الرئيسية » ثقافة وفن » الفعل الثقافي الإنساني

الفعل الثقافي الإنساني

إسماعيل مروة

الأحد, 20-02-2022

ينحاز المرء إلى حقله مهما كان هذا الحقل!، ومهما كانت قدرته على الفعل، فهذا يرى القضاء الأساس الذي يطمئن إليه في العودة إلى الأصول، وذلك يرى الدين والعقيدة هما الأساس لبناء مجتمع رشيد يهتدي بهدي العقائد، وثالث يرى الأمر في الاقتصاد والسيولة، وبأن الاقتصاد هو أساس النهضة، ورابع يراها علمية ثقافية تقدر أن تختصر كل شيء في ذاتها، والحق أو ما يقارب الحق هو أن هذه الأمور وسواها من الأمور التي لم يأت ذكرها مجتمعة هي السبل للنهضة من دون نسيان أمر ما من الأمور، وتخندق الكثير من الخبراء في ميادينهم، الجهلة بالصورة الكلية، سبب أساسي للبقاء دون الارتقاء، لا يمكن لفقير أن ينتعش من دون ثقافة، والثقافة الفقيرة مادياً تفضي إلى تعليم عاجز، وهذا يخرّج أناساً ضعافاً غير قادرين على فعل شيء، حيال الحياة وقسوتها.

إن المنظومة المتكاملة هي التي تنهض بنا وبأمتنا، وعلينا أن نترك كل واحد مختص في ميدانه ليبدع ويخرج من الورطة، وهكذا تكون النهضة المتكاملة في كل ميدان لتشكل الجهود الفردية جهوداً جمعية ومجتمعية قادرة على الفعل، وإذا نقص أمر في جانب ما، فمن الممكن أن تتم الاستعانة بذاك الخبير، أما أن يخطط للعيش شخص لا علاقة له بالحياة، ولا يعرف التفاصيل فهذا أمر مشكل، وهو غير قادر على فعل شيء ويتحول إلى عدم وعدو، فالإنسان عدو ما يجهل، وما يجهله قد يكون الغاية المهمة، وأن يكون الجاهل والمرتشي مفكر القانون، فهذا أمر خلاف الطبيعة، لأنه لن يفكر إلا بشيء واحد هو مصلحته، ومن لم يمارس التعليم والتربية بكل أطوارها ليس من حقه أن يتحدث عن التعليم، بل أن يضع الأسس الناظمة للعملية التعليمية بواقعها أو بنهضتها.

الفعل الثقافي من أهم المحاور لما له من أثر يشبه التربية والتعليم، ويتكامل مع سواه، فالثقافة أساس، ولا ينهض مجتمع مثقف، وعلينا دون أدنى شك أو تردد أن نعتني بالثقافة والفعل الثقافي، فالموروث المعرفي يزيد من الوعي، ويجعلنا قادرين على مماشاة الواقع، ويساعد في ردم الهوة بين الثقافة المعاصرة والثقافة الموروثة، فما كان من الثقافة الأصيلة الموروثة صالحاً يبنى عليه ونتابع، وما لم يكن يمكن أن نعمل على تهذيبه أو إلغائه للمسير في بناء شخصية جديدة. والثقافة هي القادرة على خلق شخصية متوازنة لا تقف في مهب الريح، فإذا ما التقت بالمفاهيم التي تعتمد العاطفة والإيمان، فإنها لن تحكم بالقبول والرفض دون أن تعالج الأمر، ولن تنساق وراء عاطفة لغياب المعرفة، ولن تقوّم الأمور من دون الحقيقة.. المجتمع المثقف تتعدد اهتماماته بين أدب وبحوث وشعر وفن وموسيقا، وكلما اضمحلت القضايا الثقافية كان اللجوء إلى الدعة والهدوء والسكينة والضعف راجحاً على أي شيء!! حتى الإيمان عندما يكون مبنياً على الثقافة يصبح أكثر عمقاً، وهذا غارودي خير مثال عندما اختار عن ثقافة ووعي وإيمان، لأنه عالج وناقش، واستفاد من ثقافته، وليست الغاية البحث عن اعتناقه بقدر ما هي الغاية أن نصل إلى النتيجة في حب الإنسان ومعالجة القضايا ورفض الظلم.

ما يزال الفعل الثقافي هو الأكثر أهمية، وهو الغاية لكل مجتمع، فالمجتمع المثقف هو الساعي بوعي في كل منحى من مناحيه، ولا يمكن لأحد أن يتلاعب بمجتمع مثقف، الأحكام فيه معللة، والغيب فيه مسوّغ، والحاضر فيه معاش.

لذا لجأت الشعوب المستعمِرة إلى تجهيل الشعوب ليسهل قيادها، فلم ينصفها ذهبها ولا نفطها ولا مالها، لأنها بجهلها غير قادرة على الإفادة مما هي فيه.

العقل الثقافي يقود إلى النهم المعرفي، وتتكامل سلسلة النهوض بأي مجتمع، الثقافة هي الحامل المساعد لكل ما يحتاجه الإنسان ومجتمعه.

(سيرياهوم نيوز-الوطن)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...