غسان سعود
على هامش مؤتمر أستانة الَّذي عُقد في 21 و22 كانون الأول/ديسبر الماضي في عاصمة كازاخستان، كان للاجئين السوريين حصّة الأسد في المحادثات الجانبية، في ظلِّ مشاركة دول الجوار السوريّ، لبنان والأردن والعراق وتركيا، إضافةً إلى الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي.
رسمياً، دعا المجتمعون في الفقرة 13 من بيانهم الختاميّ المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية إلى إرسال المساعدات إلى “سوريا بأكملها”، عبر “مشاريع الصّمود والإنعاش المبكر” لدعم الوضع الإنساني في سوريا وتحسينه، في ظل تأكيد نائب ممثل مفوضية اللاجئين في سوريا أنَّ هذه المشاريع الصّغيرة تلقى نجاحات طبعاً، لكنَّ “المفوضيّة” تلتزم بإقامتها للاجئين حيث هم (in community projects)، ولا نية أو قرار بإقامة مشاريع تنموية تخصص لعودتهم من الدول التي يعيشون فيها.
وبالتالي، إنّ نائب ممثل مفوضية اللاجئين أكد في أستانة لكلٍّ من التقاه أنَّ قرار المفوضيَّة (الذي تسطّره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الخليجية) ما زال حاسماً: لا لدعم عودة اللاجئين، إنما الدعم يتركّز على إبقائهم في دول اللجوء عبر أموال كثيرة ومشاريع تستهدف تثبيت وجودهم في لبنان والأردن والعراق وتركيا، بدلاً من البحث، كما ينادي بيان أستانة، عن وسائل لدعم عودتهم إلى بلدهم.
وفي جلسة خاصَّة مع الأمينة العامة المساعدة ونائب غير بيدرسون، أكَّدت السيدة خولة مطر أنَّ الأردنيين يتحركون بمبادرة حول اللاجئين، دعوا إليها كلّ المعنيين، وبدأوا إجراء مشاورات مع كلِّ دولة على حدة. وهناك المبادرة التركية التي تثير قلق الأردنيين، لكنَّ الأمم المتحدة على موقفها: نحن نعتبر أنَّ البنية التحتية والأمن غير متوفرين لعودة اللاجئين، ومع ذلك، فإننا جاهزون لأداء دور وسط كلّ هذه المبادرات… “بيدرسون يقوم بمشروع تجريبي لعودة مجموعة من اللاجئين من لبنان”، و”نحن نعتبر أنَّ مفوضية اللاجئين قادرة على توحيد المبادرات ومساعدة اللاجئين على العودة إلى قرى تُبنى خصيصاً لهم بإشراف الأمم المتحدة”.
وكشفت الأمينة العامة المساعدة ونائب غير بيدرسون أنَّ تركيا اتفقت مع قطر على أن تقوم الأخيرة ببناء هذه القرى في المناطق التي تخضع للسيطرة التركية، وهو “أمر غير مقبول، لأنه يعتبر تغييراً ديموغرافياً، ولا تزال تجربة الإسكندرون قائمة أمام السوريين”.
وكشفت خولة مطر عما يفعله الأتراك على صعيد التعليم، إذ يعتبرون أنَّ التعليم في إدلب غير معترف به، فيضطر التلاميذ إلى الانتقال من المدارس في إدلب إلى مدارس تركيا للحصول على معادلة معترف بها في تركيا. وكذلك، إن تركيا تربط إدلب باقتصادها.
وفي جلسة دبلوماسية جانبيّة، قالت نائب بيدرسون إنَّ الأمم المتّحدة لم تأخذ الموقف الملائم بخصوص “احتلال تركيا للأراضي السورية”، وهي لم تسمع قطّ من المنظمة أنَّ “الوجود التركي في سوريا احتلال”، مضيفةً: “لا أحد في المنظمة يريد إثارة مشاكل مع تركيا، لأنهم يريدونها أن تكون طرفاً في الحل”.
أمّا ممثّل الجمهورية الإسلامية في محادثات الأستانة الأخيرة، علي أصغر خاجي، فقد قال في لقاء دبلوماسيّ آخر بحضور كامل الوفد الإيراني، ومن ضمنه مدير عام الشرق الأوسط في الخارجية الإيرانية مير مسعود حسنيان، إنَّ من شأن العودة أن تخلق حالة إيجابية، وقد “عاد للتو نحو مليون لاجئ”، في ظلِّ حديث قرار مجلس الأمن 2585 عن مبدأ “الانتعاش المبكر” الذي “يتطابق مع الموقف الإيراني”، ويفترض أن يكون ملزماً للجميع، مؤكداً الدعم الإيراني المطلق لأي مبادرة أو مؤتمر أو طريق أو مسار يسهل عودة اللاجئين.
بدوره، قال الممثل الشخصي للرئيس الروسي ألكسندر لافرانتييف، في لقاء دبلوماسيّ جانبي، إنَّ روسيا تضمن العودة الآمنة، مستغرباً “تشدّد فرنسا وبريطانيا اللتين لا تريدان رؤية شيء يتحقّق، وخصوصاً فرنسا، التي لها الموقف الأعنف في الملفّ السوري”. وفي ظلِّ تأكيد الدبلوماسي الروسي أنَّ ربط إدلب بالاقتصاد التركي خطر جداً، “لدينا ضمانات بأن تركيا ستترك سوريا”.
خلاصة وجهات النظر الدبلوماسية الجانبية في أستانة، تشير إلى التقدّم البطيء جداً لاقتراحات العودة، سواء الأردنية أو التركية أو الأممية، التي تقترح بناء الأمم المتحدة قرى جديدة في الأراضي السورية مخصّصة للاجئين، فيما يتمسك الغرب، ممثلاً بالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكلّ المنظمات العالمية المرتبطة بهؤلاء، بموقفه في دعم اللجوء لا العودة، وفعل كلّ ما يلزم لتثبيت اللاجئين في بلدان اللجوء بدلاً من دعم عودتهم. وكلّ ما يشاع في هذا السياق عن انعدام الاستقرار وضعف البنية التحتية هو مجرد أكاذيب لتضليل الرأي العام وحماية “مشروع تهجير السوريين ومنع عودتهم”.
(سيرياهوم نيوز-الميادين ٧-١-٢٠٢٢)