تعطي ولادة طفل جديد حافزاً قوياً لمشاعر متنوعة بدءاً من الفرح والإثارة إلى القلق والخوف والتي يمكن أن ينتج عنها شيء غير متوقع وهو الاكتئاب الذي يصيب معظم الأمهات الحديثات ويتسم عادةً بتقلبات مزاجية ونوبات من البكاء وصعوبة في النوم ، إلّا أن هناك نوعاً من الكآبة النفاسية يصيب الأمهات ويكون أكثر حدة وأطول زمناً ويعرف باكتئاب ما بعد الولادة، أو اكتئاب الفترة المحيطة بالولادة لأنه يبدأ أثناء الحمل ويستمر لما بعد الولادة وتؤثر أعراضه عامةً في القدرة على رعاية الطفل وأداء المهام اليومية الأخرى.
اختصاصية نفسية : أكثر انتشاراً عند النساء ذات الظروف الزوجية والأسرية المعقدة
ضحية الاكتئاب
تعد النساء اللواتي سبق لهن الإصابة بالاكتئاب من قبل أكثر عرضة وميلاً لأن يحدث لهن اكتئاب ما عد الولادة ويصبحن متقلبات المزاج ومتهيجات ويبكين بسهولة، ولديهن أفكار حول إلحاق الضرر بأنفسهن أو صغارهن، فبعد أن عانت من اكتئاب مابعد الولادة بعد إنجاب طفلها الأول لم تتوقع جيهان (37 عاماً) أن تمر بنفس التجربة مرتين وتكون ضحية الاكتئاب وتتابع: شعرت بالضياع في المرة الأولى ولم أعد أعرف من أنا، وواجهت صعوبة بالترابط مع طفلي واحتجت لبعض الوقت لأشعر بالحب نحوه وكنت أمشي في طريق الأمومة على أنها تجربة استكشافية وأختبر الإيجابيات والسلبيات، ومع ولادة طفلي الثاني كنت أظن أنّ التجربة ستكون أسهل فقد مررت بكل ذلك من قبل ولكن بعد أربع سنوات أمرّ بنفس التجربة الصعبة مرة أخرى وأشعر باكتئاب وتشتت شديدين
نظرة سلبية
يتميز اكتئاب مابعد الولادة بتغيرات جسدية ونفسية والميل إلى التفكير السلبي الذي يؤثر في الحالة المزاجية والتي تشكل خطراً على صحة الأم والطفل في آنٍ واحد، علماً بأنه توجد حالات كثيرة لايتم تشخيصها نظراً لقلة الوعي بهذا المرض، فبعد مرور أسبوع من ولادة طفلها بدأت فاطمة (32 عاماً) تشعر بالضيق والقلق وتبكي كثيراً تجاه أي موقف يعترضها حتى إن بكاء طفلها لم تعد تستطيع سماعه، وأردفت: واجهت ضغوطاً كثيرة بعد الولادة وطلبت إجازة طويلة من عملي ما أدخلني بحالة اكتئاب وتذمر من كل الأشياء المحيطة بي إلى أن استطعت تخطي هذه المرحلة ببعض التوجيهات والنصائح من والدتي
إحصاءات
تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن حوالي 10% من النساء حول العالم يصبن باكتئاب أثناء فترة الحمل، لتصل النسبة إلى 14% بعد الولادة وترتفع النسب إلى 18% خلال فترة الحمل في الدول النامية لتصل إلى 20% بعد الولادة، وحسب دراسات أجريت مؤخراً لوحظ أن 80% من الأمهات يمررن باضطرابات نفسية 18% فقط تشخّص حالتهن و 5% منها يعالج
دعم المرأة نفسياً
تعاني الكثير من النساء بعد الولادة بنسبة كبيرة من التغيرات المزاجية بسبب التغيرات الهرمونية بعد الولادة وينعكس ذلك عليها بمجموعة من المشاعر السلبية كالانفعال المفرط والرغبة في البكاء والقلق والنسيان وعدم الراحة واضطراب في النوم بالإضافة إلى أفكار سلبية تجاه المولود الجديد وبرأي الاختصاصية النفسية مروة عبيد بأن هناك ظروفاً تبرر تلك المشاعر مثل ولادة متعسرة أو ولادة طفل به مشكلة صحيّة أو ظروف عائلية غير مريحة وعدم وجود دعم أسري واجتماعي
وتتابع: لوحظ أن هذه الحالة تكون أكثر انتشاراً عند النساء ذات الظروف الزوجية والأسرية المعقدة ومن تعاني من مشاكل اقتصادية فتصاب بحالة من الحزن واللامبالاة وعدم الاكتراث بنفسها ونظافتها وبمن حولها وتتساوى عندها الحياة بالموت وتضطرب شهيتها وتميل للهروب والعزلة
وتضيف عبيد: عند الإصابة باكتئاب مابعد الولادة تكون هناك معاناة من التعب الدائم وصعوبة التركيز واتخاذ القرارات ويظهر الاكتئاب بصورة مرض الفصام ويتصف بصعوبة الاتصال مع الناس وتكون هناك مؤشرات على أفكار انتحارية أو محاولات إيذاء الطفل، ومن الضروري هنا استشارة طبيب نفسي وتقديم الدعم الأسري والاجتماعي للمرأة وتوفير نظام صحي للأم والطفل خلال الأسبوعين الأولين من الولادة ومتابعة المرأة المعرّضة للإصابة بالاكتئاب وتحويلها للجهة المختصة لتدارك المشكلة مبكراً
العناية الطبية
من جهتها وضحت الدكتورة غزل مراد اختصاصية طب الأسرة أن الحمل والولادة من الأشياء الفيسيولوجية التي تحدث للأنثى بالإضافة إلى تغيرات هرمونية كثيرة قد تحدث تؤدي للاكتئاب وهو من الأمراض الشائعة غير المشخصة والذي يبدأ بعد الولادة إلى اليوم العاشر وتحدث فيه تصرفات غير منطقية وقد يعاود الظهور بعد الحمل الثاني ويتطلب هنا تقديم الدعم النفسي والمعنوي للأم بطريقة تزيد عن المألوف حتى لاتزيد الحالة سوءاً، وتشجيعها على الرضاعة الطبيعية لما لها من تأثير وقائي على الحالة النفسية للأم حيث يساعد إنتاج الحليب على إفراز هرمونات تمنح الأم شعوراً بالراحة والسعادة وتحد من الضغط النفسي والخوف مع ضرورة المتابعة مع طبيبة نسائية للتخلص من الاكتئاب بأقل الخسائر.
سبرياهوم نيوز 2_تشرين