آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الكيان…. الرقصة الأخيرة (الجزء الثاني)….

الكيان…. الرقصة الأخيرة (الجزء الثاني)….

 

باسل علي الخطيب

شارون كان ممتلئاً بالحلم التوراتي، دولة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات، ذات عدوان على لبنان 1982 (خدع) شارون مناحيم بيغين، ربما سحرته صورة الامبراطور هيرو هيتو وهو يقف بين يدي الجنرال دوغلاس ماك ارثر، عندما استسلمت اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية…..

كانت الخطة تقضي بالوصول الى جسر الاولي جنوب مدينة صيدا، اتخذ الجيش الصهيوني الطريق الساحلي حيث الطريق اسرع إلى بيروت، والعملاء أكثر، لاسيما بعد الخسائر التي تكبدوها في القطاعين الشرقي والاوسط، ولكم في معركة قلعة (الشقيف) مثالاً واضحاً على ذلك، عدا عن ذلك، شارون كان يريد انتصاراً تلفزيونياً أنه أول قائد صهيوني يحتل عاصمة عربية، انتصار يوصله إلى سدة رئاسة الحكومة في الكيان….

ايام تلت، سيارة الجيب التي كان يستقلها تصل الى فناء القصر الجمهوري في بعبدا، نزل من السيارة وحاول التوجه الى الداخل لكي يفاجئ الرئيس الياس سركيس، ثمة من نبهه قد يكون هناك بين الحراس الرئاسي من يطلق عليك النار…

في الجانب الآخر من البقاع، دبابات شارون كادت تلامس طريق بيروت – دمشق، صار على بعد خطوات من السلسة الشرقية لجبال لبنان، يبدو أنه استحضر في ذاكرته الجنرال الفرنسي غورو عندما دخل دمشق عام 1920، ولكن من قال أنه عندنا يوسف العظمة واحد فقط؟؟!!…..
بمجرد أن تحرك اللواء المدرع الصهيوني الثمانين باتجاه طريق دمشق – بيروت، وفي مرج السلطان يعقوب، قابلته القوات السورية، وتحديداً الوحدات الخاصة، بضعة ساعات من المعارك الضارية، والنتيجة تدمير اللواء المدرع الصهيوني، ولولا مؤازرة الطيران الحربي الصهيوني لأسر الكثير من عناصره، على فكرة لم تتدخل في هذه المعركة دبابات ال T72 بشكل كبير، لعدم الحاجة إلى تدخلها، ولم نخسر سوى دبابة واحدة…
استعضنا عنها بدبابة إبرام. استولينا عليها في تلك المعركة…

هاجس إسرائيل الكبرى الذي انفجر في خلفية راس شارون عندما دخل بيروت الشرقية، تحطم في مرج السلطان يعقوب….
سنوات تلت، المقاومة الوطنية اللبنانية تقفل على هذا الحلم بالشمع الاحمر، عندما كان آخر جندي صهيوني يغلق بوابة فاطمة منسحباً من الجنوب، خمس سنوات تلت بعد ذلك، شارون يعلن موت ذاك الحلم بالانسحاب من غزة، أشهر بعد ذلك دماغ شارون نفسه ينفجر…
ودخل شارون الغيبوبة، ومعه دخلها الكيان….

هنا ظهر إلى الواجهة السياسية جيل (الصابرا)…..

من المعروف أن العناصر الأساسية المكونة للمجتمع الصهيوني تتألف من اليهود الأشكنازيم (يهود الغرب و أميركا و شرق أوروبا)، و اليهود السفارديم ( يهود البلاد العربية و الإسلامية)، لكن ثمة عنصر تولد من العنصريين السابقين و بات يعرف باسم (الصابرا)، و هو لقب يطلق على الصهاينة المولودين في فلسطين المحتلة، لتمييزهم عن اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين من مناطق العالم المختلفة….

هؤلاء يتميزون بالثقة الزائدة بالنفس و الإمكانيات و القدرات العسكرية و القتالية، و هي ثقة تصل حد الغرور، و لعل ذلك عائد إلى إنهم ولدوا بعد نجاح الصهيونية في إقامة الكيان كأمر واقع….

جيل الصابرا نشأ على اللغة العبرية و درس بها، و يفكر عبرها، و لغة المرء جزء من بيئته و من تفكيره، لذلك، يميل هذا الجيل إلى الواقعية، و لا يحب مثالية الآباء المتشكة في بلاد مختلفة، فهو جيل ولد بعد تحديات لم يعد يرى ضرورة التوجس منها….

