذات وإلقاء كل تقصير على شماعة الحرب يقلل المناعة، ويزيد من نقاط الوهن المرفوض، والخوف المتزايد من احتمال الفشل يعيد المسؤول والقطاع الذي يديره خطوات إلى الوراء، مع التشديد هنا على أن المراوحة في المكان في ظل واقع متغير وبحركة دائمة ومتسارعة يعني التراجع والنكوص، وهذا ما لا يتمناه أي وطني شريف..

نعم يستحق الشعب السوري حكومة كفوءة وجديرة ومؤتمنة على تنفيذ ما ورد في خطاب السيد الرئيس، وهذا ضامن لتغيير الواقع بغالبية جوانبه الضاغطة، ومن المهم البدء باعتماد آليات جديدة للعمل، ومصطلح آليات ليس مجرد كلمة عابرة بل منظومة متكاملة من المحددات والمعايير والإجراءات الأنية والبرامج التنفيذية المحكومة بمدد زمنية محددة والمنطلقة من الواقع، وليس من عالم الأحلام والأمنيات، وقد ورد في التاريخ أن جندياً إغريقيا شكا لقائده قِصَرَ سيفه قبل المعركة فقال له: استعض عن ذلك بخطوة إلى الأمام، وأحسب أنه من حق كل مواطن سوري شريف وغيور على الوطن بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد أن يرى بأم العين جميع المسؤولين وهم يستعيضون عن قلة الإمكانيات وشح الموارد بخطوة إلى الأمام عبر مراجعة الأداء بشكل يومي، والعمل على تحسينه بمهارة المسؤولين وكفاءة الشخصيات التي تلقى على كاهلها أمانة العمل القيادي، وبعد النظرة والتخطيط العلمي الممنهج، بالتزامن مع بدء التنفيذ وتحمل المسؤولية في حالتي النجاح أو الإخفاق لا سمح الله.

لن أدخل في المنغصات والضغوط والحاجة والمعوقات فهي كثيرة، وكل مواطن سوري مهما صغر شأنه أو كبر قادر على أن يكون جزءاً في مسيرة التغيير نحو الأفضل، وهذه مسؤولية جماعية، وفي الوقت نفسه فرض عين على الجميع، فالوقت اليوم للعمل والمبادرة وتحمل المسؤولية، وليس للتفكير في “البرستيج” الذي قد يتمناه هذا الشخص أو ذاك.

 

(موقع سيرياهوم نيوز-١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وماذا عن تراجع القيمة الشرائية للدولار؟

  علي عبود يُروّج بعض (المنظّرين) إلى دولرة الاقتصاد، وهو مالم تجرؤ على طلبه مباشرة المؤسسات المالية المدارة من أمريكا من أي بلد في العالم ...