آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » القطار .. ( حاصد الارواح ) .. ؟! 

القطار .. ( حاصد الارواح ) .. ؟! 

 

 

سلمان عيسى

 

في شباط من عام ١٩٧٥ قام والدي رحمه الله بحفر بئر ارتوازي، ولأنه لم يكن يعرف احدا من اصحاب الحفارات والذين هم غالبا كانوا من خارج المحافظة ، فقد استعان بال ( السكيف ) من بلدة كفرفو.

في اليوم الثاني لبدء الحفر زارنا السكيف الى مكان الحفر .. وبعد وقت قصير ركب الرجل جراره وغادرنا ، ولم تمض دقائق حتى سمعنا صوت اصطدام قوي جدا .. وفجأة شاهدنا قاطرة الجرار تطير في الهواء وقد انفصلت عجلاتها عنها .. علمنا فورا انه القطار ، وهي المرة الاولى التي نشاهد فيها حادثا على هذه الشاكلة .. هرعنا مع اعداد كبيرة من ابناء قريتي تلسنون الى حيث يتقاطع خط القطار مع طريق عام تلسنون – ارزونة .. كان منظرا تقشعر له الابدان من الحالة التي وجدنا بها الجرار والقاطرة .. والحمد لله فإن العناية الآلهية انقذت السكيف من الموت وشاهدناه وهو يسير في الحقول باتجاه بلدته ..

من يومها وقريتي والقرى المجاورة تدفع سنويا تقريبا اما خسائر مادية او مادية وبشرية، خاصة ان خط القطار منع الكثير من اصحاب الاراضي الوصول الى أراضيهم إلا عبر هذا التقاطع ..

منذ ذلك التاريخ وادارة الخطوط الحديدية السورية تعلم بكل حادث ، وتعرف تفاصيله وخسائره، ورغم ذلك لم تكلف نفسها البحث عن حل .. الحل ببساطة هو وضع حاجز حديدي يغلق يدويا عند مرور القطار .. ويفتح بعد مروره .. وهذا يحتاج الى ( كام كيلو حديد ) وبعض الاسمنت و عامل او اثنين او ثلاثة وبراكية صغيرة ..

عشرات الحوادث والضحايا لم يقنعوا المؤسسة انها مقصرة ، وانها شريكة في التسبب بهذه الخسائر لعدم تدخلها لانقاذ الارواح و الممتلكات الشخصية، بل انها تنصب نفسها مدعيا ضد ( الميت ) او الذي تضررت آليته وتطالبه بالعطل والضرر نتيجة توقف القطار .. اذا هي تعلم بكل تفاصيل هذه الحوادث .. ولم تبادر الى الحل .. اليس هذا اهمالاً متعمدا لإيزاء الناس وتعريض حياتهم للخطر ..؟!

يوم الخميس الماضي تسبب هذا الاهمال بوفاة ابن قريتنا محمود سلمان محمد وهو يقطع المعبر على دراجته النارية بتزامن مرور القطار .. نعم هذا الاهمال انهى حياة هذا الشخص كما انهى حياة الكثيرين غيره .. ولم يرف لهم جفن ..

سابقا، وقبل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي كان لدى المؤسسة الحق في ان تطنش لأن المأساة التي كانت تحدث لا يعلم بها الا اهالي المنطقة – اما اليوم فإن لحظات قلية تفصل بين الحادث و نشر الخبر مثل حادث يوم الخميس الماضي ، لذلك لن يغفر لها احد الاستمرار في اهمال هذا المعبر والكثير من المعابر الاخرى .. يكفي بلدنا ضحايا يموتون بسبب الاهمال .. ويكفي خسائر ايضا .. اذا ان القطار .. وهذا المعبر تحديدا يليق به تسمية ( حاصد الارواح ).. وشخصيا – وبناء على اهمال المؤسسة ، يجب عليها دفع التعويض لذوي الفقيد والاعتذار منهم ..؟!

في الختام نضع هذا الواقع بتصرف المدير العام الحالي للمؤسسة الذي نعرف مدى متابعاته وحرصه على المعالجة الجادة

(سيرياهوم نيوز-١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المجالس الاستشارية والمجالس التمثيلية: بين المشورة واتخاذ القرار

  حسان نديم حسن في ظل التطورات السريعة التي يشهدها العالم وتنامي أهمية المؤسسات التشاركية، تبرز المجالس الاستشارية والمجالس التمثيلية كأدوات حيوية للإدارة وتقديم الخدمات ...