د. إيمان شويخ
بالرغم من بعض المفاجآت أو المناورات أو الصّدمات التي حصلت خارج أسوار القمة العربية أو داخلها, إلا أن ذلك لم يلغي الواقع الذي طبع هذه القمة التاريخية و سيذكره التاريخ جيّدًا و هو حالة الانبهار العربي بوجود الرئيس السوري بشار الأسد بعد أكثر من عقدٍ على غيابه عن الجامعة العربية، فالقادة الذين صافحوا الأسد و أهمهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان لسان حالهم، أن الجامعة العربية و القمة العربية كانت ناقصة و لم تستطع أي دولة أخرى ملء الفراغ الذي تركته سوريا والذي خسّر المنطقة العربية الكثير من الفرص.
لكن قاعدة أن تأتي متأخرًا خيرٌ من أن لا تأتي أبدًا اعتُمدت في القمة، و كان ترحيبٌ و تأكيدٌ على الدور السوري في المنطقة و ما تركته الحرب على سوريا من ويلات طالت كل الدول و أهمها قضية النازحين السوريين، إضافة إلى خسارة بوابة تجارية هامة كانت تستفيد منها الدول المجاورة و البعيدة على حد سواء.
على أيّة حال فإن الماضي الأليم الذي كُتب على سوريا طُوي اليوم بعد أن عاد الأسد إلى القمة منتصرًا على كل المؤامرات التي كانت تهدف إلى تقسيم سوريا بما يخدم المنظمات الإرهابية و العدو الصهيوني، و مع ذلك فإن الرئيس السوري مد يده من خلال كلمته في القمة العربية إلى كل من يشعر بالندم على ترك سوريا تواجه كل الحصار و الظلم و الدماء و قطع الرؤوس و نبش القبور و قتل الأطفال…، و هو أي الأسد و بالرغم من كل ما مرت به سوريا نسي النزيف و الألم و بدأ كلمته بالقضية الفلسطينية و كأنّه يقول أن سوريا وقفت على مدى عقدٍ من الزمن لتحمي فلسطين و تساهم في تحريريها، و تحمّلت كل الغارات التي كانت و لا زالت تشنّها إسرائيل على سوريا، من أجل القضية الفلسطينية والتي كانت محور مخرجات القمة العربية.
لا يجب التسرّع في الحكم على مغادرة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قاعة القمة خلال كلمة الرئيس السوري بشار الأسد، فكسر الجليد لا يحصل بين ليلةٍ و ضحاها، فمن كان يتوقّع أن يتصافح بن سلمان مع الأسد!
أيضًا فإنّه لا يجب نسف الروح السوريّة التي كانت تخيّم على مشاهد القمّة, بعد حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى جدة و إلقائه كلمة خلال هذه القمّة، فهو عملٌ ذكي من قائد دبلوماسي هو ولي العهد محمد بن سلمان الذي يريد تصفير المشاكل ومن بينها المشكلة مع أمريكا، و بالتالي رمى لها وردة هي حضور “زيلينسكي” دون أن يكون للأخير أي حيز في ما ستحمله القمة من تداعيات على المنطقة العربية و الشرق الأوسط، فمكان زيلينسكي الطبيعي هو في الكرملين موافقًا على شروط جاره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أراد و يريد حماية أوكرانيا من مخطّطات تعبث فيها لغايات في نفس أمريكا. وفي المحصّلة فإنّه لا يمكن للعرب إلا أن يشعروا بقليلٍ من الاسترخاء السياسي بعد أعوام من التشنّجات التي حرقت الأخضر و اليابس.
كاتبة سياسية لبنانية
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم