آخر الأخبار
الرئيسية » مختارات من الصحافة » الفنانون السوريون تحت المقصلة الافتراضية: «أو لا لا»… إنّهم يحاكمون شكران مرتجى

الفنانون السوريون تحت المقصلة الافتراضية: «أو لا لا»… إنّهم يحاكمون شكران مرتجى

 

مروة جردي

 

 

أشعلت حلقة «أو لا لا» لشكران مرتجى جدلاً حاداً على وسائل التواصل، ما دَفَعَها إلى إغلاق حساباتها، وسط حملات رقمية تُنشر أرشيفات وتطالب بمحاسبة فنانين عملوا مع النظام السوري السابق أو اتخذوا موقفاً حيادياً. تقارير ومنصات غذّت الاستقطاب، ومقارنات بين «فناني النظام» و«الثورة». المشهد عالق بين معسكرين، بينما تحاول الدراما التعافي بين دمشق وبيروت واسطنبول

 

لم تمضِ سوى أيام قليلة على إطلاق الممثلة شكران مرتجى برنامجها الحواري الجديد «أو لا لا» على Ltv («لنا» سابقاً) التي تبث برامجها من بيروت، حتى وجدت النجمة السورية نفسها في قلب عاصفة إلكترونية قاسية، دفعتها إلى إغلاق حسابيها على فايسبوك وإكس.

 

 

حلقة البرنامج الأخيرة التي استضافت المخرج سيف الدين سبيعي تحولت إلى مادة اشتعال جديدة على مواقع التواصل، بعدما اعتبرها ناشطون «ترويجاً لخطاب سياسي موارب» أو «محاولة لتلميع رموز محسوبة على النظام السابق». لكن ما بدا في ظاهره جدلاً حول برنامج تلفزيوني، سرعان ما اتخذ طابعاً سياسياً حاداً، كشف عن عمق الانقسام القائم في الذاكرة السورية بعد سقوط نظام «البعث».

 

حملات تطالب بمحاسبة كل النجوم

منذ أسابيع، تشهد المنصات حملةً ممنهجة تستهدف عدداً من الفنانين السوريين الذين شاركوا في السنوات الماضية في أعمال تناولت مواضيع على علاقة بـ «الثورة» السورية أو الحروب التي أعقبتها.

 

من بين الحسابات التي تقود هذه الحملات، حساب باسم تامر تركماني الذي يعرّف نفسه بوصفه مؤسس موقع «الأرشيف السوري»، ويتعمد إعادة نشر صور وتصريحات قديمة لهؤلاء الفنانين، مع تعليقاته اللاذعة ضدهم أو كما «التحريضية» على حد وصف البعض.

 

تسعى هذه الحسابات إلى محاسبة الفنانين الذين عملوا في مناطق النظام السابق، أو عبّروا في لحظة من اللحظات عن موقف مؤيد للجيش السوري السابق أو لبشار الأسد. لكن اللافت أنّ نيران هذه الحملة لم تطل فقط الفنانين السوريين المعلنين عن ولائهم، بل أيضاً أولئك الذين حاولوا لاحقاً النأي بأنفسهم عن الاصطفاف السياسي، أو التزام الحياد، أمثال محمد حداقي وأمل عرفة.

 

في المقابل، شاركت منصة «سوريا الآن» (التابعة لشبكة «الجزيرة») في تغذية الجدل عبر تقرير حمل عنواناً استفزازياً «فنانون بين دعم النظام المخلوع والصمت… الاعتذار لا يمحو الدم»، في إشارة إلى أنّ «التطهر الأخلاقي» لا يمكن أن يمر عبر برنامج فني.

 

الفن في مواجهة محاكم السوشال ميديا

في موازاة الهجوم على هؤلاء، تجري مقارنة مستمرة على المنصات بين فناني «النظام» وفناني «الثورة»، مثل واحة الراهب ونوار بلبل وريم علي، مقارنة بسلاف فواخرجي وباسم ياخور وشكران مرتجى.

 

مقارنة مستمرة على المنصات بين فناني «النظام» وفناني «الثورة»

 

 

يرى بعض الناشطين أنّ الفنانين المعارضين «دفعوا ثمن مواقفهم» عبر الإقصاء أو الغياب عن الشاشة، بينما يعتبر آخرون أنّ «نجوم المعارضة أقلّ موهبة وحضوراً» وأن مواقفهم السياسية المبالغ فيها كانت نتيجة عدم قدرتهم على تحقيق شهرة وحضور ضمن الوسط الفني، وأن بعضهم يستغلّ المناخ السياسي الراهن لتصفية حسابات شخصية مع زملائه، والحصول على مكتسبات من النظام الجديد.

النتيجة أن المشهد الفني السوري بات عالقاً بين معسكرين، في وقت تحاول فيه صناعة الدراما استعادة عافيتها وسط خريطة إعلامية جديدة تتوزع بين دمشق وبيروت واسطنبول.

 

من الشتم إلى المطالبة بسحب الجنسية

برنامج «أو لا لا» الذي تقدمه شكران على قناة Ltv استوحى عنوانه من جملتها الشهيرة في مسلسل «لعبة حب»، وجاء في توقيت دقيق، إذ ما تزال القناة تبحث عن هويتها بعد انتقال إدارتها إلى بيروت عقب التغييرات السياسية الأخيرة في سوريا. وكانت مرتجى قد تعرّضت مراراً لمواقف جدلية بسبب تعليقاتها على مواضيع حسّاسة خارج الفن، وحاولت في برنامجها الجديد الخروج عن أي تصنيف سياسي بعيداً من الصدام. لكنها لم تفلت من التوصيفات الجاهزة: الموالون اعتبروا أنّها «تتماهى مع الإعلام المعارض»، والمعارضون اتهموها «بتلميع رموز النظام المخلوع».

 

وتحت وابل من الشتائم والاتهامات، نشرت مرتجى منشوراً وداعياً مؤثراً قبل أن تغلق حساباتها نهائياً، قالت فيه «ظنّ كثيرون بي ظنّ السوء بعد مشاهدة حلقة من برنامجي، أقسم أنّ لا نية سيئة لدينا. نبتعد مو لأننا جبناء، بل لأن في شي ما بيشبهنا». رسالتها، التي بدت أقرب إلى اعتراف بالعجز أمام «البيئة السامة» على المنصات، لاقت تعاطفاً من جمهورها، لكنها أيضاً كشفت عن هشاشة العلاقة بين الفنان السوري وجمهوره في زمن الانقسام.

 

وهكذا، بين محاكم «الأرشيف السوري»، وحملات المنصات الجديدة، يجد الفنانون السوريون أنفسهم اليوم عالقين في فترة انتقالية بين نظامين. أما شكران مرتجى، فتغيب عن العالم الافتراضي وتواصل الحضور عبر شاشة التلفزيون عبر برنامجها الذي يُعرض مساء كل جمعة.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تسونامي هجرة بعد 7 أكتوبر… “يديعوت أحرونوت”: ارتفاع أعداد الإسرائيليين المغادرين البلاد

  بعد عامين من اندلاع الحرب، كشف تقرير جديد للكنيست، نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، عن صورة قاتمة للغاية: “ميزان الهجرة الإسرائيلي سلبي، والحكومة لا ...