آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » الفيرمي كومبوست أو الذهب الأسود.. من المشاريع الواعدة والمجدية اقتصادياً بصفر تكلفة

الفيرمي كومبوست أو الذهب الأسود.. من المشاريع الواعدة والمجدية اقتصادياً بصفر تكلفة

لؤي حسامو

بيديه الخشنتين وتجاعيد الزمن المرتسمة على محياه أحيا حسان أحمد خليفة المعروف بالعم أبي صلاح ذي 66 عاماً مشروعه بهمة وإرادة من خلال إنتاجه للسماد العضوي الحيوي المعروف بالـ (فيرمي كومبوست) الذي يعد فكرة جديدة ويندرج في إطار المشاريع الصغيرة التي تعود بالنفع الاقتصادي على صاحب العمل والبيئة والاقتصاد الوطني.

والفيرمي كومبوست أو سماد الديدان هو الناتج النهائي لعملية تحطيم المواد العضوية باستخدام ديدان الأرض المتنوعة حيث أوضح خليفة في تصريح لمراسل سانا أن الكومبوست يعرف في العالم بالذهب الأسود لأن إنتاجه أشبه بتكوين شيء من لا شيء إذ تتم الاستفادة من المخلفات العضوية للمنازل وأسواق الخضراوات والفواكه ومخلفات البلديات والمطاعم والمحال التجارية ومخلفات المواشي في تغذية الديدان التي تحولها إلى سماد عضوي حيوي متجانس يحتوي على نسبة عالية من النيتروجين أكثر منها في المواد العضوية قبل التحويل.

ولفت خليفة إلى أن النباتات المسمدة بالكومبوست تزداد إنتاجيتها ومناعتها المقاومة للأمراض الحشرية والفطرية وتعطي ثمارها نكهة أطيب لمتذوقها عن مثيلتها التي تتغذى على الأسمدة الكيميائية وترش بالمبيدات الحشرية والفطرية.

العم أبو صلاح يروي كيف احترف هذه المهنة والتجارب التي أجراها في قريته المليحة الغربية بريف درعا والأعمال التي قام بها وجعلته صاحب الفضل في إدخال هذه الفكرة إلى سورية وصاحب المشروع الأول فيها.

وكغيره من السوريين الذين ظلمتهم الحرب اضطر إلى إيقاف العمل بمشروعه والسفر لكنه لم ييئس من تحويل تجاربه إلى مشروع حقيقي قائم بحد ذاته يخدم به وطنه حيث أكد أنه خلال غربته التي استمرت 5 أعوام في أفريقيا قام بتربية نوع من الديدان يسمى الزاحف الأفريقي والذي يصنف عالمياً من أفضل الأنواع وحصل بعد العديد من التجارب منه على النتائج المرجوة التي كانت حافزاً له لإقامة مشروعه الصغير اليوم في سقبا بريف دمشق.

وقال خليفة “عند عودتي إلى سورية عام 2017 قررت إعادة هذه التجربة في سورية ولكن على نطاق أوسع انطلاقاً من إيماني أن بلدي أحق بخبرتي وتجربتي الناجحة وبعد تحرير أراضي غوطة دمشق من الإرهاب وعودة الأمن والأمان إليها قمت باستئجار قطعة أرض في سقبا أقمت عليها هذا المشروع الصغير حيث أحضرت مجموعة من الشرانق والديدان وهيأت لها الظروف والبيئة المناسبة في أحواض خاصة لتفقس وتنتج ديدانا صغيرة حتى صار عندي حتى الآن ما يعادل طناً ونصف الطن من كتلة الديدان الحية موزعة على 7 أحواض ينتج الواحد منها طنين من الفيرمي كومبوست كل ستة أشهر”.

وأشار خليفة إلى البيئة التي تعيش فيها الديدان وكيفية تربيتها وتغذيتها والظروف الجوية التي تؤثر فيها ومراحل الإنتاج الفعلي للكومبوست وعملية فرزها عنه وترحيلها الذي يخضع لعملية غربلة وتعبئة في أكياس ويصبح جاهزاً للبيع أو للاستخدام.

وأشار خليفة إلى أن كل من استخدم هذا النوع من السماد أشاد بجودته وفعاليته للتربة وللمزروعات حيث يسوق خليفة إنتاجه منه ومن الديدان الحية إلى عدد من المحافظات التي بدأ بعض المزارعين فيها بشراء وتربية الديدان للحصول على الكومبوست محلياً دون الحاجة إلى شرائه وزيادة التكاليف على أنفسهم متمنياً أن تعم فكرة هذا المشروع وفائدته في كل أنحاء سورية وأن يعرف قيمته جميع الناس.

ودعا خليفة الجهات الرسمية والمعنية وخاصة وزارة الزراعة إلى تبني هذا المشروع وإعطائه حقه من الاهتمام لما له من فائدة متعددة الجوانب تخفف إلى قدر كبير من خطر الأمراض والأوبئة التي تنتشر بسبب تراكم القمامة في المكبات نتيجة وجود المخلفات العضوية فيها مبدياً استعداده لمساعدة ونصح كل من أراد البدء بهذا المشروع الذي يحتاج إلى مستلزمات بسيطة وإرادة وتصميم وصبر ومتابعة واهتمام.

الباحث والخبير الزراعي الدكتور المهندس بسام السيد أكد أهمية السعي لنشر هذا المشروع مبرزاً جودته وفعاليته التي تصب في صالح المواطن والدولة ممثلة بوزارتي الإدارة المحلية والبيئة والزراعة حيث إن النفايات التي يلقي بها الناس في المكبات 80 بالمئة منها مخلفات عضوية والباقي منها معادن وزجاج وبلاستيك وبالتالي عندما يدرك المواطن أن بإمكانه الاستفادة من المواد العضوية ويسعى في سبيل ذلك يتم تخفيف الأعباء عن البلديات التي تحمل على عاتقها مسؤولية التخلص من النفايات وتأمين مكبات مناسبة لها.

وقال السيد إن “الديدان تعيد الحياة للتربة عبر زيادة خصوبتها لأن الأسمدة التي تم استعمالها منذ منتصف القرن الماضي حتى اليوم والتي أحدثت ثورة زراعية أسهمت بنفس الوقت ومع مرور الزمن في إفقار التربة وانتشار الأمراض عند النباتات والإنسان” مضيفاً “عندما نعيد الخصوبة للتربة نكون أعدنا الصحة للإنسان أيضاً لأن تراكم السماد الكيمياوي المستخدم في تغذية التربة بكميات كبيرة لزيادة الإنتاج يدخل قسم منه على شكل نيترات في تركيب الثمار كما أن ما يتسرب منه إلى المياه الجوفية يسهم في تلوث المياه وتغيير تركيبها ما يشكل خطراً ذا أثر تراكمي على صحة الإنسان”.

وتابع السيد “ميزة الفيرمي كومبوست عن بقية أنواع الأسمدة خلوه من مسببات الأمراض التي قد تنتقل إلى النباتات ومنها إلى الإنسان إضافة إلى احتوائه على كل العناصر الغذائية بنسب متعددة كما أنه لا يحمل أي أثر سلبي تراكمي على الأراضي الزراعية بل يعزز من إنتاجيتها وبالنسبة للثمار فإنه يطيل عمرها بعد جنيها إذا ما قورنت بمثيلتها المتغذية على السماد الكيمياوي والمتعرضة للرش بالمبيدات الحشرية والسماد الورقي ويعطيها نوعاً من القدرة على تحمل عمليات النقل من منطقة لأخرى دون أن تصاب بضرر”.

ويرى السيد في مشروع تربية الديدان أنه مشروع وطني واعد بامتياز داعياً إلى تبني هذا النوع من المشاريع وتمويلها لما تحققه من منافع اقتصادية ربحية تتمثل في تحويل مادة قليلة الأهمية إلى منتج عالي القيمة.

وعن الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع بين الدكتور سائر برهوم المدرس في كلية الزراعة بجامعة دمشق أنه مشروع مجد يحقق ربحاً مالياً جيداً وهو من المشاريع الواعدة إذا تم تبنيه لأنه يحقق الهدف الأساسي الذي يسعى إليه المزارع وهو أن يكون مرتاحاً من الناحية الاقتصادية كما أن الكثير من المواد التي يحتاجها تكون تكلفتها صفر ليرة سورية حيث يمكن الحصول على المواد التي تتغذى عليها الدودة من مخلفات المنازل دون دفع أي قيمة ثمناً لها كما أن المربي إذا أقام هذا المشروع ضمن مزرعته أو قطعة أرض خاصة به أو حتى على سطح داره أو شرفة منزله ستكون تكلفة المكان بالنسبة إليه صفر ليرة سورية أيضاً.

وأكد برهوم أن هذا المشروع قادر على تحمل أي خسارة قد يتعرض لها المربي نتيجة أي ظرف طارئ خارج عن السيطرة لأنه مربح إذا ما قورن بالتكاليف فضلاً عن الكتلة الحية التي تبقى رصيداً لمالكها والتي هي الديدان الحية التي تنتج الكومبوست لافتاً إلى أن هذا الحديث عن هكذا مشروع يعني الحديث عن مفهوم جديد هو (الاستدامة المتكاملة) يجب العمل عليه في كل المشاريع والذي هو عبارة عن الفائدة البيئية والاقتصادية والاجتماعية المحققة ولا سيما في ظل الظروف الحالية التي تعاني فيها سورية وقال “نحن بحاجة إلى مشاريع غير تقليدية تنهض بالاقتصاد وتوفر في كثير من المجالات وتحقق ربحاً وغذاء آمناً وصحياً وبيئة نظيفة”.

سيرياهوم نيوز 6 – سانا

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اليونيسيف”: أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين

منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تعلن استشهاد أكثر من 200 طفل في لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين، في وقتٍ “يجري التعامل مع ...