آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » الكاتب والمترجم العراقي د. حلمي نجم اخترت الطب النفسي لأنه يولف بين رعاية الإنسان والأدب

الكاتب والمترجم العراقي د. حلمي نجم اخترت الطب النفسي لأنه يولف بين رعاية الإنسان والأدب

د. حلمي نجم كاتب عراقي جمع مابين القصة والرواية والترجمة وأخذته التواريخ إلى تراث بلده العراق وتحديداً مدينة الموصل رغم اغترابه وعمله في لندن إلّا أنه استطاع بأسلوبه المتميز طرح قضايا ومواضيع امتزجت مضامينها بالحنين والطفولة والمعاناة وذلك عبر انسجام وتناغم فكري وثقافي وظفها الكاتب من خلال قصصه الإبداعية بلغة تصويرية استبصارية عميقة الدلالة والمعنى وزاد من جمالية إبداعه الترجمة التي تغني العمل الأدبي من خلال انتشاره بدول أخرى. يعتبر أنّ عمله كطبيب نفسي له دور في خلق الكثير من القصص التي تناولها بأسلوب سردي مميز.
وللحديث حول تجربة الكاتب د. حلمي نجم كان للحرية معه هذا الحوار..

*-الموصل وبيئتك ماذا قدمت لك كطبيب وأديب وكيف كانت رحلتك في عالم الأدب؟
**_تبقى الطفولة والمراهقة والشباب من أهم وأخصب الفترات التي يعيشها الإنسان، فكيف بالأديب؟ تكون فترة نشوء وتكوين الأحاسيس والمشاعر، وتفاعل الشخص بالمحيط والعائلة والناس والمجتمع وإرهاصاته وتطوره.
عندما يكون الطفل بحواسه الغضة وحسه المرهف وبراءته منفعله بالمحيط، يدرك الأشياء نقية صافية ويتأثر بها فتنقش بوعيه ووجدانه كما النقش على الحجر كما يقال.
ولذلك تعد بيئة الإنسان الأولى طاغية على مجمل حياته ، ويبقى يتذكرها على مدى حياته، ويتضاعف هذا التأثير إذا غادرها واغترب خصوصاً إذا كانت الغربة قسرية , وإذا كانت الزيارة أو العودة غير ممكنة
وكما قال شاعرنا الموصلي أبوتمام
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى. ما الحب إلّا للحبيب الأول
كم منزل بالأرض يعشقه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل
الموصل هي الأم و الأخت ،هي الحبيبة والمعلمة فلولا الموصل لما رأينا النور، ولولاها لما تعلمنا فك الخط و لما درسنا الطب ولولا مرضانا لما تعلمنا ممارسته.
فهي حاضرة بكل يوم وكل دقيقة من حياتنا ، وأصبحت حاضرة أكثر بعد الاغتراب وما مر بها من ويلات، فتعقدت تلك العلاقة والذكريات، وامتزجت بالحب والحنين والذكرى والافتقاد والحزن والشعور بالذنب ، وكما تعلمين فإن الفن والأدب هو مزيج من الوعي واللاوعي، وقد يكون تأثير الثاني هو الأكثر، فتظهر بالسلوك اليومي، والعمل الأدبي، وهذا ما أحاول جاهداً عمله كجزء من وفاء الدين .
وكما يقول الشاعر نزار قباني مخاطباً دمشق
أنت النساء جميعاً ما من امرأة أحببت قبلك إلا خلتها كذبا.
*-لماذا اخترت كتابة القصة وليس الرواية وما الفرق بينهما برأيك وهل قارىء اليوم يتجه للقصة أو الرواية؟
**_لعل الكتابة أو الإبداع هي عملية قسرية، عندما ينفعل الإنسان ،ويرتفع ضغط الانفعال، يبدأ بالبحث عن متنفس أو طريقة يقلل بها هذا الضغط أو يشعر أنه بحاجة للبحث عن شيء افتقده، فيبدأ بالبحث والتنقيب من خلال اكتشاف مكونات وعيه ولا وعيه، وقد تكون هي طريقة لتفريغ شحنات، قد تؤدي إلى الانفجار إن لم تتحرر وقد تكون طريقة يتحرر بها المبدع من هذه الأزمات قبل أن يحدث الانفجار، وفي بعض الأحيان يتحرر منها، فيبدو لنفسه على الأقل، أكثر نقاء وشفافية مما كان عليه قبل تلك الإرهاصات، ولهذا يكون شكل الإبداع مفروضاً على المبدع أكثر مايكون اختياراً، لأنه يجد ذاته في ذروة هذه العملية التي تكون في بعض الأحيان شاقة ومؤلمة كما يقول نيتشة ( صدقوني أن لا لذة بالولادة، ما دام الشاعر يبدع وهو يتألم والدجاجة تضع البيضة وهي تصيح)
والإجابة عن سؤالك ،لا أدري بالضبط، لعل ما استهواني بها أن مبدعيها على المستوى العالمي كانوا أطباء مثل أنطوان تشيخوف وسومرست موم وعلى المستوى العربي يوسف إدريس وكلهم أطباء، أو لعلها بوقعها السريع ، وتأثيراتها النفسية العميقة، هو ما استفزني.
*-كطبيب نفسي هل كان لمجالك دور في مسيرتك الإبداعية وترجمة ذلك كقصص؟
**_لعل العكس هو الصحيح، حيث كنت أكتب القصة والمقال قبل دخولي الكلية الطبية وربما اخترت الطب النفسي لأنه يولف بين الطب وشغفه ورعايته للإنسان، والأدب وتعامله مع ذروة الأزمات والانفعالات التي تعتري الإنسان والمجتمع وتهدد كينونته، ويحاول تجسيدها ثم يجد لها الحلول، فيجعل الواقع أكثر جمالاً، والفرد والمجتمع أكثر مرونة بالتعامل مع تلك الأزمات، ويستشرف مستقبلاً أكثر بهجة ورقياً ويدفع الفرد والمجتمع لمقاومة القهر والإذلال ويبشر الجميع بأن أسعد اللحظات هي التي لم تأتِ بعد.

