ارتفعت حدّة التوتر داخل المجتمع الإسرائيليّ على خلفية ازدياد عدد القتلى في صفوف جيش الاحتلال، إذْ وصل في الأسبوع الأخير إلى 15 قتيلاً، بعدما أعلن صباح الأحد الناطق العسكريّ الإسرائيليّ عن وفاة أحد الجنود الذي كان قد أصيب بجراحٍ صعبةٍ في الأسبوع الماضي.
وللتدليل على عمق المأساة التي يعيشها الإسرائيليّ في هذا اليوم، تكفي الإشارة إلى أنّ جميع وسائل الإعلام العبريّة، وعلى مختلف مشاربها، نعتت مقتل الجنود الثمانية أمس في رفح بالمأساة أوْ حتى الكارثة، فيما تُواصِل القوى المناهِضة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو وحكومته المظاهرات وإغلاق الشوارع الرئيسيّة الواصلة بين منطقة المركز والشمال، وبين تل أبيب والقدس المُحتلّة.
وفي مقالٍ بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة شدّدّ المُستشرق الإسرائيليّ، د. ميخائيل ميليشتاين، على أنّ حركة (حماس) هزمت الكيان مرّتيْن، الأولى في السابع من أكتوبر، والثانية في الحرب التي تقودها إسرائيل ولم تثمر عن تحقيق أهدافٍ إستراتيجيّةٍ، مثل إعادة المخطوفين والقضاء على حماس.
وتابع قائلاً: الحدث الصعب في رفح، أيْ مقتل الجنود الثمانيّة، يؤكّد بشكلٍ لا لبس فيه نجاح حركة (حماس)، حتى بعد إصابة البنية التحتيّة العسكريّة للتنظيم، إذْ أنّ عددًا قليلاً من الخلايا التابعة للحركة أوْ حتى “إرهابيين” معدودين، يقومون بجرّ إسرائيل إلى حرب استنزافٍ، تمنع تهدئة الأوضاع والسيطرة عليها، كما أنّ (حماس) أوضحت لإسرائيل أنّها هي التي تحكم القطاع، ولا يوجد غيرها”، طبقًا لأقواله.
وقد أقر الجيش الإسرائيليّ، مساء أمس السبت، بمقتل 8 عسكريين في صفوفه بمعارك جنوب قطاع غزة، بعد ساعات من إعلان (كتائب القسام) الجناح العسكري لحركة حماس تنفيذ “كمين مركب” استهدف جنودًا إسرائيليين وإيقاعهم بين قتيل وجريح في مدينة رفح جنوبي القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب إنّ 8 عسكريين قتلوا في معارك جنوب قطاع غزة، أحدهم الضابط برتبة نقيب وسيم محمود، وهو نائب قائد السرية في كتيبة الهندسة (601)، وأعلنت لاحقًا عن الأسماء جميعها.
ووفقًا لمعطيات الجيش الإسرائيليّ، يرتفع عدد الجنود القتلى منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى 658، بينهم 306 بالمعارك البرية التي بدأت في 27 من الشهر نفسه. كما أشارت المعطيات إلى إصابة 3835 ضابطًا وجنديًا منذ بداية الحرب، بينهم 1936 بالمعارك البريّة.
من جانبها، قالت صحيفة (يديعوت أحرنوت) العبرية على موقعها الالكترونيّ، إنّ قتلى الجيش الثمانية كانوا يستقلون مدرعة قرب مخيم تل السلطان في رفح، حيث اصطدمت بعبوة ناسفة وهي في طريقها لأحد أماكن تمركز القوات جنوبي القطاع.
علاوة على ذلك، لفتت القناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ إلى أنّ الجيش ما زال متواجدًا في مكان استهداف المدرعة، وشدّدّت صحيفة (هآرتس) العبريّة في تقريرها على أنّ التحقيق الأوليّ للجيش يؤكِّد أنّ المدرعة الإسرائيليّة أصيبت بصاروخٍ أطلقته حركة (حماس)، الأمر الذي أدّى إلى تفجرّها ومقتل جميع مَنْ كان فيها.
وقالت (كتائب القسام) في منشور عبر منصة تلغرام: “مع صبيحة يوم عرفة، نفذ مجاهدونا كمينًا مركبًا ضد آليات العدوّ المتوغلة في منطقة الحي السعودي بتل السلطان غرب مدينة رفح”.
وأضافت: “تمّ استهداف برج جرافة عسكرية من نوع D9 بقذيفة الياسين 105، ممّا أدى إلى اشتعاله وإيقاع طاقمها بين قتيل وجريح”.
وأوضحت أنه فور وصول قوة الإنقاذ تم استهداف ناقلة جند من نوع (نمر) بقذيفة (الياسين 105) ما أدى إلى تدميرها ومقتل جميع أفرادها، بحسب البيان.
وفي بيان آخر، قالت إنّها “قصفت بالاشتراك مع سرايا القدس موقع صوفا العسكري (جنوب إسرائيل) برشقة صاروخية”.
كما استهدفت (القسام) مقر القيادة الإسرائيلية في محور نيتساريم غرب غزة بصواريخ (رجوم) قصيرة المدى من عيار 114 ملم، بحسب البيان.
وقال الناطق العسكريّ بلسان جيش الاحتلال، دانيئيل هاغاري، في مؤتمر صحافي بثته القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إنّ إعادة جميع المحتجزين بقطاع غزة لن يكون عبر العمليات العسكريّة، مؤكّدًا في الوقت عينه “نحن نعمل على تهيئة الظروف لعودة جميع المختطفين في أسرع وقت ممكن”، طبقًا لأقواله.
إلى ذلك، وفي حديثٍ إذاعيٍّ قال اللواء المتقاعد، إسحاق بريك، إنّ إسرائيل تسير نحو هزيمة إستراتيجيّةٍ في غزّة، والتي لم نشهد لها مثيلاً منذ إقامة إسرائيل، الحرب هناك لا جدوى منها، وهي مستمرّة لسببٍ واحدٍ فقط وهو حفاظ بنيامين نتنياهو على منصبه”، على حدّ تعبيره.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم