ىأيد الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بالأغلبية، الأربعاء، اقتراحا يدعم “ضم” الضفة الغربية المحتلة، في خطوة يتوقع أن تثير رفضا عربيا ودوليا واسعا باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي.
وقالت القناة “12” العبرية الخاصة، إن 71 نائبا من أصل 120 صوتوا لصالح الاقتراح وعارضه 13.
وفي وقت سابق الأربعاء، قالت القناة “14” العبرية، إن “الاقتراح الذي بادر به أعضاء الكنيست سيمحا روتمان (الصهيونية الدينية) وليمور سون هار ميليش (القوة اليهودية) ودان إيلوز (الليكود)، هو اقتراحٌ تصريحيٌّ فقط وليس له أي قوة قانونية مُلزمة، ولكنه يحمل ثقلًا رمزيًا وتاريخيًا كبيرًا”.
من جانبها، قالت القناة السابعة العبرية، إن “المذكرة التوضيحية للمقترح على أن: أراضي يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وغور الأردن جزء لا يتجزأ من الوطن التاريخي للشعب اليهودي”.
ووفق المذكرة التوضيحية، فإنه “في ضوء أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 والإجماع الوطني الواسع المعارض لفكرة إقامة دولة فلسطينية، يتزايد الإدراك لضرورة اتخاذ خطوة استراتيجية وأخلاقية وأمنية لضمان مستقبلنا في هذه الأرض”.
وتابعت المذكرة: “إن تطبيق السيادة (الضم) الإسرائيلية على هذه المناطق سيرمز إلى التزام دولة إسرائيل بالرؤية الصهيونية، وبتعزيز السيطرة اليهودية على هذه الأجزاء من الوطن، والدفاع عن مواطنيها”.
وادعت أن “هذه الخطوة ستوضح للعالم أن إسرائيل لن توافق على حلول تتضمن تنازلات إقليمية خطيرة، وأنها ملتزمة بمستقبلها كدولة يهودية آمنة” وفق تعبيراتها.
وتدعم الحكومة الإسرائيلية هذه الخطوة في الضفة الغربية المحتلة، لكنها لم تقرر رسميا حتى الآن ضم أي أجزاء من الضفة.
وصوّت الكنيست بالأغلبية في يوليو/ تموز 2024 على رفض قيام دولة فلسطينية.
ويأتي تصويت الكنيست على قرار “الضم” بينما يستعد لدخول عطلته الصيفية التي تستمر 3 أشهر اعتبارا من 27 يوليو/ تموز الجاري.
وعلى مدار أشهر الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، تصاعدت دعوات مسؤولين إسرائيليين بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، كان أبرزها في 2 يوليو الجاري حينما وجه وزراء حزب “الليكود” الـ14، ورئيس الكنيست أمير أوحانا، رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، دعوه فيها إلى المصادقة على قرار بضم الضفة.
وواجهت تلك الدعوات رفضا عربيا ودوليا واسعا باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي أكدت جميعها ضرورة “زوال الاحتلال من جميع الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية”.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان في الأراضي المحتلة “غير قانوني”، وتحذر من أنه يقوض إمكانية معالجة الصراع وفقا لمبدأ حل الدولتين، وتدعو إسرائيل منذ عقود إلى وقفه دون جدوى.
وفق المحامي الفلسطيني صلاح موسى توجد فوارق بين “السيادة” و”الضم” و”فرض القانون الإسرائيلي”.
ويوضح في حديثه لـ”الجزيرة نت” أن فرض القانون الإسرائيلي على مستوطني الضفة يعني خضوعهم للقوانين المدنية الإسرائيلية، وخروجهم من تحت سلطة الحاكم العسكري ووزير الدفاع، وهذا مخالف للقوانين الدولية كون المستوطنات تقع في أرض محتلة.
وأضاف أن “الضم” دائما يكون لأراض احتلت عسكريا، وفي الحالة الفلسطينية، والمنطقة “ج” تحديدا، فإن “إعلان الضم قرار سياسي بحاجة لأن يتحول إلى قرار قانوني، وهذا يتم من خلال السلطة التشريعية حيث تتخذ الكنيست قرارا بفرض القانون الإسرائيلي على الأراضي المضمومة، وهو ما ينتج عنه فرض السيادة”.
وتابع أن ممارسة السيادة تتم من خلال الأدوات التشريعية والتنفيذية وتكليف الجهات ذات العلاقة بالإجراءات اللازمة.
وعن مصير سكان المنطقة “ج” من الفلسطينيين في حال الضم وفرض السيادة، قال إنهم أمام 3 خيارات:
الحصول على الجنسية الإسرائيلية بكامل الحقوق وهو خيار ضعيف.
-
حالة تشبه وضع فلسطينيي القدس الشرقية “إقامة دائمة” وهو مستبعد أيضا.
-
أما الخيار الثالث والمرجح فهو اعتبارهم مواطنين فلسطينيين يقيمون في أرض تابعة لإسرائيل مع احتفاظهم بهوياتهم الفلسطينية والخدمات المقدمة لهم من السلطة الفلسطينية، لكن مع تقييد البناء.
وقسمت اتفاقية أوسلو 2 عام 1995 أراضي الضفة إلى “أ” وتشكل 21% وتخضع للسيطرة الفلسطينية بالكامل، و”ب” وتشكل 18% وتخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، والمنطقة “ج” وتقع تحت سيطرة إسرائيلية.
سياسيا، يقول المستشار السياسي السفير أحمد الديك إن موضوع الضم أو فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة وتطبيق القانون الإسرائيلي “عملية استعمارية عنصرية متواصلة منذ فترة زمنية طويلة، وتكثفت منذ أن اعتلى نتنياهو سدة الحكم عام 2009، وتكثفت بشكل أكثر في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة”.
وأضاف أن ما يصرح به سموتريتش ونتنياهو عمليا “يمارسانه على الأرض في جريمة الإبادة والتطهير العرقي لجميع مظاهر الوجود الفلسطيني في المناطق المصنفة “ج” التي تشكل ما يزيد على 60% من الضفة الغربية، والتعامل معها كعمق إستراتيجي للاستيطان”.
وتابع أن المسؤولين الإسرائيليين يتحدثون عن الضم “وكأن القدس خلف ظهورهم، وهي التي اتخذ فيها قرار بالضم اعتمد في الكنيست، وشرعه ووافق عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2017”.
وأفاد المستشار السياسي بأن الحكومة الإسرائيلية تحاول عزل المناطق التي يتم ضمها عن أي محيط فلسطيني وتفريغها من سكانها الفلسطينيين، وبالتالي تغيير معالمها وهويتها والواقع التاريخي والقانوني، حيث تأخذ طابعا إسرائيليا بحتا.
وذكر أن أبرز إجراء يأخذونه هو إغراقها بالمنطقة بالاستيطان والمستوطنات، بما في ذلك تغيير الأسماء من عربية إلى عبرية.
وفاة حل الدولتين
وقال المستشار السياسي إن الإعلان عن فرض السيادة الإسرائيلية والتوجه إلى الكنيست وسن تشريعات سيترتب عليه الحصول على اعتراف أميركي به “وهذا يقوض أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض وبمثابة شهادة وفاة لما يسمى حل الدولتين الذي عليه إجماع دولي”.
وبشأن الخطوات الفلسطينية المضادة، أشار إلى تحرك دبلوماسي في أنحاء العالم من خلال السفراء والسفارات حول تصريحات الوزراء وأعضاء الكنيست بمنع قيام دولة فلسطينية، والتواصل مع صناع القرار في أنحاء العالم “لفضح هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي والاستخفاف الفج بقرارات الشرعية الدولية، والإبادة السياسية لقرارات الشرعية الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني، كوجه آخر لحرب الإبادة التهجير في قطاع غزة”.
