آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » الفيدرالي أمام اختبار مُعقد… ومسار الذهب مرهون بكل كلمة

الفيدرالي أمام اختبار مُعقد… ومسار الذهب مرهون بكل كلمة

 

نور البيطار

 

في خلفية المشهد المتوتر، يقف الفيدرالي الأميركي أمام معضلة كلاسيكية: كيف يوازن بين استقرار الأسعار والحفاظ على قوة الاقتصاد في وقت تبدو فيه المؤشرات متضاربة؟ فمن جهة، تظهر بيانات سوق العمل تباطؤاً نسبياً في التوظيف ونمو الأجور، إلى جانب تأثيرات الإغلاق الحكومي الأخير التي أضعفت بعض النشاطات. ومن جهة أخرى، لا يزال الاقتصاد الأميركي يظهر قدرة قوية على التوسع، مدعوماً بالطلب الاستهلاكي المرتفع واستمرار الإنفاق الحكومي، ما يمنح الفيدرالي مساحة أوسع للتمسّك بسياسة نقدية مشددة لمدة أطول.

 

 

 

الفريق الأول داخل الأسواق يرى أن أي خفض إضافي للفائدة في هذه المرحلة قد يحمل مخاطرة كبيرة، خصوصاً مع بدء تنفيذ التعريفات الجمركية الجديدة التي يُتوقع أن تزيد تكلفة الواردات وتعيد الضغط على الأسعار. ويخشى هذا الفريق من أن يؤدي خفض الفائدة الآن إلى ما تسمى “إعادة إشعال التضخم” عبر تحفيز النشاط الاقتصادي وتمكين المستهلكين من الاقتراض بسهولة أكبر، ما يرفع الطلب ويضعف جهود الفيدرالي في تثبيت التضخم عند هدف 2%.

 

 

 

من ناحية أخرى، يظهر فريق آخر يطالب الفيدرالي بوضوح أكبر في الرسائل المستقبلية، حتى لو قرر خفض الفائدة. وفق هذا الاتجاه، المشكلة ليست في الخفض بحد ذاته، بل في غياب إرشاد مستقبلي واضح يطمئن الأسواق إلى أن دورة الخفض لن تكون مفتوحة بلا حدود. ويرى هذا الفريق أن القطاعات الأكثر حساسية لأكلاف الاقتراض مثل العقارات، التكنولوجيا، والشركات الصغيرة، بدأت تتعرض لضغوط فعلية من مستويات الفائدة الحالية، وأن تجاهل هذه المؤشرات قد يضغط على النمو الاقتصادي في النصف الأول من 2025.

 

 

 

هذا الانقسام في الرؤى ينعكس مباشرة على أسواق الذهب. فالتذبذب في توقعات الفائدة عادةً ما يخلق طلباً متزايداً على الذهب كملاذ آمن، خصوصاً في الفترات التي يرتفع فيها عدم اليقين الجيوسياسي أو يظهر ضعف في البيانات الاقتصادية. وفي حال ثبت الفيدرالي أسعار الفائدة، قد يشهد الذهب تراجعاً إلى إعادة اختبار مستويات دعم سابقة مثل 3885 و3860 دولاراً، وربما 3840 إذا استمر الزخم البيعي. أما سيناريو الخفض من دون توجيه واضح فقد يدفع الأسعار الى الارتفاع على المدى المتوسط بسبب عودة المخاوف التضخمية.

 

 

وفي النهاية، مهما كان قرار كانون الأول/ديسمبر، فإن لغة الفيدرالي ستلعب الدور الأكبر. فالتصريحات التي تُلمّح إلى استمرار التشدد، ولو بشكل خفيف، قد تضغط على الذهب موقتاً، بينما أي إشارة إلى اقتراب دورة خفض الفائدة من بدايتها قد تفتح الباب أمام ارتفاعات جديدة. ما هو مؤكد أن الأسواق ستظل متقلبة حتى تتضح الصورة، وأن الذهب سيبقى أحد أكثر الأصول حساسية لكل كلمة تصدر من الفيدرالي خلال المرحلة المقبلة.

 

 

 

العامل الأكثر تأثيراً على الأسواق المالية وعلى الذهب التصريحات التي تُلمّح إلى استمرار التشدد النقدي ولو بشكل طفيف، مثل الإشارة إلى إبقاء الفائدة مرتفعة لمدة أطول أو التشديد على مراقبة التضخم، قد تؤدي إلى ضغط موقت على أسعار الذهب، إذ يميل المستثمرون عندها إلى تحويل استثماراتهم إلى أصول أقل مخاطرة توفر عائداً ثابتاً، مثل السندات الأميركية.

 

 

 

على الجانب الآخر، أي إشارة من الفيدرالي إلى اقتراب دورة خفض الفائدة أو الحاجة إلى سياسة نقدية أكثر تيسيراً في المستقبل القريب قد تُحدث تأثيراً عكسياً كبيراً، إذ سيُنظر إليها على أنها مؤشر إلى أن تكلفة الاقتراض قد تنخفض قريباً، ما يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن ضد أخطار التضخم وارتفاع الأسعار، ويزيد من جاذبيته للمستثمرين الباحثين عن حماية قيمة أصولهم.

 

 

 

كما لا يمكن تجاهل أن أسواق المال اليوم أصبحت حساسة بشكل غير مسبوق على كل كلمة أو تلميح يصدر عن الفيدرالي، سواء في البيانات الرسمية أم في المؤتمرات الصحافية أو في تصريحات مسؤولي البنك المركزي. حتى أدنى إشارة عن تغير في تقييم التضخم أو توقعات النمو يمكن أن تؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار الأصول المالية، بما في ذلك الأسهم والسندات والعملات، لكن الذهب يظل الأكثر تأثراً نظراً إلى طبيعته كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين.

 

* نور البيطار محللة أسواق مالية تعمل في شركة ACY Securities Mena

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزير الاقتصاد الرقمي الأردني يجدد دعم بلاده لجهود إعادة الإعمار في سوريا

    جدد وزير الاقتصاد الرقمي والريادة الأردني سامي سميرات دعم بلاده لجهود إعادة الإعمار التي يقودها السوريون، مشيراً إلى أن الملتقى السوري – الأردني ...