الرئيسية » كتاب وآراء » الفرصة التي يجب ألا تضيع .. أنقذوني قبل أن تفقدوني

الفرصة التي يجب ألا تضيع .. أنقذوني قبل أن تفقدوني

| نارام سرجون

 

ماأكثر الفرص التي ضاعت في هذا الشرق .. حتى ان هذا الشرق صار مقبرة جماعية للفرص الضائعة .. انه أرض الفرص الضائعة .. ألم نضيع الشرق الاوسط لصالح سايكس بيكو لأننا تصرفنا بسذاجة وصدقنا ان أحفاد ريتشارد قلب الاسد صافحونا لأنهم يحبوننا وانهم لايخدعوننا وأنهم نسوا معركة حطين؟ فسرنا معهم دون ضمانات واكتفينا بوعود فوق وعود فوق وعود .. ألم تضع فلسطين عندما صدقنا الهدنات والمفاوضات وضمانات العرب وتركنا ثورة القسام تموت .. فيما انه في تلك اللحظة الحاسمة لو استمر تدفق الثورات والثوار الى فلسطين لوفرنا على أنفسنا كل الحروب التي تلت .. ولغضّت بريطانيا النظر عن المشروع الصهيوني وردت وعد بلفور الى بلفور ليغيره الى مكان آخر ..

ألم نضيع فلسطين مرة ثانية عام 48 عندما صدقنا ان الملوك الذين صنعتهم بريطانيا من المحيط الى الخليج يمكن ان يصنعوا لنا نصرا .. ألم يكن لنا عقل يقول لنا أن الملوك الذين تنتجهم مخابرات بريطانيا في مزارع الملوك التي تملكها مثل مزارع الأسماك والأبقار وحواضن تفقيس الامراء لايجوز ان تناط بهم هذه المهمة الجليلة العظيمة؟ ..

ألم نضيع الفرصة للانتصار عام 1967 عندما صدقنا الضمانات الامريكية ألا تكون اسرائيل البادئة بالحرب؟ الم نضيع الفرصة عندما لم نفكر في ألا يكون الرجل الثاني في مصر خلف عبد الناصر الا شخصا متينا ومدروسا وكفءا كي يجلس في مقعد عبد الناصر اذا غاب عبد الناصر؟ ..

ألم نضيع فرصة حرب اكتوبر بسبب تسليم قيادة الحرب لرجل كان ضابط اشارة مغمور اسمه انور السادات وهو لم يخض حربا كبيرة الا وفشل فيها وهو سبب فشل مصر في حرب اليمن .. ومع هذا أعطيناه مفاتيح الحرب في اوكتوبر ليعبر الى سيناء والى المستقبل فعبر بالجيش المصري الى كامب ديفيد .. وخرجت مصر وضاعت في مورفين السلام ولم تعد ..

ألم نضيع فرصة الوحدة السورية المصرية؟

ألم نضيع فرصة الوحدة السورية العراقية؟

ألم نضيع فرصة اللقاء مع ايران الثورة الخمينية لنكمل بها خط المواجهة .. ثم ضيعنا كعرب من عمرنا 8 سنوات في حرب طاحنة مجنونة ؟

ألم نضيع فرصة تحويل الثورة الفلسطينية وثورة الحجارة الى ثورة لاتتوقف الا بانهاء المعركة الى النهاية .. وبدل الانتصار بالحجر خرجنا بأوسلو الكارثة التي بعنا فيها الحجر والشجر والبشر؟

ألم نضيع فرصة نشر الفكر القومي وقد وصل القوميون الى الحكم في مصر ودمشق وبغداد لعقود .. ولم يصل الفكر القومي الى اي من دول الضفاف العربية .. ولا الى في دول الخليج التي يجل ان تنتشر فيها العروبة .. وانشغل اعلام القوميين بالحرب الاهلية بين القوميين والتقدميين .. بين البعثيين والشيوعيين .. وبين البعثيين والبعثيين وحتى بين الشيوعيين والشيوعيين؟ فيما لو اشتغلنا على أهل الخليج وضفاف العالم العربي لكانت هناك اليوم جمهورية الكويت وجمهورية قطر والجمهورية العربية الكبرى الحجازية وحزب البعث القطري والرئيس المغربي .. وو .. واليوم صارت الممالك والمشيخات هي التي تحكم كل الجمهوريات العربية ويشتغل عندها نصف البعثيين ومعظم الشيوعيين وكل القوميين ..

ألم تضع فرصة الانتقام لعماد مغنية؟ ولقاسم سليماني؟

ألم نضيع نصف العالم الغربي في لهاثنا خلف حلم طوباوي اسمه (الاسلام هو الحل) في وقت كان الاسلام كله بيد أميريكا وهو الذي قاتل معها في أفغانستان وهو الذي يحميها في السعودية والخليج ووهو الذي سكت عن احتلال الخليج بالعائلات الفاسدة .. بل وساكنها وتصادق معها وأكل معها ونام معها ..