كما أنه جيل مادي، لا تعنيه القيم الروحية و الإيديولوجية، فهذا الجيل الذي نشأ بعد تحقيق أهداف الصهيونية، لم يعد متمسكاً بالمثالية، و رغم إعجابهم بجهود آبائهم، لكن هذا الجيل يرى نفسه مستقلاً عنهم ،و هو جيل صهيوني خالص تربى داخل فلسطين المحتلة، و لم يمر بالتجارب التي مر بها جيل الآباء والاجداد، و تخلصت شخصيته تقريباً من العقد و الخبرات التي اكتسبها ذاك الجيل….

من صفات جيل الصابرا، أن صلتهم بالدين ضعيفة، لكن تشبعهم بالقومية الصهيونية قوي جداً، فهم يرون أنفسهم صهاينة أكثر من كونهم يهوداً، و اليهودية عندهم ذات بعد قومي أكثر منها ديني….

من ميزات هذا الجيل أيضاً أنه لا يهتم بإنشاء مجتمع مثالي، لذا هم أقل ثقافة و أقل تمسكاً بالقيم، و من هنا الاتجاه الفردي أقوى في هذا الجيل من الاتجاه الجماعي…

سياسة أفراد هذا الجيل في حكم الكيان، والذين على رأسهم بنيامين نتنياهو، تتمحور حول الذات الصهيونية و القدرة على الاحتفاظ بهذه الذاتية داخل محيط الشرق الأوسط، و هم لا يكتفون بتمييز أنفسهم عن العالم المحيط بهم، بل يميزون أنفسهم على بقية فئات المجتمع الصهيوني بصفتهم صهاينة، أي مولودين في الكيان و تربوا في الكيان و لهم ثقافتهم الخاصة….

يؤمن هؤلاء أن الأسلوب الأوحد للتعامل مع العرب هو القوة، و يميلون إلى استخدام القوة لإجبار العرب على قبول فكرهم السياسي، ومفهوم القوة عندهم لا يقف عن حدود القوة العسكرية، بل هو مفهوم شامل يتضمن القوة السياسية و الاقتصادية، و اعتبار القوة العامل الأساسي في حسم الصراع من اجل البقاء…

تتميز شخصية هؤلاء بروح الاستعلاء، و عدم المبالاة بالغير و الانغلاق على الذات، و أغلبهم مصاب بجنون العظمة…
أبناء هذا الجيل، هم عموماً شخصيات مستفزة و مغرورة إلى حد كبير، لديهم قدرة فائقة على تحدي الحقائق و اختلاق الأكاذيب و التمرد على القوانين و المعاهدات، لا يؤمنون بالشرعية الدولية، فضلاً عن البرود في المشاعر و الغلظة في المعاملة و عدم الإحساس بالذنب، لا يؤمنون بأهمية السلام انطلاقاً من مفهوم القوة الشاملة…

على هذا الأساس، قاموا بتحول مسار الكيان من (استراتيجيات السلام) التي حاول أن يقودها رابين و بيريز، إلى استراتيجية الحرب، اعتماداً على إحساس عظيم بالقوة، على فكرة هم من اغتال رابين جسدياً و بيريز سياسياً….

هذا الإحساس الزائد بالقوة هو من يدفع أبناء هذا الجيل إلى التمادي بالتهديد باستخدام القوة العسكرية والدخول في الحرب، عند هذا الجيل إيمان مطلق فيما يسمى صهيونياً بأرض إسرائيل من النيل إلى الفرات، و يعتقدون أن تقدم الصهيونية مرتبط باضطهاد العرب، و عدم التنازل عن الأراضي المحتلة، و تعزيز المستوطنات، و الاستيلاء على الأراضي، و استخدام القوة لتحقيق ذلك….

يتبع……
(موقع سيرياهوم نيوز-2)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ماذا يعني أن تصل مُسيّرة “حزب الله” المُباركة إلى غُرفة نوم نتنياهو في قيساريا؟ ثأرًا أوّليًّا للسنوار أمير الشهداء أمْ تمهيدًا لما هو أخطر؟

عبد الباري عطوان أمير الشهداء، وشيخهم، يحيى السنوار خرج من مقر قيادته تحت الأرض في قطاع غزة مُمتشقًا ببُندقيّته، ومُزنّرًا وسطه بالقنابل اليدويّة، ليُقاتل الأعداء، ...