| عبد الفتاح العوض
تعبير مدعوم استخدم سابقاً لمن لديه معارف وحظوة عند المسؤولين تمكنه من إنجاز بعض المهام التي لا يمكن للناس العاديين القيام به سواء كان ذلك بالحصول على الأولوية بالحقوق أم حتى عندما يتطلب الأمر تجاوز القانون أو الاستثناء منه.
هذه السمعة للمدعوم رافقت السوريين لسنوات طويلة لكن كلمة مدعوم الآن أصبحت لمن يحصل على كم كيلو سكر ورز بسعر أقل من السوق وبرعاية رسائل «أنا بانتظارك مليت».
هذه الأيام يعود الحديث عن الدعم من خلال الآلية الجديدة التي تدرسها الحكومة وما رشح منها حتى الآن يعني أنها خطوة باتجاه تحويل الدعم إلى دعم مالي عبر بطاقة لكنه مشروط بأن تشتري به من السورية للتجارة.
أيّاً كانت الخطوات التي يمكن أن يمر بها الدعم فإن المحطة الأخيرة التي سيصلها هو إلغاء الدعم، ولاشك أننا لن نخترع الدولاب، إن قلنا إن الحكومات التي ألغت الدعم بشكل كلي خلقت للفقراء مظلة حماية اجتماعية وإن أردنا أن نفعل مثلها فإننا نحتاج إلى مظلة بحجم كبير يغطي من 85 إلى 90 بالمئة من سكان سورية.
لكن سواء طالت الفترة أو قصرت لاتخاذ قرار «غير شعبي» كهذا فإن الحل لن يكون إلا من خلال زيادة دخل الأسر السورية وبالذات مستوى الرواتب والأجور وهو الأمر الذي نعلم جميعاً عدم إمكانيته في الوقت الحالي أو حتى في المدى المنظور، فمثلاً موازنة عام 2023 تصل إلى نحو 16 ألف مليار وعدد الأسر السورية نحو 5 ملايين أسرة وتبلغ حصة كل أسرة من الموازنة أكثر من 3 ملايين سنوياً وبحدود 250-260 ألف ليرة شهرياً وهو المبلغ الذي لا يكفي عدة أيام لنفقات أسرة سورية تريد أن تعيش مستورة.
بمعنى آخر لو أن كل الموازنة تم توزيعها على الأسر السورية فإنها غير كافية لنفقات الأسرة فكيف إذا عرفنا أن هذه الموازنة تعني الإنفاق الحكومي على كل شيء.
بوضوح أكبر لو أن كل الموازنة تحولت إلى دعم مالي وتم توزيعه على الأسر الفقيرة فإن هذه المبالغ لن تكون كافية للدعم فقط، فالمنطق السليم أن مشوارنا مع الدعم سيصبح أقل وأقل خلال الفترات القادمة.
ولعل الذاكرة القريبة تسعفنا في تذكر تعابير مثل «إعادة هيكلة الدعم» أو«توجيه الدعم إلى مستحقيه» فإن المرحلة القادمة ستترافق لفترة معينة مع تعبير توجيه الدعم إلى الفئات الأكثر فقراً يعني ليس لكل الفقراء.
معظم الاقتصاديين يعتبرون الدعم باب فساد ومن المهم من الناحية الاقتصادية إلغاء الدعم كلياً لكن مع زيادة دخل للأسر السورية سواء للعاملين أم للفئات الأكثر هشاشة.. لكن هل يمكن القيام بذلك في أوقات الشدة الاقتصادية؟
أعود إلى ما بدأت به من أن الفقراء أصبحوا مدعومين على حين الأغنياء القلة وجزء من الفقراء رفعنا عنهم الدعم.. ربما سنجد في المرحلة القادمة أنفسنا أمام تعبير «الفقير المترف» والغني المسكين.. ربما ولِمَ لا؟
أقوال:
يد ملآنة بالمال أقوى من يدين ملآنتين بالحقيقة.
لربما أولئك الذين حققوا إنجازات أكثر هم الذين حلموا أكثر.
ليس الاقتصاد حفظ المال، بل إنفاقه بحكمة.
الفقر ليس عيباً لكن من الأفضل إخفاؤه.
(سيرياهوم نيوز3-الوطن)