الرئيسية » ثقافة وفن » الفسيفساء السورية.. درامياً …بين (ما يفترض أن يكون) و(ما هو كائن)

الفسيفساء السورية.. درامياً …بين (ما يفترض أن يكون) و(ما هو كائن)

 لميس علي:

يمكن لنا رؤية مختلف طبقات المجتمع السوري وشرائحه تُدرج أمامنا وتنكشف لاسيما في الأعمال الاجتماعية حيث تتوافر الإمكانية الأكبر لعكس صورة الحياة، كما هي عليه.. مقاربتها ومخاطبتها..
أو أقلّه محاولة الإيهام بها.. كما يأتي في أحد تعريفات “الفن” من كونه إيهاماً بالواقع..
ولهذا سنرى مختلف القراءات والتأويلات.. لحالات حياتية تشدّنا للواقع أكثر.. وربما جعلتنا ننفر منه أو نستنكره كما في البعض منها.
أبرز الأعمال لهذا الموسم الدرامي، التي حاولت الحفر في بنية المجتمع المحلي، كانت: ( مع وقف التنفيذ، كسر عضم، وعلى قيد الحب)..
وفيما يحاول الأول والثاني الغوص في قاع المجتمع، يسعى الثالث إلى تقديم رؤية مثالية وربما جمالية للعائلة السورية في أبهى وأرقى تصوراتها..
صحيح أن (على قيد الحب) يعرض بعض المشكلات الاجتماعية، لكنه بصيغته العامة ومحاولته تقديم أفكاره من خلال تكريس “حوار” حقيقي بين شخصياته، يبقى مختلفاً عن العملين الآخرين من خلال تمسكه (بما يفترض أن يكون) عليه الحال.
ويبدو أن السيناريست فادي قوشقجي يبقى وفياً لطريقة (جمالية) يبتغي من خلالها تقديم بنية مجتمعية قادرة على منح “الأفضل” ولو كان بصيغته الفنية..
بعضٌ من اللقطات ونثرات حواراته تشي لنا عن الكثير مما يريد قوله وعرضه، كما في الحوار الذي يأتي بين (كنان، مهيار خضور) وخطيبته (حلا، علا سعيد) حين يصف عائلته قائلاً: “هي عائلة سورية”..
وبالفعل تمكّن قلم قوشقجي من رسم لوحة لعائلة سورية، كما ينبغي لها أن تكون.. وفق قناعات فكرية تمارسها أسرة (أمين، دريد لحام) يمكن لنا بكل ثقة وصفها بالمثالية أو النموذجية.
مع عمل (على قيد الحب) يمكن التأكيد على دور الدراما في تثبيت منظومة أخلاقية/فكرية يمكن بثها عبر آلية (الحوار)..
وفي الوقت الذي ينحاز فيه نص قوشجقي للحوار خياراً درامياً تبقى الأعمال الأخرى، الاجتماعية، منحازة إلى الحدث/الفعل محرّكاً أولاً وأخيراً لمجمل سير العمل كما هو الحال في عملي (كسر عضم، ومع وقف التنفيذ) اللذين يستمدان قوتهما من عرض نماذج فساد وإجرام.. وبالتالي يتقنان العزف على وتر شدّ المتفرج من خلال أسلوب (الأكشن) أو رفع سوية الصدمة واللامتوقع..
مثلاً يتطرق عمل “كسر عضم”، تأليف علي معين صالح، إخراج رشا شربتجي، إلى شرائح متباينة من حيث طبقاتها الاجتماعية لكنها تتشابه من حيث إمكانية كل منها على اختراق القانون وارتكاب الفساد أو الإجرام بحقّ الآخر..
تتصاعد وتيرة تصوير بنى وأشكال الفساد فيه، من اتجار بالأعضاء إلى تجارة المخدرات.. قتل.. تصفية.. نزاعات.. خيانات.. وغيرها من أشكال انهيارات المجتمع ما بعد الحروب والأزمات..
ويسير عمل (مع وقف التنفيذ) على ذات الطريقة في نقل بنى الفساد والتشوّه الحاصل.
وبين دراما تسعى إلى (ما يفترض أن يكون) وأخرى تهدف إلى تصوير (ما هو كائن) وفق رؤيتها.. نجحت دراما الموسم الحالي بنسبة كبيرة برسم فسيفساء سورية اجتماعية اشتملت على نصيب واسع من تدرّجات شرائحه وتباينات طبقاته.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

شكران مرتجى تكشف ذكرياتها في أيلول … باسم ياخور: 14 سنة والقاسم المشترك المخرج الصديق تامر إسحق

وائل العدس   كما كل خميس، نجول بكم ومعكم حول مواقع التواصل الاجتماعي لنرصد لكم أهم ما نشره النجوم السوريون والعرب هذا الأسبوع، وإلى التفاصيل: ...