علي عبود
قد تكون الـ “لا” الصينية لأمريكا المدخل لكسر الحصار الغربي على سورية، وقد ترجم الرئيس الصيني هذه الـ “لا” للأمريكي بتوقيع الصين وسورية على إتفاقيات شملت كل المجالات السياسية والإقتصادية وهذه الإتفاقيات مهمةجدا لأنها تؤسس لشراكة استراتيجية بين البلدين.
وإذا كانت الصين خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية، حذرة بالتعامل مع دمشق لكي لاتتعرض شركاتها للعقوبات، فإن كل شيئ تغير جذريا في العامين الأخيرين، فأمريكا أعلنت الحصار الاقتصادي وخاصة التكنولوجي عليها، وتحذّرها على مدار الساعة من تقديم المساعدات لروسيا في الحرب الأوكرانية، وتهدّدها بدعم تايوان عسكريا في حال قررت إعادتها إلى سيادتها..الخ!
ويمكن القول أن إعلان أمريكا عن مبادرة الممر الهندي في قمة العشرين الأخيرة، سرّع بإعلان الـ “لا” الصينية لأمريكا، وكانت الترجمة العملية لهذه الـ “لا” استقبال الرئيس بشار الأسد بحفاوة أغضبت أعداء سورية، وبإعلان الشراكة الإستراتيجية بين الصين وسورية!
نعم، لايمكن ان يمر المشروع الأمريكي المنافس، بل والمعرقل لمبادرة (الحزام والطريق) بلا رد صيني مناسب، فانخراط دول من المنطقة “الأردن والسعودية والإمارات” بالإضافة إلى كيان العدو، بالتوازي مع المخطط الأمريكي لإغلاق الحدود العراقية السورية مجددا.. ستشكل بمجملها في حال عدم الرد عليها سياسيا واقتصاديا،ضربة قاسية لطريق الحرير الصيني!
وبما أن سورية تشكل عقدة محورية تفصل بين العراق، أحد الموردين الرئيسيين للصين بالنفط،، وتركيا التي تشكل نهاية ممر طريق الحرير، فإن بكين لايمكن أن تبقى متفرجة على استهداف هذه العقدة، أي إخراجها من مبادرة “الحزام والطريق”، ومن هنا تأتي أهمية الـ “لا” الصينية لأمريكا، وترجمتها كسر الحصار عن سورية، بل أن الترجمة العملية لهه ستكون : لا لإغلاق الممر الاقتصادي القادم من إيران مرورا بالعراق إلى سورية فالبحر الأبيض المتوسط وتركيا.
ولو استعرضنا الدول التي يمر بها طريق الحرير الجديد في آسيا لاكتشفنا ان أمريكا لم تتوقف في السنوات الماضية باختلاق بؤر التوتر فيها وحولها لتبقى في حالة اضطراب تمنع أو تؤخر تنفيذ مشاريع استثمارية في البنى التحتية الضرورية لانطلاق مبادرة “الحزام والطريق”.
وإذا كانت مخططات أمريكا عرقلت المشروع الصيني في بعض مساراته، فإن الأمر مختلف في مساره “الإيراني ـ العراقي ـ السوري” فالقرار من محور المقاومة اتخذ وبدعم روسي: الحدود السورية العراقية خط أحمر لن نسمح بإغلاقها حتى لو تطلب الأمر خوض معركة عسكرية مباشرة مع الأمريكي مهما كانت أثمانها!
وكما نلاحظ فإن الأمر بالنسبة للصين لايتعلق بسورية فقط، وإنما بدولتين مهمتين جدا إليها تزودانها بكميات كبيرة من النفط هما إيران والعراق، وهذه الكميات مرشحة للزيادة في السنوات القادمة، وبالتالي فإن المحاولات العسكرية والإرهابية بالتوازي مع إعلان الممر الهندي لتخريب مسار عقدة رئيسية في (مبادرة الحزام والطريق) أي في سورية، سرّع بإعلان الـ “لا” الصينية بوجه الأمريكي، فاستقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ نظيره السوري بشار الأسد بحفاوة أغضبت أعداء سورية، وكانت الترجمة العملية لهذه الـ “لا” توقيع اتفاقيات ستؤسس لشراكة استراتيجية فاجأت الجميع، بل تعرضت للهجوم الشرس في الإعلام الغربي قبل توقيعها!
الخلاصة: يمكن الجزم أن الصين بقولها “لا” للحصار والعقوبات الأمريكية على سورية، وبقولها “لا” في بيانات رسمية عديدة للإحتلال الأمريكي لمناطق سورية، وبقولها “لا” لسرقة أمريكا للنفط السوري.. انتقلت من سياسات الحذر إلى سياسات الفعل الإستراتيجي، لأنها معنية جدا باستقرار وازدهار ثلاث دول “إيران والعراق وسورية” تقع على أهم محاور ممر “الحزام والطريق” وتعتمد على ثرواتها النفطية والغازية سواء المستثمرة حاليا أم التي ستثتثمر مستقبلا.
(سيرياهوم نيوز ١-خاص بالموقع)