وأشار المسؤول الفلسطيني إلى استمرار التحرك الفلسطيني لتطبيق قرار محكمة العدل الدولية والقاضي بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، وفي مسار المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
شطب الدولة
بدوره، يقول المحلل السياسي ومدير مركز القدس للدراسات أحمد رفيق عوض إن ضم الضفة وتطبيق القانون الإسرائيلي يستهدفان الأرض الفلسطينية، وليس السكان “بمعنى أن الفلسطيني لن يحصل على الجنسية الإسرائيلية، في وضع يشبه الوضع القانوني لسكان القدس ضيوف وغرباء في وطنهم”.
وأشار عوض في حديث لـ”الجزيرة نت” إلى تحول الفلسطينيين إلى درجة ثانية أو ثالثة في التعامل من خلال خضوعهم لقانون مختلف عن القانون الإسرائيلي المطبق على المستوطنين “بلا مواطنة أو حقوق سياسية”.
وذكر أن تطبيق القانون الإسرائيلي على الأرض وليس على السكان “هدفه طرد الفلسطينيين والتعامل معهم بطريقة تسمح لإسرائيل بالتحكم بهم وبمصيرهم ومنع تطورهم وتهيئة الظروف لتهجيرهم، والحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية، مع وضع مستقبل السلطة الفلسطينية على المحك”.
وفي حال حصول ضم حقيقي لأرض الضفة الغربية “فلن يكون أي وجود للسلطة الفلسطينية وبالتالي إنهاؤها وتفكيكها، أو تبقى لتقوم بدور إداري خدماتي دون أي صفة سياسية كما يريدها الفلسطينيون”، وفق المحلل الفلسطيني.
من جهته قال حسن الشيخ نائب الرئيس الفلسطيني، الأربعاء، إن مطالبة الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) للحكومة بفرض السيادة على الضفة “تصعيد خطير يقوض فرص السلام”، داعيا دول العالم إلى الاعتراف بدولة فلسطين.
جاء ذلك في تغريدة على حسابه بمنصة “إكس”، بعد تأييد الكنيست بالأغلبية اقتراحا يدعم “ضم” الضفة الغربية المحتلة.
وذكر الشيخ أن الخطوة التي قام بها الكنيست “ليست فقط اعتداءً مباشرا على حقوق الشعب الفلسطيني، بل أيضا تصعيدا خطيرا يقوّض فرص السلام والاستقرار وحل الدولتين القائم على التفاوض، والذي يفرض ويحمي الأمن الإقليمي”.
وأضاف أن “هذه الإجراءات الإسرائيلية الأحادية، تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي والإجماع الدولي المستمر بشأن وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الضفة الغربية”.
ودعا المجتمع الدولي إلى “الانتصار للشرعية الدولية ولقراراتها، والعمل على وقف هذه الانتهاكات ومنع ترسيخ واقع الاحتلال بالقوة”.
وحث الشيخ دول العالم على “الاعتراف بدولة فلسطين وإدانة وشجب هذا القرار”.
وفي وقت سابق الأربعاء، أيد الكنيست اقتراحا يدعم “ضم” الضفة الغربية المحتلة، في خطوة يتوقع أن تثير رفضا عربيا ودوليا واسعا باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي.
ووفق القناة “14” العبرية، فإن “الاقتراح الذي بادر به أعضاء الكنيست سيمحا روتمان (الصهيونية الدينية) وليمور سون هار ميليش (القوة اليهودية) ودان إيلوز (الليكود)، هو اقتراحٌ تصريحيٌّ فقط وليس له أي قوة قانونية مُلزمة، ولكنه يحمل ثقلًا رمزيًا وتاريخيًا كبيرًا”.
وتدعم الحكومة الإسرائيلية هذه الخطوة في الضفة الغربية المحتلة، لكنها لم تقرر رسميا حتى الآن ضم أي أجزاء من الضفة.
اخبار سورية الوطن 2ـوكالات _راي اليوم