هل أكمل وأحصي ؟؟

 

اليوم فرصة تاريخية لاتتكرر بعد ان هزمنا طليعة المشروع الغربي المتمثل في تسليم الشعوب لعملاء اسلاميين وتحويل الاسلام الى مدفع امريكي عملاق أوله في تونس وفوهته في سورية ..

فاليوم اميريكا منشغلة جدا بموضوع اوكرانيا وهي مستنفرة بالكامل استخباراتيا وعسكريا وديبلوماسيا اكثر من روسيا بعشرات مرات .. وهي تستعد للمناورة في تايوان مع الصين .. اميريكا تركز طاقتها كثيرا على الحرب في اوكرانيا وهي تريد تبريد كل الساحات لتتفرغ لمعركتها المصيرية مع روسيا .. وهي قلقة جدا من اشعال ساحات اخرى تشغلها عن اوكرانيا .. ولذلك فانها مستعدة لدفع اي ثمن مقابل ألا نشاغلها عن أوكرانيا وتحركات الصين قرب تايوان .. وتايوان واوكرانيا هما ساحات مستقبلها وليس حقول العمر النفطية والتنف وقاعدة عين الاسد في العراق .. وهي مكشوفة جدا في هذه المناطق وضعيفة ..

واليوم اسرائيل متورطة في حرب اوكرانيا وقد غمست يديها حتى المرفقين في اوكرانيا .. وفي التصنيف الروسي صارت اسرائيل حليفة لاوكرانيا .. ولم تعد روسيا ملتزمة كثيرا بالحياد في صراع الشرق الاوسط ..

 

اميريكا لاتضيع الفرص على الاطلاق .. ففي الوقت الذي تهدئنا فيه بالانتظار .. وتهدئ ايران بالمفاوضات على الاتفاق النووي .. تتحرك في داخل ايران وتتلكأ في الاتفاق النووي وتتسلى به .. ولاتزال تتنزه في سورية وتسرق النفط والقمح وتدرب داعش الجديدة بحلتها الجديدة وتبني بيتا كرديا على أرض عربية سورية .. ولاتزال تتلف النسيج الاجتماعي العراقي وتصنع الفوضى خلف الفوضى وتتلف العراق أخلاقيا وتسممه سياسيا وتسلب منه اي قدرة على الحياة بشطل طبيعي ..

وروسيا اليوم ستجد ان الحاق الاذى بأميريكا خارج اوكرانيا مفيد لها جدا .. واكثر منطقة تبدو اميريكا فيها مكشوفة وضعيفة هي منطقة سورية والعراق .. ولذلك فان عملية اخراجها من المنطقة هي فرصة حضرت الينا في وقت سن يبالي الروس بمجاملة اميريكا الآن .. وهذه فرصة قد لاتتكرر ولا يجب ان تضيع ..

انها فرصتنا التي يجب الا نضيعها ويجب ان نقرأ الوضع الحساس للامريكي وأن لاننتظر الوعود والمفاوضات التي لم تنته يوما الا بكارثة وخدعة ومؤامرة ثانية .. كل المفاوضات هي لالهائنا ريثما يتم طبخ المشروع الكارثي التالي .. وأفضل خيار هو ان نقوم بايلام الامريكيين بأقصى درجة لأنهم مهما كانت لديهم القدرة على الرد فان افتتاح ساحة اخرى للضغط سيجعلهم في وضع لايسرّهم .. وليس هناك شيء ثمين سنخسره .. فأثمن ماكان لدينا خسرناه في هذه الحرب ..

أميريكا اليوم هي أقرب مما نظن الى نقطة القبول بدفع الثمن وتقديم المغريات والاستجابة للطلبات والشروط ..صدقوني انه لم يعد هناك قبور تكفي لدفن الفرص التي نتركها تموت دون نسعفها وننقذها .. وكل فرصة ماتت تتوسل الينا في وصيتها ألا نقتل مزيدا من الفرص التي تدفن في نفس القبر الذي دفنت فيه قبلها فرص اخرى ..

يجب ان تتوقف قوافل النفط المسروق والنفط المسروق .. وان يكون البرنامج الذي يشغل رئيس اميريكا قبل اوكرانيا هو الانسحاب الامريكي من سورية والعراق .. قبل اي شيء ..

 

الفرصة تتوسل اليكم وتقول .. لاتقتلوني .. لاتضيعوني .. أنقذوني قبل أن تفقدوني .. ولاتدفوني في مقابر الفرص الضائعة التي ازدحمت فيها القبور ..

(سيرياهوم نيوز-صفحة الكاتب14-10-2022)

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لودريان… ديبلوماسيّة الحقيبة الفارغة

  نبيه البرجي     جان ـ لوك ميلانشون، رئيس حركة “فرنسا الأبية”، وصاحب شعار “أوروبا امّا نغيّرها أو نغادرها”، قال له “لو كان هناك ...