*_ماذا تحدثنا عن تجربتك في الترجمة وهل الكتب المترجمة تأخذ شهرة أكثر برأيك ؟
**_لعلي اتفق مع مقولة أن الترجمة خيانة، ولكنها خيانة جميلة، لأنها إبداع بحد ذاتها، وقد تتطلب مهارات أكثر من الإبداع، حيث تتطلب إتقان لغتين بشكل كامل، وكذلك المرونة والقدرة على تطويع النص إلى اللغة الثانية من دون الإخلال بمستواه الإبداعي والرمزي ، وبالتالي، قد تتطلب جهداً أكبر وصبراً أعظم.
وتبقى الترجمة عملية إبداعية قد تغني العمل الأدبي وتسهم بالتنوير باللغة التي تنقل إليها ، وبهذا تستحق أن تشتهر والأمثلة على الترجمة المبدعة كثيرة ، كترجمة أحمد رامي لرباعيات الخيام وترجمة أحمد حسن الزيات لآلام فرتر لشاعر ألمانيا المبدع غوته.
وقد نجحت تلك الترجمة لأن المترجمين شعراء وأدباء أصلاً.
تجربتي بالترجمة كانت ممتعة للغاية، لأني كنت أدرس الطب باللغة الإنكليزية ، وبما أني شغوف بقراءة الأدب، استهوتني قراءته باللغة الانكليزية، ومن ثمة أغرتني ترجمته، وكانت هناك بالعراق مجالات أدبية باللغة الإنكليزية ،مثل soviet literature
فبدأت أترجم منها بعض القصص التي كنت استمتع بقراءتها، وأنشرها بالمجلات والصحف العراقية وكان مردودها المادي جيداً بذلك الوقت، وعندما تخرجت،وكنت أعمل معيداً بكلية الطب، وأعدّ نفسي للدراسة بإنكلترا، استهوتني الترجمة ثانية، فكانت خير إعداد لي.
صدر للكاتب والمترجم العراقي د. حلمي مجموعة قصصية بعنوان/عندما التقيت ملتون/ وفي الترجمة نذكر / قد تكون أنت (أنشطار الذهن) لـ بيتر مالكير. و/علم النفس التجريبي/لـ وليام بارينز.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

يوم للغة العربية وموعده “اقرأ”: نوقش الموعد مرة واحدة عام 2008, فهل سيناقش مجددا في 11 اب 2025، وعلى مرأى ومسمع من السوريين؟

        ا. د. جورج جبور صاحب فكرة يوم اللغة العربية بقرارسوري لم يعلم به السوريون     اتابع صباح هذا اليوم الخميس ...