آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » “الفوضى المُدارة”… كيف تستخدم إسرائيل أزمات المنطقة لفرض هيمنتها؟

“الفوضى المُدارة”… كيف تستخدم إسرائيل أزمات المنطقة لفرض هيمنتها؟

يحيى شمص

تُعدّ استراتيجية “الفوضى المُدارة” التي تتبناها إسرائيل عموماً، وتحت قيادة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو خصوصاً، نهجاً معقداً يهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الإقليمي وبدلاً من المواجهة العسكرية المباشرة، تستغل إسرائيل الانقسامات الداخلية والصراعات في الدول المجاورة لتحقيق أهدافها التوسعية وتأمين تفوقها العسكري، وهو ما يثير تساؤلات بشأن ما إذا كانت هذه الاستراتيجية مُخطّطاً لها أم مجرد حالة انتهازية في فترة موقتة.

 

وهذه الاستراتيجية لا تهدف إلى إضعاف الخصوم فحسب، بل إلى خلق ظروف تتيح لإسرائيل فرض سياساتها التوسعية وتأمين تفوقها العسكري في المنطقة.

 

 

تكتيك “الفوضى المُدارة”: استراتيجية أم انتهازية؟

 

ويرى الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي نزار نزال، أن إسرائيل، وتحديداً حكومة نتنياهو، لا تتعامل مع الأزمات الإقليمية بطريقة عشوائية، بل تقوم بـ”إدارة الفوضى” لخلق حالة من الاضطراب تخدم مصالحها، مشيراً إلى أن هذه الإستراتيجية تهدف إلى “تفكيك الدول والمجتمعات والحركات في المنطقة، ما يبقيها منشغلة بصراعاتها الداخلية ويجعل إسرائيل الطرف الأكثر استقراراً وهيمنة”.

 

ويقول في حديث الى”النهار”، إن إسرائيل تتعامل مع الأزمات الإقليمية “بطريقة مدروسة وغير عشوائية. فمنذ عام 2011، استغلت الانقسام السياسي الحاد في لبنان والأزمة السورية، ما أضعف قدرة دمشق وبيروت على تشكيل جبهة موحدة ضد الاعتداءات الإسرائيلية”. وسمح هذا الواقع لإسرائيل بشن ضربات جوية متكررة في سوريا ضد أهداف إيرانية وأخرى تابعة لـ”حزب الله” من دون مواجهة رد مباشر، وهو ما يندرج ضمن عقيدة “المعركة بين الحروب” التي تهدف إلى إضعاف القدرات العسكرية للخصوم.

 

كذلك، فإن الانقسام الفلسطيني لم يكن استثناءً، إذ يعتبره نزال “فرصة ذهبية” لنتنياهو. فمن خلال تغذية الانقسام بين حركتي “فتح” و”حماس”، أضعفت إسرائيل الموقف التفاوضي الفلسطيني، وسمحت لنفسها بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية توسيعاً غير مسبوق.

 

 

 

إستراتيجية السيطرة من دون احتلال مباشر

 

يشير نزال إلى أن إسرائيل تسعى إلى فرض نفوذها وتوسيع هوامشها الأمنية من دون الحاجة إلى احتلال مباشر، وذلك عبر فرض مناطق عازلة غير رسمية، كالجولان، أو معادلات ردع في لبنان وغزة.

 

واذ يؤكد أن إسرائيل تستخدم الفوضى أداة لتحقيق أهدافها، خصوصاً منع ظهور أي قوة إقليمية قد تهددها، يلفت في الوقت نفسه إلى أن هذه السياسات تمنحها شرعية داخلية بذريعة “أمنها المهدد”، وشرعية خارجية لتبرير تدخلاتها العسكرية.

 

ويوضح أن إسرائيل تسعى إلى توسيع هوامشها الأمنية والجغرافية من دون اللجوء إلى احتلال مباشر جديد، كما حدث عام 1967. بدلاً من ذلك، تفرض إسرائيل مناطق عازلة غير رسمية، مثلما يحدث في الجولان السوري، أو تفرض معادلات ردع في لبنان وغزة.

 

 

 

“هندسة الفوضى” وتوسيع النفوذ

 

من جهته، يوافق الكاتب والباحث في مركز “تقدم للسياسات” أمير مخول على أن إسرائيل لم تكتفِ بـ”استغلال” الفوضى، بل ساهمت في “هندستها” لتخدم أهدافها.

 

ويؤكد لـ”النهار”، أن إسرائيل تسعى إلى خلق “أمر واقع” عبر توسيع حدودها وضم الأراضي، وليس فقط من خلال “التطبيع”. فادعاء إسرائيل أنها “حامية” للأقليات كالدروز والأكراد هو مجرد “ذرّ للرماد في العيون”، وهدفها الحقيقي هو تحويل مناطق مثل السويداء إلى إقليم يخضع لسيطرتها، وإنشاء “منطقة عازلة” جنوب دمشق.

 

 

 

استغلال الانقسامات

يصف مخول الفوضى في سوريا بأنها “هندسة جيو-سياسية” تهدف إلى إخضاع النظام السوري الجديد أو إسقاطه. وترى إسرائيل أن هذا النفوذ البنيوي المستدام في سوريا هو جزء من صراع أوسع مع النفوذ التركي.

 

وفي ما خص لبنان، يرى أن الوضع الحالي هو “الأفضل لإسرائيل منذ عقود”، نتيجةً لما يعتبره “انتصاراً عسكرياً إسرائيلياً وتغيراً في التوازنات الداخلية”. ويعتقد أن استمرار حالة عدم الاستقرار في لبنان يخدم مصالح إسرائيل، التي لا ترغب في إعادة الإعمار أو انسحابها من المناطق المتنازع عليها، وتسعى إلى تفكيك العلاقة بين إيران و”حزب الله”.

 

أما على الصعيد الفلسطيني، فيشير إلى أن استراتيجية نتنياهو تقوم على استغلال الانقسام وتعميقه بين الضفة الغربية وقطاع غزة لمنع قيام دولة فلسطينية. ويؤكد أن إبقاء قطاع غزة “منطقة طاردة للحياة” ومنع إعمارها، مع رفض أي صيغة لمشاركة السلطة الفلسطينية في إدارتها، هي جزء من استراتيجية إسرائيلية لتعزيز الوضع القائم.

 

وأخيرا، يؤكد مخول أن الاستهداف المستمر للفصائل المسلحة في سوريا وغزة ولبنان هو “جزء من استراتيجية تهدف إلى إبقاء المنطقة في حالة دائمة من عدم الاستقرار، ما يبرر التدخلات الإسرائيلية ويحقق أهدافها التوسعية”.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في أول إعلان للأمم المتحدة من نوعه في الشرق الأوسط.. غزة في حالة مجاعة رسميا.. و”حماس” تعتبره شهادة دامغة على هول الجريمة وتطالب بوقف الحرب وفتح المعابر.. ونتانياهو يعتبر التقرير “كذبا صريحا”

أعلنت الأمم المتحدة المجاعة في غزة رسميا الجمعة، في أوّل إعلان من هذا النوع في الشرق الأوسط، بعدما حذّر خبراؤها من أن 500 ألف شخص ...